الشريط الإخباري

ولائم جنائزية لتكريم الموتى إبداع تدمري خالص

دمشق-سانا

مثلت المنحوتات في المدافن التدمرية مشهدا يعكس طبيعة الحياة الاجتماعية في هذه المدينة ومنها إقامة الولائم الجنائزية والتي تعد واحدة من أهم مظاهر تكريم الموتى في عروس الصحراء.

وللولائم الجنائزية التدمرية طقوس معينة يشترك فيها أهل وأقرباء المتوفي بتناول الطعام الذي يقدم على روح الميت حيث تظهر المشاهد الجنائزية المنحوتة من الحجر أشخاصا يحملون كأسا بداخله حبات تشبه حبة اللوز كانت تزين بها اطعمة الشرقية وتشبه ما يسمى حاليا ب “السليقة” وبإغريقية “كوليفا” والتي تقدم في أربعينية المتوفى.

وفي تصريح لـ سانا أوضح الدكتور خليل الحريري مدير متحف تدمر الوطني أن المدافن التدمرية عبارة عن ثلاثة أنواع وهي “البرجية” وتعد من أقدم أنواع المدافن وتعود للقرن الأول قبل الميلاد وهي مربعة الشكل تقوم فوق مصطبة مدرجة وتتألف من عدة طوابق بينها درج حجري وأجمل نماذجها مدافن “إيلابل ويمليكو وكيتوت”.

أما “المدافن الأرضية” بحسب الحريري فتعود للقرن الأول قبل الميلاد ولها مخطط ذو جناح رئيسي وأجنحة فرعية كسيت من الداخل بطبقة من الجص ونفذت عليها بالألوان مشاهد من الحياة والأساطير وصور الموتى والزخارف الهندسية والنباتية والكتابات وأجملها مدفن الأخوة الثلاث ونصر اللات ويرحاي.

وبين مدير متحف تدمر أن “المدافن البيتية” تعود لنهاية القرن الأول الميلادي وتتألف من طابق واحد يتقدمه مدخل وباب من الحجر المنحوت في داخله باحة مكشوفة تحيط بها أروقة تحمل سقوفا وحولها مصاطب بنيت فيها المعازب ومن أجملها مدفن عيلمي بن زبيدا والقصر الأبيض وقصر الحية.

وذكر الحريري أن الاطعمة الجنائزية احتلت مكانة كبيرة في ديانة المعابد التدمرية موضحا أنها كانت تضم الوليمة الدينية والوليمة الخالدة فأولى هي تهيئة للثانية مشيرا إلى أن المنحوتات تبين أن الولائم الجنائزية كانت تختلط فيها صور أحياء بصور أموات فنرى الزوجة مع الزوج ولا يعني ذلك أنها سبقته للعالم الآخر.

واعتبر الحريري أن الوليمة الجنائزية التدمرية تقدم صورة عائلية يبدو فيها رب أسرة وزوجته وأولاد في وضع أسري محبب وأليف يدل على الحياة المشتركة يلبسون فيها أجمل الثياب وتتزين فيها النساء بالحلي كما حرص الأغنياء أحيانا على إظهار الخدم في مشهد الوليمة الجنائزية التي تعتبر عملا إنسانيا وغير كهنوتي أو إلهي.

واتسمت المنحوتات الجنائزية في تدمر بالتماثيل النصفية التي نقش ألواح مستطيلة تحمل كل واحدة اسم المتوفى وعمره وعبارة “وا أسفاه” أما الأكثر أهمية في النحت التدمري فهو السرير الجنائزي وعليه مشاهد من الوليمة الجنائزية وكل سرير يتصدر المدفن أو جناحاً منه.

عدنان الخطيب