توقعات بفشل محاولات ماكرون امتصاص الغضب الشعبي وباستمرار المظاهرات

باريس-سانا

تشكل الاحتجاجات الشعبية التي تشهدها فرنسا تنديدا بالسياسات الاقتصادية للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أكبر تحد يواجه ماكرون الذي تشهد شعبيته انخفاضا مطردا ما يهدد مستقبله السياسي الأمر الذي أجبره على المسارعة لمراجعة قرارات حكومته بل وإلغائها في وقت لاحق تحت ضغط الشارع الغاضب.

وبدأت المخاوف من عواقب اتساع الاحتجاجات واستمرارها تسيطر على ماكرون وحكومته بعد مشاهد حرب الشوارع الصادمة التي سادت باريس خلال الأيام الماضية والتي تنوعت بين إقامة حواجز وإحراق سيارات ونهب محلات واشتباكات بين قوات الأمن والمحتجين ما أجبره على الرضوخ لمطالب المحتجين وإعلان إلغاء الضريبة على الوقود بعد وقت قصير من إعلانه تجميد زيادة هذه الضرائب لمدة ستة أشهر.

وتحولت الاحتجاجات التي شهدتها مختلف المناطق الفرنسية منذ السابع عشر من الشهر الماضى وشارك فيها عشرات الآلاف ممن أصبح يطلق عليهم حركة “السترات الصفراء” ضد رفع أسعار الوقود وزيادة الضرائب ورفع تكاليف المعيشة إلى معضلة بالنسبة لـ “ماكرون” الذي أطلق كثيرا من الوعود والمبادرات منذ توليه الرئاسة فى أيار عام 2017 لكنه لم يحقق منها شيئا في وقت أظهر استطلاع للرأي نشرت نتائجه أمس هبوط شعبية الرئيس الفرنسي ورئيس وزرائه إلى مستوى قياسي جديد مع تواصل احتجاجات “السترات الصفراء” للأسبوع الثالث على التوالي.

ويعكس إعلان وزير النقل البيئي الفرنسي فرانسوا دو روجي لقناة “بي أف أم تي” التلفزيونية الإخبارية الليلة إلغاء كل الزيادات الضريبية المقررة على الوقود اعتبارا من الأول من كانون الثاني العام القادم حالة الإرباك والخوف التي تسود إدارة ماكرون من عواقب تصاعد الاحتجاجات الشعبية ما جعلهم يحاولون احتواء الاحتجاجات وإرضاء الشارع الغاضب إلا أن المراقبين والصحافة الفرنسية قللوا من إمكانية نجاح ماكرون بهذا الأمر ساخرين من القرارات المترددة والمتتالية التي اتخذها.

وأظهر استطلاع للرأي أجراه معهد “إيلاب” ونشرت نتائجه اليوم أن 78 بالمئة من الفرنسيين يعتبرون أن إجراءات الحكومة لا تستجيب لمطالب “السترات الصفراء”.

وقال بنجامين كوشي أحد ممثلي المحتجين: إن الفرنسيين لا يريدون الفتات.. يريدون تحقيق كل مطالبهم “فيما أجمع العديد من الخبراء والصحفيين على اعتبار هذه القرارات متأخرة.

وسخرت الصحافة الفرنسية من قرارات ماكرون المتسارعة والمتتالية واصفة إياها بانها تعكس حالة إرباك تسود الأوساط السياسية الحاكمة في البلاد حيث استبعدت الإذاعة الفرنسية “ار اف اي” أن تؤدي قرارات إلغاء زيادة أسعار الوقود بعد إعلان تجميدها إلى إيقاف الاحتجاجات أو عودة المتظاهرين إلى منازلهم قائلة: إن الحركة الشعبية تنامت منذ الانتفاضة ضد ضريبة الكربون ويبدو أن هناك الآن مطالب عديدة للتغيير مع تنوع من يرتدون السترات الصفراء”.

كما قللت صحيفة “فويس اوف ذا نورث” صوت الشمال من القرارات واعتبرتها قليلة جدا ومتأخرة جدا “بينما أكدت صحيفة “لومانيتيه” أن جهود الحكومة لإنهاء الأزمة لم توقف غضب حركة “السترات الصفراء”.

وكان لقرارات ماكرون وخطواته التراجعية تعليق ساخر آخر على صدر صحيفة “ليزيكو” الاقتصادية اليومية مذكرة بلغة تهكمية بقراره إعادة العمل بنظام ضريبة الثروة والتي كان إلغاؤها من القرارات الأولى للرئيس الفرنسي معتبرة أن القرار أكسبه لقب “رئيس الأغنياء”.

صحيفة “لوموند” أكدت أن المتظاهرين يرفضون جهود “التهدئة” وأنهم مصممون على الاستمرار والمضي في احتجاجاتهم يوم السبت المقبل مبرزة قيام 70 محتجا بإغلاق ساحة أمام بلدة غيلون شمال فرنسا تعبيراً عن خيبة أملهم إثر الإعلان الذي صدر أمس بشأن تأجيل ضريبة.

ويؤكد العديد من الصحف أن “السترات الصفراء” ترفض الخطوات التي تقوم بها حكومة ماكرون في محاولة لامتصاص النقمة والغضب الشعبي من سياساتها الاقتصادية وفي هذا السياق توقع السياسي الفرنسي جان لوك ميلينشون من اليسار المتشدد أن ينتهي الأمر إلى مواجهة بين الشعب والخصوم.

وبانتظار ما ستكشفه الأيام القادمة من نتائج القرارات الحكومية فأن المراقبين يجمعون على تصنيف الاحتجاجات الفرنسية ضمن أسوأ الأزمات في فرنسا.

انظر ايضاً

باريس.. الشرطة تقمع احتجاجات بذكرى تأسيس (السترات الصفراء)

باريس-سانا استخدمت الشرطة الفرنسية الغاز المسيل للدموع والهراوات اليوم لقمع احتجاجات واسعة في العاصمة باريس …