عرابي: الشباب يقدمون رؤيتهم الحداثية للواقع عبر أعمالهم الفنية

دمشق-سانا

يقدم التشكيلي الشاب مهند عرابي مشهدية فريدة عبر لوحته الحاملة لعمق البيئة الدمشقية الشرقية بأسلوب تعبيري يقترب من الغرافيك ويستفيد من خبرة كبيرة في رسوم الأطفال مع تقنية لونية مميزة تظهر على سطح اللوحة وخاصة في الخلفية التي يعتني بها دون تكلف فيحقق المعادلة الصعبة بين الغنى اللوني وعلاقته بالتكوين البشري على سطح اللوحة مع خلفية تحمل الكثير من الدلالات دون بهرجة مجانية.

3عن علاقته باللوحة يقول عرابي في حديث لـ سانا الثقافية أن الفكرة من العمل الفني وعلاقتي مع اللوحة هي علاقة تقوم على الاستمتاع المطلق والصدق مبينا أن اللوحة بالنسبة له هي مرآة لواقعه وهي التي تعيد التوازن له ليكون انسانا يشعر بوجوده.

ويتابع أحاول أن ألعب بالألوان بعفوية وأرسم جنوني وشغفي وعبثي وسذاجتي واندفاعي وكل انفعالاتي لأجسد حالة تعكس مرحلة أعيشها فيتحول العمل إلى وسيلة تفريغ تعيد توازني وهدوئي وشعوري بقيمتي كانسان وتكون اللوحة هي حالة فردية من خلال بنائها وعيشها في المرسم ثم تتحول إلى كيان يرسم طريقه
وتفاعله مع المتلقي.

ويوضح عرابي أن الموهبة شيء أساسي عند الفنان وصقلها بالبحث والدراسة وتطوير المهارات والأدوات الإبداعية مهم جدا إلى جانب الذكاء المطلوب لأي شخص يسعى إلى النجاح وصوغ الحلول للانكسارات والعثرات من خلال المعطيات لتحويلها الى حالة دافعة للبحث والابتكار واكتشاف فضاءات جديدة للعمل وتحقيق الهدف المنشود من خلال الابداع .

ويرى عرابي أهمية وجود صالات عرض تساعد الفنان على الانتشار بطريقة راقية واحترافية ومدروسة مما يحقق المنفعة للطرفين والتي تتكامل لترسم صورة إيجابية للحالة التشكيلية بشكل عام .

وعن تأثره بالأزمة يوضح عرابي أن تأثر أعمالي بالوضع الصعب في بلدي جاء من الناحية العاطفية الانسانية من خلال مشاهد العنف والدمار وعذابات الانسان السوري في هذه المرحلة الصعبة من تاريخ وطننا فحضر الاطفال في لوحتي ممثلين لحالة التشرد واللجوء وفقدان الأحبة والأهل وتكريس الحزن في نفوسهم كسمة اساسية من ملامحهم مبينا ان تقديمه للطفل دائما في لوحته كبطل للعمل يأتي من إيمانه بأن الأطفال هم القيمة الحقيقية لأي مجتمع وهم مستقبله وأمله مضيفا ان الانسان هو غايته في عمله الفني والشعب السوري الذي ينتمي اليه هو الأقرب له ليعبر عن ألمه وحزنه حيث اختفت البسمة من محياه على امل ان تعود قريبا.

2ويعيد عرابي تغير الاسلوبية في لوحته موءخرا الى حالة التنقل التي يعيشها حيث تفرض كل مدينة حالة خاصة على العمل الفني ويحضر صخبها واسلوبها في الالوان والافكار فما بين دمشق والقاهرة واخيرا دبي حالات مختلفة حضرت في لوحتي مبينا ان دمشق هي الحاضر الدائم في لوحته وألوانها وزواياها وتفاصيلها ورائحتها .

ويوضح عرابي انه لم يغادر دمشق لقلة حبها لها أو هربا منها إنما ليحملها معه للآخرين ويقدمها في لوحاته كما هي جميلة ومحبة للحياة وليس كما تصور مدينة للموت ويقول غادرتها لأحدث عن سحرها الآخرين وليزداد حبي لها مع كل مدينة ازورها فبقيت في لوحاتي دائما ومازلت أشم رائحة ياسمينها يطغى على رائحة البارود.

وعن دور الفنان في زمن الحرب يوضح عرابي ان الفنان عاطفي بطبعه والمشهدية العامة في زمن الأزمات والحروب تحضر في الأعمال الفنية بشكل عام فالفن مراة للواقع ومحاولة لنشر الفرح وحب الحياة ويقول ان العمل الفني التشكيلي هو تمرد على ألم وإعادة بناء للروح الانسانية وترميمها مما أصابها من عطب نفسي.

عن تقييمه لتجربته في العمل مع غاليري أيام في عرض وتسويق أعماله يقول عرابي ان غاليري ايام رائد في مجال تسويق العمل التشكيلي السوري وصاحب مشروع واثبتت السنوات السابقة أهمية وجود غاليريات ترقى بالفن السوري وتعيد تقديمه عالميا مبينا ان عمله بهذه الصيغة التشاركية ساعدته في تقديم عمله الفني بطريقة احترافية وتعلم معنى ان يكون مختلفا الى جانب فنانين آخرين يمتلك كل منهم أسلوبه وشخصيته.

5وأن عمله بالصيغة التشاركية مع الغاليري لم يحد من مزاجيته وخصوصيته ورؤيته الفنية فهو يقدم عمله الفني دون تدخل من الغاليري به مبينا أهمية وجود حالات مشابهة للنهوض بالفن التشكيلي السوري والوصول به لأهم الفضاءات الفنية العالمية مع احترامه لرأي التشكيليين الرافضين للدخول في مثل هذه الحالة التشاركية في العمل الفني التي لها إيجابياتها وسلبياتها.

ويشير التشكيلي الشاب الى ان الفن التشكيلي السوري حاليا فرض حضوره بشكل قوي سواء داخل سورية أو خارجها وخاصة عند الفنانين الشباب مبينا انه لا خوف من غوص الفنانين الشباب في الحداثة وما بعد الحداثة فهذا شيء ايجابي ويعبر عن توافق الشباب مع زمانهم والحالة الفنية العالمية موضحا ان ما يحققه الفنانون السوريون الشباب عموما مع كل هذه الصعوبات والضغوطات والألم والحزن يعتبر انجازا بكل المقاييس وهم يعبرون عن واقعهم ووقتهم ويتفاعلون مع التطور الحداثي والتكنولوجي الذي ينعكس على كل مناحي الحياة ومنها الفن التشكيلي مما يدعو الى الإعجاب بكل انجاز يحققه الشباب الطموح.

وان الفنان التشكيلي بحسب عرابي يعكس الواقع ويدعو المتلقى ليرى العالم من وجهة نظره ومع تعدد أساليب التعبير أصبح الفنانون الشباب أكثر جرأة فلم يتوقف العمل الفني على اللوحة والمنحوتة فأصبحت كاميرا الهاتف النقال وسيلة للابداع أيضا وهذا يضيف تنوعا وغنى لهوية الفن التشكيلي السوري.

ويوضح التشكيلي الشاب أن الفن التشكيلي السوري حقق مؤخرا وجودا قويا في خارج سورية وصار له متابعوه ومقتنوه مما رفع أسعار العمل الفني السوري وصولا لما يستحقه بعد سنوات من انحسار فرص العرض لهذا الابداع في عدد من محدود من صالات العرض وبقاء أغلب النتاج التشكيلي حبيس مراسم الفنانين.

ويقول أن الأسعار التي تحدد للأعمال التشكيلية لا تخضع لأي لعبة تجارية فالعمل الجيد يفرض نفسه في السوق الفنية والمستثمر في هذا المجال يمتلك الخبرة اللازمة لتحديد جودة وقيمة كل عمل مبينا ان الحالة التسويقية للأعمال الفنية تأثرت كغيرها من القطاعات بالحالة الاستثمارية النامية في دول شرق آسيا مما رفع
أسعارها وهي حالة مؤقتة ستزول لمصلحة القيمة الابداعية الحقيقية للعمل داعيا الى مزيد من الاهتمام بالفن التشكيلي السوري من قبل الجهات الثقافية والإعلام السوري وعدم محاربة أي توجه فني أو تجربة فنية شابة ووضعها تحت مسميات تسويقية بحتة مع تجريدها من بعدها الإبداعي فلكل فنان شخصية وهوية بصرية وفكرية يجب ان تحترم وتأخذ حقها من الحضور على الساحة التشكيلية والثقافية داخل الوطن قبل الخارج.

1يعمل عرابي اليوم للمحافظة على عفويته وبساطة لوحته التي بدأ فيها مع أول خط رسمه بريشته كهاو وهو موءمن جدا بالفن التشكيلي السوري وخاصة ما ينتجه الشباب لما فيه من غنى وتنوع وابتكار وانعكاس للواقع بأساليب مبتكرة ومبدعة على الرغم من الظروف المحيطة حيث أصبحت اللوحة السورية حاضرة ومؤثرة في أغلب المحافل الفنية العالمية على حد تعبيره.

والفنان مهند عرابي من مواليد دمشق عام 1977 وخريج كلية الفنون الجميلة بدمشق قسم التصوير عام 2000 عمل مخرجا لرسوم الأطفال وله العديد من المعارض الفردية والمشتركة داخل سورية وخارجها ونال العديد من الجوائز في سورية وخارجها واعماله مقتناة داخل سورية وفي مجموعات خاصة في عدد من دول العالم.

محمد سمير طحان