برصوم برصوما: التشكيل السوري يتطور عبر تقديم مفهوم ثقافي وطني خاص

دمشق-سانا

يمتلك التشكيلي برصوم برصوما أسلوبية فنية مميزة خاصة ويقدم قراءته للواقع والحياة برؤية ترتكز على مفردات الحضارات السورية القديمة في منطقة الجزيرة وبتوليفة لونية مدهشة تحمل الضوء إلى جانب الظلمة وتكويناته البشرية الغرائبية.

وعن عمله في الفترة الأخيرة يقول التشكيلي برصوما في حديث لـ سانا.. إن عملي الفني استمر خلال السنوات الماضية دون توقف رغم كل الصعوبات فهذا أسلوبي في الحياة والتفكير كما كل السوريين الذين مارسوا هذه القناعة.. الاستمرار بالعمل وفي كل مجالات الحياة لأننا نأمل دوما بأن الغد سيكون أفضل.

ويوضح برصوما أنه لا يحمل تصورا مسبقا للوحة فهي بالنسبة له مساحة بيضاء يتفاعل معها من خلال أرشيف الصور الذي لديه ومخزونه الفكري لتتداعى مع بعضها البعض وتنتج تكوينا معينا “قابلا  للتحوير” إلى أن يصل الى ما يريد قوله عن طريق اللون والشكل.

ويحضر اللونان الأحمر والأصفر بشكل دائم في لوحات برصوما فهما بدلالتيهما على بيئته وموروثه اللوني في الجزيرة السورية وشمسها المشعة يحققان عنصر الحيوية والقوة لعمله الفني ويفتحان آفاقا رحبة من التأمل والحميمية  بين شخوص اللوحة والمشاهد كما تضفي التفاصيل المغرقة على كامل سطح العمل الكثير من الإحساس بحالة كرنفالية واحتفالية سواء فرحا أو حزنا.1

وعن الملتقيات وورشات العمل التي تقام في هذه الظروف الصعبة التي تعيشها سورية يرى برصوما أن هذه الملتقيات فرصة لالتقاء الفنانين وتعرفهم على تجارب بعضهم البعض ليثبتوا أنهم مستمرون في العطاء والعمل مبينا أن مدة هذه النشاطات تعتبر قصيرة نوعا ما وخاصة بالنسبة له لكونه يعتمد في أسلوبه على المنمنمات التي تحتاج للوقت في الإنجاز.

ويتابع..إن تكيف التشكيليين مع الوقت المكثف للملتقيات والورشات التي تقام ينتج أساليب فنية مختزلة ومبسطة ما يفتح أمام هؤلاء الفنانين المشاركين آفاقا لاكتشاف معادلات فنية جديدة قد يعتمدونها لاحقا في عملهم.

وحول تأثير الأزمة على الفن التشكيلي السوري يشير ابن مدينة الحسكة إلى أن التأثير “طال كل مناحي الحياة والمؤثرات الحسية وصولا إلى الحلم والانفعالات” رغم أنه لا توجد وحدة قياس آنية لمدى تأثير الأزمة على الفن عموما ولا نعرف متى تنعكس هذه الحالة على العمل الفني.

ويوضح برصوما أن الحركة التشكيلية السورية تأثرت بانحسار عمل صالات العرض الخاصة ولكن بقي العمل مستمرا من قبل أغلب التشكيليين الذين يعرضون نتاجهم في صالات العرض التابعة لاتحاد التشكيليين ووزارة الثقافة او في خارج البلاد.

وعن تأثر عمله الفني بالأزمة يقول: من المؤكد وجود تحولات في لوحتي وإذا تم البحث عنها بشكل جيد ستتضح عن طريق اللون والخط والإيقاع العام للعمل فالفنان يستوعب ما يجري من حوله ويظهر تأثره بالمحيط من خلال نتاجه الفني.

ويتابع.. أن التشكيلي السوري لم يتوقف عن العمل خلال الأزمة كما أن الفن التشكيلي السوري لن يتراجع مستواه بل سيتطور أكثر عبر الإصرار على إثبات الهوية وطرح مفهوم  ثقافي وطني خاص كما أن الفن التشكيلي جزء من منظومة قيمية كاملة في البلد وهو يحاول اعطاء هوية للذات والمكان عبر منتجه الفني.

ويبدي التشكيلي برصوما تفاؤله بمستقبل الفن التشكيلي السوري وبأن القيمة الحضارية والثقافية ستنتصر ولن يغلبها الفكر الظلامي وكل فنان تشكيلي سينتج حلما يراوده عبر عمله الفني.

وعن التشكيليين الشباب يقول الفنان الخبير بالزخرفة الآثارية إن هؤلاء الشباب المبدعين يعملون على تقديم ما هو مبتكر وجديد وخلاق ويمتلكون طاقات كبيرة ومذهلة ويريدون تجاوز الأنماط الجمالية والفنية الكلاسيكية والنمطية ولأن المفهوم الجمالي يتغير باستمرار مع الوقت فإن الجيل الشاب من الفنانين يمتلك الجرأة والقدرة والمثابرة لاكتشاف الكثير من المجالات والمعايير الفنية الجديدة.

ويوضح برصوما أن الشباب ليسوا فقط امتدادا للأجيال التي سبقتهم بل هم فاعلون ويمتلكون روح التغيير بعيدا عن التقليد عند أغلبهم مبينا أنه ليس المهم اليوم أن يقدم هؤلاء الشباب الشكر لمن سبقهم من الفنانين بل الاستمرار بالعمل.

ويختم الفنان بتعبيره عن الرضا لما وصل إليه من مكانة فنية رافضا مبدأ الندب أو اللوم من قبل الفنان للظروف أو الحظ مشددا على أن لكل مجتهد نصيب وخصوصا في مجال الفن التشكيلي.

والفنان برصوم برصوما من مواليد الحسكة عام 1947 خريج كلية الفنون الجميلة بدمشق قسم التصوير عام 1977 وعمل خبيرا للزخرفة في مديرية الآثار والمتاحف وله العديد  من المعارض الفردية والجماعية داخل سورية وخارجها وأعماله مقتناة في سورية وضمن مجموعات خاصة في عدد من دول العالم.

محمد سمير طحان