التصنيف و«خفض التوتر» والحلقة الأضعف بين طرفي المعادلة – صحيفة الثورة

احتمالان لا ثالث لهما حول معارك الفصل السياسية والعسكرية المنتظرة، إما التأسيس لانعطافة كبيرة في المشهد السوري، وفتح الباب على مصراعيه للحوار، وتهيئة الأجواء للتفاهمات النهائية، أو تسعير النار من جديد، وإطلاق يد الجيش العربي السوري بقوة لا مثيل لها، ولم يستخدمها في معاركه السابقة، ولاسيما أن الإرهابيين قطعوا على أنفسهم جميع الفرص التي كان ممكناً أن تجنبهم المصائر المحتومة، و أن جزءاً من المناطق التي استعرت الحرب فيها ضدهم، عادت بالتسويات والضغط الشعبي، نتيجة معاناة الأهالي لظلم أولئك، ورغبتهم بالاحتماء تحت راية الوطن، لإدراكهم أن الدول الداعمة للمجموعات التكفيرية مستمرة بالمناورة لتحصيل المكاسب بأنواعها، وسوف تبذل جميع إمكاناتها لعرقلة مساعي المصالحات، التي تدفن مشاريعها وطموحاتها التي عملت ولا تزال من أجلها.‏‏

تلك الدول هي الحلقة الأضعف اليوم بين طرفي المعادلة، بعد أن تم كسر شوكة أدواتها على معظم الجبهات، وميزان القوى بات لمصلحة قواتنا المسلحة، ولهذا نرى أولئك يتعنتون ويعيقون أي مبادرة للتسوية معللين أنفسهم بتغيير مواقف بعض الأطراف التي أعلنت تخليها عنهم في الجنوب وتركتهم يواجهون نهايتهم.‏‏

أعداد الإرهابيين الضخمة لن تكون جميعها في الميدان، لأن قسماً كبيراً منهم سيواجه فصائل وأدوات أخرى، نتيجة النزاع على النفوذ والمصالح، فضلاً عن التشرذم في صفوفهم والفلتان والفوضى، وانتقاماً لتفكيك مجاميعهم وإعادة تركيبها في مواقع معينة، حتى ينهي أولئك بعضهم البعض، ويلتهب جمر العداوات ليأتي على أوكارهم وأماكن وجودهم، فيما القسم الآخر سيكون بانتظار من يخرجه من فوهة النجاة، ممتثلاً للشروط التي سوف يمليها عليه المنقذ.‏‏

فالأنظمة والجهات التي لا تزال تتحدث عن ضرورة فصل الإرهابيين عمن يسمون المعتدلين والالتزام بخفض التوتر، تنفيذاً لاتفاقات تم الاتفاق عليها، من الضروري أن تدرك أن المناطق التي تضمنتها، هي فقط من أجل الانتقال لمرحلة أخرى ريثما يتم البت بمستقبلها وتقرير مصيرها سواء بالعمليات العسكرية أم بالمصالحات، وأن مسألة تصنيف التطرف، بات أمراً ممجوجاً ومستهلكاً من المعيب الحديث عنه، ولابد من تفكير أولئك بحلول أفضل لهم، أو الامتثال للإرادة السورية وحلفائها.‏‏

حسين صقر