الشريط الإخباري

مهنة تراثية في حماة تجذب الآذان قبل العيون

حماة-سانا

عندما تقترب من سوق المهن اليدوية في خان رستم باشا الأثري في مدينة حماة تجذبك أصوات المطارق وهي تضرب على المعادن لتعزف سمفونية التراث القديم فما أن تدخل السوق حتى تصدح من بين المحال أصوات المطارق الضاربة فهناك من يضرب على قطعة النحاس لتأخذ الشكل المطلوب وهناك من ينقش عليها باستخدام المطرقة والأزميل وثالث يزخرف أشكالا جميلة على صفائح النحاس المطروقة ليضيف بعدها لمساته الأخيرة فيرصعها بالأحجار أو يطليها بالفضة.

حرفيون سوريون توارثوا المهنة التي تجذب الآذان قبل العيون وما يعرف بحرفة النحاسين تعتبر إحدى المهن العتيقة في حماة التي أبدعت أروع التحف والأواني المنزلية لتختزل جانبا مهما من الجوانب التراثية الشعبية.

وفي ظل تراجع الإقبال على المنتجات النحاسية وتراجع عدد المشتغلين فيها تبقى فئة قليلة من هؤلاء الحرفيين مخلصين للمهنة يحاولون إعادتها إلى الحياة من جديد والحرفي منقذ غريواتي أحد هؤلاء فهو في محله يرسم ويخط أجمل النقوش والزخارف بمطرقته الحديدية على النحاس الأحمر ويقول لنشرة سانا سياحة ومجتمع أنه ورث عن أبيه هذه المهنة وسيورثها لأبنائه مشيرا إلى أن أنه تعلم تشكيل الأواني النحاسية من مراقبته لوالده ومحاولته المتكررة لإتقان هذه المهنة لما تحمله من أصالة وجمال وروح الماضي.

واعتبر الحرفي أن الحفر والنقش على النحاس من أصعب الفنون لما يحتاج من دقة وصبر في العمل موضحا أن معظم النحاسيات التي يقوم بتصنيعها تدخل في الاستخدام المنزلي كأواني الطبخ والصواني الخاصة بمحال الحلويات إضافة إلى بعض المنتجات الخاصة بالعرض كالصمديات والتحف والسيوف.

ويرى غريواتي أن النحاس من أفضل أنواع المعادن المستخدمة للطهو فهي صحية وتمتاز بسرعة امتصاصها للحرارة معتبرا أن هذا ما جعل بعض الناس يحاولون الإبقاء على بعض الأواني النحاسية لديهم إلى اليوم.

المنتجات والأدوات المنزلية المصنوعة من الستانلس والالمينيوم والبلاستيك وغيرها أثرت بحسب غريواتي على صناعته التقليدية “لرخصها مقارنة بالنحاس”.

ويقول غريواتي الذي مثل سورية في عدة معارض دولية للأعمال اليدوية أنه “رغم الصعوبات التي ترافق عمل هذه المهنة إلا أنه متمسك بها خوفا عليها من الاندثار والانقراض” متمنيا حمايتها ودعمها من خلال تأمين محلات للحرفيين بأسعار مخفضة وسوق دائم وخاص لمنتجاتهم.

ويبقى لحرفة صناعة الأواني النحاسية جمالياتها وأسرارها التي تسكن قلوب أصحابها الذين آثروا المحافظة عليها وأبقوها رمزا يجسد عراقة الصناعة السورية منذ القدم.

سهاد حسن