إرهاب تحت الطلب

تتداخل هذه الأيام فصول عبثية الاستعراض الأمريكي، على إيقاع المفارقات السياسية الدولية وإسقاطاتها العسكرية هنا فوق الميدان السوري.

ولعل مسوّغات حالة التنازع في الآراء التي بدأت مع أول طلعة طيران أميركي زعم أصحابها استهداف الإرهاب في سورية، قد بدأت بالتلاشي بعد تبلور ووضوح الاتجاه الحقيقي لبوصلة النيات المتصالحة فعلاً مع نزعات الإرهاب، وليس العكس!.

ففي خضم صخب الجدل حول إشعار الحكومة السورية بالضربات والحصول على الإذن أم لا من جهة، وأصوات الشاجبين من منطلقات ذات صلة بصيانة الشرعية وقواعد القانون الدولي من جهة أخرى، عاد إرهابيو داعش للظهور في شوارع الرقة وممارسة طقوس ترهيب الأهالي لكن بنشوة “انتصارٍ” جامحة هذه المرّة، تسفّه مساعي أميركا و”الحلفاء” في نظر من سلّم بجدية الهدف المعلن، كما تُعزز شكوك المشككين به، والذين قرؤوا ما في الأفق من سيناريوهات “مفخخة” ومتعددة الفصول والمراحل، لا تتأبط خيراً لسورية وللشعب السوري.

الواقع أننا لم نكن لنحتاج لمتابعة تفاصيل وإحداثيات الضربات الأميركية المزعومة على الإرهاب في سورية، لنتأكد من أن ثمة “بنك أهداف ظل” مغلّفاً بأمبلاجات جاذبة من شأنها تحويل انتباه العالم، وقطع الطريق على المرتابين بصدقية ما جرى إعلانه وتسويقه ذرّاً للرماد في عيون المراقبين الحاذقين في قراءة ما بين السطور.

فالواضح بعد أيام من جولات “التحالف” وصولاته الدونكيشوتية مع الإرهاب في سورية، أن الحصيلة كانت لافتة، كما أنها صادمة لكل من يتابع النتائج في هذا العالم: منشآت حكومية تمّ تدميرها في سورية.. مقرات رسمية.. حقول نفط.. مطارات وبنى تحتية زعموا أن عناصر “داعش والنصرة” يتحصنون فيها، أي كان المشهد كمن يحاول قتل ذبابة بقنبلة فراغية تحرق الأخضر واليابس من حولها، وهذه ذروة تجليات السخرية التي يمكن أن تقذف بها الأقدار كل المتنطعين بمصطلحات الديمقراطية والعدالة الكونية في واجهات وكواليس المنظمات الدولية، وقد تكون التسريبات الجارية بشأن المناطق العازلة في سورية، كافية لوضع نقطة على السطر وإنهاء الجدل حول ما يدور من أحداث هنا استرعت اهتمام العالم بعد “أطنان” الشكوك المشروعة!.

ما قبل ضربات “الكذب الأميركي” غير ما قبلها، فالصورة باتت جليّة اليوم، ولم تعد البصمات المختلطة لـ “لغبصات التحالف” ومغامراته تخص الحكومة والشعب السوري بمفرده، بل ثمة تجاوزات سافرة على الشرعية الدولية، وعلى مشروع “شعبي أممي” يجهد لمكافحة الإرهاب، الذي يؤرق العالم، ويتوعّد كل ملامحه الحضارية الناصعة بلطخات السواد القاتم، وبات الخصم الأكبر لشعوب الدنيا الحرة معلوماً بالأدلة والقرائن الدامغة، ولا نعتقد أنه أوسع طيفاً من حدود تشكيلة” التحالف الفانتازي”، الذي صنع الإرهاب قبلاً ودعمه تالياً ويدعمه اليوم بأخبث الوسائل والأدوات التي قد تخطر على بال مجرم أو مرتكب، إنها استعراضات “مكافحة الإرهاب” بكل ما فيها من صفاقة غير مسبوقة!.

إلّا أننا مازلنا حتى الآن، كشعب سوري وشعوب صديقة، نصر على النظر بعين المصدّق للنيات المعلنة بخصوص ما يجري، وننتظر نتائج ملموسة واضحة على صعيد مكافحة الإرهاب، تبعثر ما يعترينا من ريبة مشروعة، خصوصاً بعد أن بدأ “الداعشي” أردوغان يتحدّث عن مشاركات برية لجيشه بمحاربة الإرهاب في سورية، مشترطاً إقامة “المناطق العازلة”، ولعلها النكتة السياسية الطازجة التي سنختم حديثنا ونتسلّى بها، ريثما يتحفنا بأخرى من وحي هلوساته التي ملّها وبرم بها شعبه!.

بقلم: ناظم عيد

انظر ايضاً

القائد الشرع يلتقي وفداً من جمهورية بيلاروسيا

دمشق-سانا التقى قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع ورئيس جهاز الاستخبارات العامة أنس خطاب مع …