الشريط الإخباري

مقلي الفخار..صناعةمازالت تحافظ على وجودها بالساحل

اللاذقية-سانا

يصنع من التراب والماء والحجر الملحي ويستخدم كوعاء للطبخ ويعجن بأيد خبيرة ليضفي على الطعام النكهة والطعم اللذيذ أنه مقلي الفخار الأداة التراثية المخصصة للطبخ والتي يزيد عمرها على ثمانية قرون حيث ذاع صيتها في الشرق والغرب لما تضيفه على وجبة الطعام المصنوعة بواسطتها من نكهة الطبيعة ورائحة الأرض وبساطة الحياة ومتعة التقديم.

وتعتبر قريتا بريعين في جبلة ودوير المشايخ في طرطوس القريتين الساحليتين الوحيدتين اللتين يصنع فيهما مقلي الفخار منذ مئات السنين وقد ارتبط هذا المقلي بتاريخ وتراث المنطقتين وكان لسكانهما دور في استمرار هذه الصناعة كواحدة من المهن التراثية التي تعطي للساحل السوري روحه وطابعه المميزين.1

وفي حديث لنشرة سانا سياحة ومجتمع شرح الصحفي عدنان كامل صالح باحث في الشؤون التراثية طريقة صنع مقلي الفخار والمراحل التي يمر بها الطبق ليصبح صالحا للاستعمال قائلا ” يحتاج المقلي إلى نوعية معينة من التراب إضافة إلى نوعية معينة من الحجر يسمى دب الملح الذي يدق ومن ثم يطحن على الرحى الحجرية للحصول على مسحوق أبيض ناعم يضاف إلى خليط التراب المنقوع بالماء لحوالي 24 ساعة فيمنحه القوة والتماسك والتجانس لكن هذا التجانس لا يكفي للحصول على الصلابة النهائية للمقلي حيث يجب دق خليط التراب بعد رش المسحوق الملحي عليه وذلك بواسطة مدقة خشبية كبيرة.

ويضيف.. بعد مرحلة الدق يجمع الخليط ويوضع على طبق مصنوع من القش ويتم صناعة تجويف عميق في الخليط يكون بداية صناعة المقلي أو كما يعرف بالعامية إدارته فمرحلة تدوير الخليط تكون بشكل توسعي عرضاني ليصبح بشكل وعاء قاعدته غيرة وفتحة رأسه كبيرة وعريضة وكل هذا طبعا بواسطة اليدين اللتين تعملان باحتكاك مباشر مع الخليط وبشكل توسعي وبعدها تبدأ مرحلة قطع المقلي لتتم بعد ذلك عملية صنع حواف الوعاء العليا لتصير سميكة نوعا ما مع إضافة أربعة زوائد خارجية لتصبح بشكل المقبض الذي يستخدم لرفع المقلي عن النار خلال وجبة تحضير الطعام.

وأشار صالح إلى أهمية مرحلة التحسين في صنع المقلي والتي تعطي سطحه تماسكا وتجانسا ونعومة وتملأ بعض الثقوب الصغيرة في حال وجدت وذلك بواسطة الماء وقطعة حجرية ملساء تدعى الحصوة لها شكل البيضة حيث يفرك سطح المقلي بها بعد وضعها في الماء قليلا ومن ثم تأتي مرحلة التمليس الخاصة بجسم المقلي الخارجي وتستخدم في هذه المرحلة شفرة مقص معدني لإزالة الزوائد وإعطاء القوام النهائي للمقلي الذي يتصف بالنعومة والتجانس التام.

ويتابع ” يوضع المقلي في الظل لحوالي ثلاثة أيام متواصلة حتى يجف منه الماء وفي اليوم الرابع يوضع لحوالي ست ساعات تحت أشعة الشمس للتخلص النهائي مما تبقى فيه من رطوبة وبعدها نضع المقلي في التنور ونشعل النار ونتركه فيها حتى يصبح لونه أحمر كالجمر ثم نرفعه من التنور ونضع فيه أوراق أشجار السنديان اليابسة المجموعة من تحت أشجار السنديان والتي تسمى بالصبغة ونقلبه على ظهره ونضيف إليه الكثير من الأوراق حتى تغطيه بالكامل حيث يترك المقلي على هذا الحال مغطى لحوالي الخمس دقائق فقط ليحصل على اللون الأسود مع الانتباه الدائم له كي لا تشتعل النار بالأوراق نتيجة حرارة المقلي المرتفعة وبعد استخراجه من بين الأوراق يفرك بواسطة قطعة قماشية نظيفة لتزيد من نعومته”.

من جهتها أشارتسحر حميشة رئيسة الجمعية الوطنية لإنماء السياحة في سورية الى أنها ومن خلال الرحلات التي تقيمها الجمعية للتعريف بالتراث المحلي والإضاءة على الصناعات التراثية التي تزخر بها سورية تم التعريف بأهمية مقلي الفخار كصناعة محلية تشكل مصدر رزق لعدد كبير من السكان المحليين رغم التطور الكبير الذي طرأ على الأدوات الخاصة بالطعام لكن بقيت هذه الصناعة محافظة على وجودها بشكل كبير بعد أن أصبح الطلب عليها عالميا نظرا لفوائدها الصحية لاسيما في حفظ الأطعمة حيث تم تسجيل وجود عدد كبير من الأكشاك المتخصصة ببيع مقلي الفخار خلال رحلة الجمعية الأخيرة إلى ريف طرطوس لاسيما في منطقة وادي العيون.

وتقول حميشة “يعتبر مقلي الفخار واحدا من أقدم الأدوات المستخدمة في المطبخ السوري والتي وصل صيتها إلى جميع أنحاء العالم وتمتاز بأنها صحية جدا لتقديم وحفظ الأطعمة كونها بعيدة عن التفاعلات الكيماوية التي تحصل خلال هاتين العمليتين وينصح بها طبيا بشكل كبير لذا فإن الاستثمار الصحيح وتوفير الأرضية المناسبة لإنتاجها وتسويقها سيوفر فرص عمل كبيرة تتيح المجال لإنتاج كميات وفيرة تصدر للخارج كمنتج سوري تراثي أصيل”.

ولفتت حميشة إلى أهمية تمرين مقلي الفخار قبل استعماله والتي تعرف بأنها عملية تهيئه للمقلي كي يكون جاهزا للاستخدام ولا يصبح عرضة للكسر حيث تتم عملية التمرين بوضع القليل من زيت زيتون في المقلي و وضعه على النار وتركه يغلي ليصار إلى تدوير الزيت في جميع الاتجاهات حتى يتشربه الوعاء من جميع الزوايا كما يمكن أن نملأه بزيت زيتون ونتركه يغلي لنحصل على النتيجة نفسها.

ياسمين كروم

انظر ايضاً

صناعة “مقلي الفخار” و”السانونة” مهن تراثية ما زالت مزدهرة في دوير المشايخ

حماة-سانا تجاوزت الخامسة والثمانين من عمرها ومازالت يداها المشبعتان بالحياة تجبلان ما ورثته عن أجدادها …