السجاد اليدوي في السويداء رغم إسهامه بتنمية الريف غير أن صناعته تراجعت

السويداء-سانا

تعد صناعة السجاد اليدوي من الصناعات العريقة الموغلة في القدم في سورية بشكل عام ومحافظة السويداء بشكل خاص نظرا لوجود اليد الخبيرة والمميزة التي تعمل بها.
ويمتاز السجاد اليدوي بمواصفات عالية من الجودة والإتقان والجمال بأشكاله وألوانه ونماذجه المتنوعة المعبرة عن التاريخ العريق للسجاد الشرقي وعن دقة وخبرة صانعيه مشكلا لنا اليوم تحفة فنية تدل على أصالة الماضي وعراقته.
و يعرف السجاد اليدوي بأنه السجاد المصنوع على الطريقة التقليدية القديمة التي تمكن صانعه من نسج السجاد بشكل منسق ومنظم حيث لا يختلف صانع السجاد اليدوي عن الرسام لكون الاثنان يستخدمان مهاراتهما الفطرية في رسم لوحات فنية تضفي لمسة سحرية على المكان الذي توضع فيه.
ويوضح خبير السجاد اليدوي والباحث في التراث وعضو جمعية تنمية المجتمع المحلي هايل القنطار أن محافظة السويداء عرفت صناعة السجاد اليدوي مطلع القرن العشرين بعد عودة المنفيين من هضبة الأناضول والذين جرى نفيهم وعائلاتهم عام 1897 لمحاربتهم للجيوش العثمانية التي دخلت الجبل آنذاك بقصد إخضاعه لهم.
ويضيف القنطار أن النسوة كن يجهزن كافة مستلزمات صنع السجاد اليدوي من صباغة الصوف إلى غزله فنسجه على نول خشبي وفقا للطريقة التركية العقد المزدوجة وكان السجاد آنذاك سميكا نظرا لثخانة الصوف المغزول يدويا مبينا أنه بقي الحال على هذا المنوال حتى عام 1962 حين تبنت وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل مشروعا لإنعاش الريف عبر تشجيع الصناعات الريفية وعلى رأسها السجاد اليدوي فأنشأت في البدء وحدة لصناعة السجاد في مدينة شهبا وقسما في مركز إنعاش الريف في صلخد لافتا إلى أنه تم تأهيل مدربات لهذه الغاية حيث اعتمد في صنعه على الطريقة الإيرانية بدلا من التركية أي العقدة المفردة بدلا من المزدوجة وذلك لتخفيف التكاليف من جهة ولتسهيل التسويق باعتبار العقدة المفردة أكثر استعمالا والسجاد المصنوع منها أخف وزنا.
ويبين القنطار أنه نظرا لنجاح التجربة في شهبا وصلخد بدأ تعميم وحدات الصناعات الريفية على قرى وبلدات المحافظة ووصل عددها نهاية السبعينات من القرن الماضي إلى 36 وحدة وعدد من المشاغل المستأجرة يعمل فيها قرابة 1500 عاملة وقد ساهمت هذه الوحدات والمشاغل في تسريع عملية التنمية الريفية وكانت بعض القرى تعتمد اعتمادا شبه كلي على ما تدفعه هذه الوحدات من أجور لعاملات القرية.
ويشير القنطار إلى ” أن صناعة السجاد اليدوي في محافظة السويداء تواجه حاليا تحديا قد يوءدي بها إلى انقراضها واندثارها جراء مجموعة عوامل منها المنافسة من السجاد الآلي وضعف التعريف بها سواء بالمعارض أو المهرجانات إضافة لضعف التسويق لهذا المنتج حيث أدى تدني تسويقه إلى كساد كميات كبيرة منه وتراكم الإنتاج”.
ويلفت الخبير إلى أن محافظة السويداء كانت تنتج نحو 25 بالمئة من السجاد اليدوي بالقطر وأن كل المواد الأولية التي يصنع منها السجاد محلية الصنع وذات مواصفات جيدة مشيرا إلى أن محافظة السويداء صنعت سجادا بقياسات متنوعة كما صنعت السجاد الدائري واعتمدت الزخارف المحلية في كثير من تصاميمها إضافة لتصنيع السجاد الحائطي واللوحات الفنية.
بدوره العامل في مديرية الشؤون الاجتماعية في السويداء وجدي بدرية أكد على أهمية العمل لإعادة إحياء هذه الصناعة في الوحدات الريفية كونها تحدث تنمية حقيقية وتحفظ الذاكرة الشعبية خاصة مع وجود مقومات داعمة لها في قرى المحافظة ومنها النساء الخبيرات في هذا المجال واستهواء بعض محبي التراث الشرقي وضع مثل هذه التحف في منازلهم.
ويوضح بدرية أن تكلفة المتر المربع الواحد من السجاد اليدوي وفقا لدراسة أعدتها وزارة الشؤون الاجتماعية عام 2011 تتراوح بين6455 ليرة و25635 ليرة وذلك وفقا للصنف .
أخيرا لا بد من القول أنه بالرغم من التطورات التكنولوجية التي دخلت في مجال صناعة السجاد إلا أن صناعة السجاد اليدوي تبقى رائدة ومميزة لأنها تعبر عن عبقرية الصانع وحرفته في التعامل مع الصوف الخالص أو القطن أو الحرير أو خليط منهما والذي يتحدد بموجبه سعر السجادة ودقة الصنع التي تعطيها إمكانية البقاء لفترة أطول مقارنة بالسجاد الآلي.
عمر الطويل