لماذا هذه الانتقائية في مكافحة الإرهاب؟!- الوطن العمانية

في الوقت الذي تتحدث فيه الولايات المتحدة عن ترؤس رئيسها باراك أوباما جلسة لمجلس الأمن الدولي الشهر المقبل حول كيفية مواجهة خطر من تسميهم السياسة الغربية عمومًا بـ”الجهاديين” وخاصة الأجانب، وفي الوقت الذي أصدر فيه مجلس الأمن القرار 2170 لقطع الدعم عن الإرهاب ومعاقبة الداعمين له، يبدو أن الساسة الغربيين لا يزالون يراهنون على سلاح الإرهاب الذي تأبطوه في المنطقة بُعيد غزو العراق وحتى يومنا هذا في ظل خريف المنطقة المسمى زوراً“الربيع العربي”، كمدخل حقيقي للعودة إلى المنطقة والبقاء فيها وإكمال ما اعتمل في عقل المستعمِرين القدماء والجدد من مشاريع وخرائط تستهدف المنطقة بالتقسيم وبحروب شعواء لا تبقي ولا تذر.
ويظهر ذلك من خلال تصريحات المسؤولين الغربيين المتفقة قولاً ومعنىً وإن أوحى بعضها بشيء من التناقض، حيث يبدو في ظاهر القول أن هناك اتفاقاً غربياً تاماً على أهمية محاربة الإرهاب ومعاقبة داعميه، إلا أنه بالنظر إلى مغزاه وتفاصيله نجد أن العقل الغربي المستعمِر (بكسر الميم) فصَّلَ محاربة الإرهاب وآلية الدعم وفق ما يناسب مقاس توجهاته ويحقق أهدافه الاستعمارية، وهذا ما بدا من خلال:
أولاً: رفض العواصم الغربية التعاون مع سوريا المكتوية بالإرهاب، والإصرار على استمرار الدعم المالي والتسليحي للعصابات التي تمارس الإرهاب ضد الشعب السوري، ولتبرير ذلك ولإكسابه صفة الشرعية دائمًا ما يحاول الداعمون إعطاء تعريفات خاصة من عندهم لآفة الإرهاب باللجوء إلى فرز الجماعات الإرهابية وإطلاق توصيفات ومسميات عليها وتقسيمها بين جماعات إرهابية متطرفة، وجماعات إرهابية “معتدلة”، حيث كان لافتًا الاعتراف الصريح للرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند بأن بلاده أرسلت شحنات سلاح إلى العصابات الإرهابية في سورية والتي يسميها بـ”المعارضة”، وكذلك الإصرار والتأكيد من قبل جون كيري وزير الخارجية الأميركي على مواصلة الإدارة الأميركية دعم وتسليح العصابات الإرهابية التي يسميها “المعارضة المعتدلة”.
ثانياً: مراوحة القول عن ملاحقة ما يسمى تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام “داعش” في سورية بين رفض توجيه ضربات ضد التنظيم، وبين احتمال مد الضربات من العراق وحتى سورية، حيث كان الموقف الأول الرافض لوزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس مؤكداً أن بلاده تدعم ما أسماها “المعارضة المعتدلة”، والموقف الثاني ذو الاحتمالية لكل من وزير الدفاع الأميركي تشاك هاجل ورئيس أركان الهيئة المشتركة للجيوش الأميركية الجنرال مارتن ديمبسي مؤكدَيْنِ أن المعركة مع هذا التنظيم الإرهابي طويلة. ومن يدقق في هذين الموقفين يجد لا تناقض بينهما، وإنما هما منسجمان تمامًا، من حيث الموقف من ما يسميه الغرب “الإرهاب المتطرف” الذي يمثله ما يسمى تنظيم “داعش” في العراق، و”الإرهاب المعتدل” في سورية والذي تمثله “جبهة النصرة والجبهة الإسلامية والجيش الحر وغيرها”، وبالتالي مقتضيات مد الضربات إلى سورية إن تتطلب ذلك فستكون من أجل تقدم “الإرهاب المعتدل” على “الإرهاب المتطرف”.
وهذا ينقلنا إلى الحقيقة الثابتة والمستفادة وهي أن القرار رقم 2170 لم يكن الواقفون وراءه صادقين في نياتهم، وأعدوه ليس من أجل سواد عيون شعوب المنطقة، وإنما لعودة الاستعمار الغربي الصانع للإرهاب في المنطقة من بوابة مكافحة أطراف فيه، ودعم أطراف أخرى بهدف البقاء طويلًا فيها لاستنزاف ثرواتها وطاقاتها وإنهاك دولها وبعثرتها.
رأي الوطن

انظر ايضاً

انطلاق فعاليات مهرجان صدى المحبة في دورته الثانية على مسرح دار الأسد باللاذقية

اللاذقية-سانا بدأت اليوم في دار الأسد للثقافة بمدينة اللاذقية فعاليات الدورة الثانية من مهرجان صدى …