الشريط الإخباري

استذكار مشاهد من كنف القرية التراثية ضمن معرضي توثيق في وادي النضارة بحمص

حمص-سانا
على الرغم من تسارع وتيرة الحياة العصرية وصخبها وجد الزائرون لمعرضي التراث الشعبي اللذين أقيما بمبادرة من الشباب والأهالي في قريتي القلاطية وحبنمرة بريف حمص مساحة للراحة وفرصة لاستذكار صور ومشاهد من كنف القرية السورية في وادي النضارة قبل قرن من الزمان حيث المناظر التصويرية المستوحاة من موروث الأجداد والارتباط بالأرض.
حاول أهالي الوادي من خلال هذين المعرضين اللذين أقيما يومي الرابع والخامس ضمن أيام مهرجان ليالي وادينا في الفترة الممتدة من 2 حتى 7 الشهر الجاري رسم صورة عن طقوس الحياة القروية التراثية بكل تفاصيلها خصوصاً لدى الزائرين حيث عرض الشباب كل ما يخطر بالبال من تصاميم للبيوت القديمة المبنية من الحجر البازلتي الأسود الذي اشتهرت به حمص إضافة إلى استعراض طرق تحضير بعض الأطعمة الريفية بوسائل وأدوات قديمة.
وعن مشاركتها في المعرضين تقول ميرنا من أهالي قرية القلاطية “شعرت بسعادة غامرة حينما شاركت بعض النسوة في صنع خبز التنور حيث عانقت رائحة الخبز الشهية النفوس وكلها حنين للأرض وانتماء للوطن”.
وإلى جانب مها التي راحت تصنع أقراص الكبة وتقوم بشيها على الحطب انهمك عدد من الشبان والفتيات بصنع التبولة تلك الأكلة التراثية وبالقرب منهم تنتشر كروم و دوالي العنب إذ لا يكاد يخلو بيت من دالية عنب في وادي النضارة.
كذلك عرض في المعرضين مجموعة سلال مصنوعة بمهارة يدوية فائقة من عيدان الريحان لوضع مختلف المنتجات الزراعية فيها إضافة إلى فوائد توفرها هذه السلال كما تقول أم داني من قرية حبنمرة.
وفي ركن آخر تم عرض كيفية صناعة العسل واستخراجه من الجرة الفخارية بأسلوب قديم قبل اعتماد طريقة الخلايا التي نعرفها اليوم وفق الياس عطية من أبناء القلاطية الذي أكد أن العديد من القرويين لا يزالون يحتفظون بمعدات تراثية تعود لأكثر من مئة عام ويعتمدون عليها رغم تطور صناعة الأدوات وظهور المعدات الحديثة خاصة الزراعية.
ولايزال الأهالي كما يقول عطية يستخدمون المناجل للحصاد ويحتفظون بالصمد والنير والسكة والنورج حيث يستخدم هذا الأخير في عملية الدراسة أي فصل حبات القمح من السنابل إضافة إلى العديد من الأدوات القديمة التي كان يستخدمها أبناء المنطقة سابقا في الزراعة وجني المحاصيل لمختلف المنتجات الزراعية التي تشتهر بها المنطقة.
ويسعى القائمون على تنظيم المعرضين وفق رئيس الجمعية الفلاحية بالقلاطية بديع زيتون إلى ترسيخ فكرة الارتباط بالأرض والتذكير بحياة الفلاح في الفترات السابقة من خلال تعريف الأجيال الجديدة بحياة الأجداد وتراثهم وعرض العديد من الأدوات التي كانت تستخدم في جميع مفاصل حياتهم اليومية.
كذلك التعريف ببعض المنتجات الزراعية والمأكولات الشعبية التي اشتهرت بها المنطقة وحفظها في ذاكرة الأجيال ومنها الرحى أو الجاروشة والجرن وحماص القهوة والفوانيس والسراج والمواقد القديمة والأدوات النحاسية والخشبية والفخارية بأحجامها المختلفة وغيرها.
المشرف على القرية التراثية ورئيس بلدية حبنمرة عماد نفوج يقول “من ليس له قديم ليس له جديد وحنين المرء دائما إلى ماضيه يشده بين الفينة والأخرى” ويضيف ريفنا الجميل زاخر بالتراث العريق الذي يحمل في ثناياه الكثير من القيم العربية الأصيلة وهو ما تجلى في إحياء المشاركين لتراث الأجداد عبر عرض ما يقتنونه من أدوات تراثية منزلية وزراعية وأزياء تشتهر بها المنطقة.
وفي زاوية أخرى جلس بعض رجالات القرية وهم يقومون ببعض الصناعات الريفية والمهن التقليدية كصناعة القفف والسانونة والطبق والسلل من أعواد الريحان والشرنبان والزكبا والسجرق واللبنه فيما جلست بعض الصبايا والنسوة وهن يخطن أثوابا بالإبرة والكشتبان كما كان سائدا منذ القديم.
وفي مكان آخر تم تحضير وعرض مجموعة من المأكولات الشعبية كأقراص أبو امون والهريسة والشنكليش والسميد والمجدره المزينة بالبصل والزيتون والمكدوس والكشك والمتبل والبرغل وعرانيس الذرة المسلوقة والمشوية على الفحم كما تم أيضا عرض عدد من الأعمال الفنية ضمن لوحات حرق على الخشب وبعض الإكسسوارات التزينيية الخاصة بالبيوت و المطابخ القديمة.
المعرض شد الأطفال أيضا حيث تسمر زواره منهم للحظات طويلة أمام الركن الذي عرض فيه جميل مسوح مجموعة من الحيوانات المحنطة التي تشتهر بها منطقتهم ونسجت حولها الأساطير والخرافات والحكايات مثل النمس والثعلب والذئب والغرير والضبع وبعض الطيور كالحجل وجاجة الحرش وغيرها.
فيما وجدت أم كريم من القلاطية فرصة لا تتكرر كثيرا للعيش في أحضان الزمن الماضي والعودة إلى الصفاء تذكر حياة الريفيين التي تجمع بين الشقاء والسعادة لأولئك الذين لا يجدون وقتا للتفكير إلا بأعمالهم وتدبير سبل حياتهم.

تمام الحسن

انظر ايضاً

معرض المهن التراثية..مشغولات يدوية تدل على الأصالة

اللاذقية-سانا اهتم معرض المهن التراثية والتقليدية الذي أقيم ضمن فعاليات مهرجان الغار السياحي واستمر أسبوعاً …