الشريط الإخباري

فائض الكذب الغربي-صحيفة الثورة

لم يعد الجدل المصطنع في الغرب، بين ما ينطق به لسان السياسي وما تخطّه تقارير الاستخباراتي، قادراً على إغلاق ما انفتح، ولا تجميل ما انفضح، حيث تفيض علينا قنوات السياسة الغربية بأكاذيب لا تنتهي، وتماثلها في ذلك قنواتها الإعلامية أو تسبقها، فيما تبدو قنواتها الدبلوماسية الأكثر تخمة في سلسلة الأكاذيب التي تبتدعها، وهي تطالعنا صباح مساء بسيل من التقارير والمعلومات والتسريبات، أغلبها ينتمي إلى سرديات الخيال الافتراضي، وهي تجاهر بما يفيض لديها من بدع الكذب، ولو كانت مستنسخة من سابقاتها.‏

الفارق أن أوباما وكاميرون، وهولاند معهما كنموذج لساسة غربيين معاصرين تتشدّق بهم مثالية الخطاب باتوا أمثلة وقرائن وأدلة وحججاً على أن ما يغرق الخطاب الغربي لم يعد الكذب وحده، بل ما يفيض عنه، بعد أن تجاوز الحاجة لذلك تحت مسميات وذرائع تتلون حسب المشهد السياسي أو مقتضياته، ولا تخرج عن نطاق الإصرار على الاجترار في الفعل ذاته، ومن منطوق الإدمان على النفاق حتى فيما يخص الشأن الإنساني، عندما تحوّل إلى واحدة من أسلحة الدجل المجترة التي يُراد لها أن تكون الحامل الجديد لكل ما يجري من تداعيات.‏

عند هذه النقطة تتقاطع أدوات الكذب الغربي، وتتلاقى مختلف مصطلحات النفاق على قاعدة مفادها الأساسي أن ما يقوله الرئيس الأميركي ليس بالضرورة هو السياق الفعلي للسياسة الأميركية، والحال ينسحب على البريطاني، كما هو مع الفرنسي، حيث لا فرق إلا في الرتوش الأخيرة، وهو أيضاً ما ينطبق على باقي ملامح السياسة الغربية، حيث استخباراتها المشجب الدائم لتعليق أسباب التغيير أو لتبرير كذب ظهر هنا أو نفاق بان هناك.‏

وإلا فماذا يعني حديث أوباما مثلاً.. الذي يوجه اتهاماً إلى استخباراته بالكذب والتضليل أو التقصير والإهمال أو عدم الدقة إلى آخر السلسلة من مفاهيم ومصطلحات عائمة في الخطاب الأميركي، وماذا يعني أن يعيد كاميرون النظر في الأرقام التي تحدث فيها عن إرهابييه الذين تجاوزوا السبعين ألفاً تحت بند المعارضة المعتدلة، ويحيلها إلى خطأ في التقدير وقعت فيه الاستخبارات أيضاً، وماذا يفهم من التلعثم الفرنسي المشابه أو المتطابق مع الأميركي والبريطاني في تبرير خطأ ساساته، الذي لم يتوقف بدءاً من رئيسه وانتهاءً بوزير خارجيته وما بينهما، أو ما يفيض عنهما لتبرير تقصير هنا أو ارتدادات السياسة الرعناء في دعم الإرهاب هناك؟!!‏

وماذا تعني تقارير المنظمات الدولية وأرقامها المدونة أو حساباتها وبعض تجلياتها، وهي التي تُداس أو يتم تجاهلها أو تبقى في الأدراج حبيسة الفعل الغربي، حين لا تطابق معادلات أطماعهم ولا تتوافق مع منطق نفاقهم في مكافحة الإرهاب، وعشرات الأرقام عن الإرهاب الـمُصدّر والمموّل تزكم أنوف الغرب والشرق معاً.؟؟.!!‏

لا نعتقد أن الإجابة صعبة أو غير ممكنة في ضوء ما يتسرب وما يُعلن على حدّ سواء، حيث ما يضيع هنا أو تتم مغمغته هناك.. يبدو صريحاً ومُعلناً في الطرف الآخر، وما تتحرج به التقارير الاستخباراتية المعلنة تتكفل به المسرّبة، وتزيد عليه ما يأتي معها أو عليها من تصريحات لسياسيين احترفوا الكذب وامتهنوا النفاق، أو تتم المتاجرة به على المنابر التي لم تسلَم منها حتى الأممية، ومنظماتها العاملة التي بدت انتقائية في السرد هنا والاختصار هناك.‏

في المقاربة.. ثمة من يعيد الأمر إلى جذره الأساسي، وإلى ما تراكم من خبرات في العهد الاستعماري الغربي المباشر البغيض، وما تلاه من حقب استعمارية غير مباشرة، واستغلال لشعوب المنطقة، وكانت الشعارات هي اللافتة التي غزت بها العالم وأقرت باسمه قوانين وتشريعات وأرست شرعية انتقائية فظّة، لتكون العصا التي تلوّح بها يميناً ويساراً، حين تكون ما وضعته من قوانين، وما أقرته من شرعية سبباً يحول من دون تحقيق الأطماع.‏

والمواجهة المفتوحة على المشهد العالمي ليست مجردة من تلك الأسباب، ولا هي بعيدة عن جوهرها، حيث الصراع بين الحقيقة والكذب، بين الواقع والافتراض، وبين الشرق والغرب على التقاطع ذاته وعلى الاتجاه عينه، ومن منظور متعارض متصارع لن ينتهي هنا أو هناك، بقدر ما يستمد عوامل تأججه من بقايا النتف المشتعلة التي تزيدها أميركا وشركاؤها لتبقى أدواتها في المنطقة شاهداً على ما تفعله.‏

الغرب يكذب بما يفيض عن مقدرته على تذكُّر ما يكذب به، وعندما تصدمه بعض الذاكرة العالمية أو ذاكرة الشعوب التي يتوهمون قصورها نراهم يتراكضون خلف شعاراتهم أو يتواطؤون مع استخباراتهم وبعض أدواتهم، حيث لا فرق لديهم بين كذبة انكشفت أو أخرى قيد التلقين إلا في حدود استجاباتها لستر عوراتهم أو ما بان منها، رغم اليقين بأن لا ورقة ولا تدليس بمقدوره بعد الآن إخفاء ما بان من كذب الغرب، وما انكشف من نفاقه الفائض لحدِّ التخمة.‏

بقلم: علي قاسم

تا بعوا آخر الأخبار السياسية والميدانيـة عبر تطبيق تيلغرام على الهواتف الذكية عبر الرابط :

https://telegram.me/SyrianArabNewsAgency

تابعونا عبر تطبيق واتس أب :

عبر إرسال كلمة اشتراك على الرقم / 0940777186/ بعد تخزينه باسم سانا أو (SANA).

تحرير