في الذكرى الثامنة عشرة لرحيله… “فهد بلان” مطرب الرجولة نقل تراث وبيئة بلاده إلى العالم

السويداء-سانا

تصادف هذه الأيام الذكرى الثامنة عشرة لرحيل المطرب الكبير فهد بلان صاحب الصوت الرجولي الذي استطاع بصوته القوي الصافي وأدائه الفني نقل تراث وبيئة بلاده إلى العالم وجعل الأغنية السورية مألوفة لدى المستمع العربي من غير أن يجد نفسه مضطراً للابتعاد عن هويته المحلية.

وقد عرف الفنان الراحل فهد حمود بلان المولود في شهر آذار من عام 1933 في قرية الكفر بمحافظة السويداء بقوته البدنية وشهامته وكرمه وبإجادته العزف على آلة الربابة وامتلاكه صوتاً قوياً جبلياً يطرب له أهالي القرية في أمسياتهم وجلساتهم وقد اضطرته الظروف الصعبة في طفولته إلى مساعدة أبيه في زراعة الأرض وغيرها من المهن الصعبة وكان يحيي الأعراس والحفلات الشعبية الخاصة والعامة مقابل مبالغ قليلة لكنه وجد في ذلك فرصة لتدريب صوته وصقل موهبته وكسر جدار الخوف من الجمهور.

ويشير الباحث الموسيقي معين العماطوري إلى أن المطرب الراحل فهد بلان تقدم في عام 1957 لامتحان القبول في إذاعة دمشق حين أعلنت عن حاجتها لمرددين في جوقة الإذاعة وفشل في المرة الأولى التي غنى فيها أغاني طربية بينما نجح في المرة الثانية حين غنى من تراث منطقته وصدح أمام اللجنة بأغنية شعبية تراثية اسمها “هين ضرب السيف” التي كانت مناسبة لصوته الجبلي وأصبح عضواً في جوقة الإذاعة التي كان يترأسها الموسيقي الراحل عبد الفتاح سكر.

ويتابع العماطوري.. انه في أقل من عام قدم الراحل بلان أولى أغانيه بعنوان “يا بطل الأحرار” احتفاء بالوحدة بين سورية ومصر عام 1958 من ألحان سهيل عرفة تلتها أغنية “مشغول بحبك” التي لحنها له راشد الشيخ ثم أغنية “لعينيك يا حرية” من ألحان عبد الفتاح سكر إلا أن الأغنية التي استطاع من خلالها ان يدخل إلى قلوب الجمهور السوري كانت “آه يا قليبي” التي غناها مع المطربة سحر عام 1960 ولحنها لهما الفنان الراحل شاكر بريخان حيث حققت نجاحاً كبيراً وبنت شهرة فهد بلان داخل سورية وخارجها.

ولعل الجانب الأكثر إشراقا في حياة ابن السويداء الفنية هي تلك العلاقة الجميلة التي جمعته مع الملحن عبد الفتاح سكر الذي أعجب بصوته وأخلاقه وتواضعه فكان ذلك اللون الغنائي الفريد الذي أبدعاه سوية وكان أول عمل مشترك لهما أغنية “لركب حدك يالموتور” التي مثلت حينذاك اتجاهاً جديداً في الأغنية الشعبية السورية وكانت فاتحة لأغان لا تنسى مثل “ألفين سلام وتحت التفاحة وجس الطبيب واشرح لها ويا سالمة ويا بنات المكلا ويا حمام الدوح”.

ويشير العماطوري إلى أن الفنان الراحل في العام 1963 حمل لقب مطرب الرجولة الذي أطلقه عليه الإعلامي والفنان اللبناني نجيب حنكش بعد الحوار الإذاعي الذي أجراه معه في برنامجه ألوان الذي كان يعده ويقدمه في إذاعة لبنان ليصاحب هذا اللقب فهد بلان حتى آخر أيام حياته.

وخلال تلك الفترة التقى بلان لأكثر من مرة مع الموسيقار محمد عبد الوهاب الذي أعجب بصوته ودعاه لأن يجرب ألواناً أخرى من الغناء غير الطقاطيق والأغاني الشعبية فاستجاب لرغبة عبد الوهاب وغنى القصيدة الجميلة “يا ساحر العينين يا أكحل” وهي من ألحان عبد الفتاح سكر.

ودفع النجاح الكبير الذي حققه هذا المطرب الرائع بالقائمين على مهرجان أضواء المدينة الذي كان يقام سنوياً بالقاهرة إلى دعوته للمشاركة كضيف شرف وهنالك أطرب الجمهور المصري بأغان جديدة على أذنه لم يسمع لها مثيلاً من قبل ونجح بلان في الوقوف أمام كبار المغنين المصريين أمثال عبد الحليم حافظ ومحمد عبد المطلب ومحمد رشدي.

بعدها أقام الفنان بلان في مصر قرابة تسعة أعوام تعامل فيها مع كبار الملحنين واستطاع أن يثبت نفسه على الساحة الغنائية بأسلوبه المتفرد الذي لم يتأثر بأسلوب المدرسة المصرية ولم ينجرف إلى تقليد ما هو شائع في الغناء.

واستفادت شركات الإنتاج من الشعبية الكبيرة لفهد بلان في إسناد دور البطولة له في عدد من الأفلام التي حققت نجاحاً كبيراً في شباك التذاكر وبلغ عددها 14 فيلماً سينمائياً خلال مدة لم تتجاوز سبعة أعوام بداية بفيلم “عقد اللولو” الذي قدمه إلى جانب دريد لحام ونهاد قلعي وانتهاء بفيلم “لسنا ملائكة” وشارك معه في هذه المسيرة السينمائية الحافلة مطربون وممثلون عرب أمثال وديع الصافي وصباح ونجاح سلام وطروب ونصري شمس الدين وسميرة توفيق وغيرهم الكثير.

وأثناء حرب تشرين التحريرية عاد الراحل فهد بلان إلى سورية ووضع صوته في خدمة المعركة وبثت له إذاعة دمشق عشرات الأغاني الوطنية التي كانت تدوي حماسة ولعل أشهرها “من يوم ولدنا يا بلدنا” التي لحنها سهيل عرفة وموال “من بلدي” ليقدم تسعين أغنية شدا بها كلها في تسعين يوماً من تلحين الراحلين سمير حلمي وعبد الفتاح سكر.

ومنذ أواخر السبعينيات عاد بلان إلى سورية بشكل نهائي وأصبح يقضي جل وقته في السويداء حيث ابتاع لنفسه أرضاً زراعية حولها مزرعة لأشجار التفاح وعمل على تأسيس فرع لنقابة الفنانين في المنطقة الجنوبية وبدأ المرحلة الثالثة والأخيرة من مسيرته الفنية حين التقى بالشاعر والموسيقي سعدو الذيب الذي قدم له واحدة من أجمل أغانيه وهي “يوماً على يوم” ثم أغنيتي “سلامين وغالي علينا يا جبل”.

وفي عام 1997 أصيب الفنان الراحل بنزيف في الدماغ ونقل إلى المشفى وتوفي بتاريخ 24-12-1997 عن عمر لم يتجاوز 64 عاماً.

يشار إلى أن خزينة فهد بلان الغنائية تضم نحو ألف أغنية حملت تواقيع كبار الملحنين العرب وقدم له الموسيقار الراحل فريد الأطرش أشهر أغانيه التي قدمها في مصر وهي “ما أقدرش على كده” وحصل على وسام الفنون من الدرجة الأولى في سورية وعلى وسام الاستحقاق للفنون في كل من ليبيا والمغرب فشكل خلال مسيرة حياته ظاهرة فنية من الصعب أن تتكرر واستطاع أن يحقق مكانة في خريطة الغناء العربي فكان السفير الأول للأغنية السورية ورائد الأغنية الشعبية التي حمل لواءها بإصرار ونقل معالم جمالها إلى أنحاء العالم.

سهيل حاطوم

تابعوا آخر الأخبار السياسية والميدانيـة عبر تطبيق تيلغرام على الهواتف الذكية عبر الرابط :

https://telegram.me/SyrianArabNewsAgency

تابعونا عبر تطبيق واتس أب :

عبر إرسال كلمة اشتراك على الرقم / 0940777186/ بعد تخزينه باسم سانا أو (SANA)

انظر ايضاً

فلاح في زمن العمالقة.. أول فيلم وثائقي يتناول مسيرة الفنان فهد بلان بتوقيع الشاب نايف البني

دمشق-سانا أربعة وستون عاماً مسيرة فنية حافلة وغنية للفنان فهد بلان