الشريط الإخباري

دعه ينتظر-صحيفة الثورة

تلخص عبارة «خلّيه ينطر» التي نطق بها وزير الخارجية السوري في رده على إعلامه من الصحفيين بأن نظيره الأميركي كان ينتظره في الخارج، مدى التحدي السوري في المعركة ضد التحالف الإرهابي الشيطاني الذي تقوده الولايات المتحدة، وفي الوقت نفسه تعكس حقيقة استمرار سورية بسياستها المبدئية السيادية، التي حاولت الولايات المتحدة ولا تزال تغيير وجهة هذه السياسة 180 درجة.‏

إنَّ الغضب الذي بدا على معالم وزير الخارجية الأميركي خلال وجوده مع نظيره الروسي في المؤتمر الصحفي له أسباب كثيرة، منها وجود الوفد السوري في الجمعية العامة للمرة الرابعة خلال فترة هذه الحرب الإرهابية على سورية، حيث كان يحلم كيري بأنه بعد عام أو أقل من هذه الحرب، سيرى وزير خارجية جديداً لسورية مثل بعض وزراء الخارجية العرب الذين يطأطئون رؤوسهم لكيري وغيره.‏

وبدا واضحاً انزعاج كيري من بدء العمليات الروسية بالتعاون مع الجيش العربي السوري ضد الإرهاب في سورية، وأخذها طابعاً جدياً خلافاً لاستعراض التحالف الأميركي الذي ستكشف نتائج الطلعات الجوية الروسية نفاق الولايات المتحدة في استهدافها تنظيمي «داعش» و«النصرة» في سورية.‏

كما يزعج كيري وإدارته اللقاءات المكثفة المعلنة وغير المعلنة للوفد السوري في نيويورك، الأمر الذي يقوّض محاولات أميركا فرض العزلة السياسية على سورية، إضافة إلى التغيّر السريع في المزاج الدولي تجاه الأزمة في سورية، والدولة السورية، ما يساهم في الإسراع بفشل الخطط الأميركية الهادفة إلى تحصيل ما عجزت عن تحقيقه بالإرهاب عبر الوسائل السياسية.‏

وأيضاً، ما يزعج كيري هو الضعف والترهّل والضياع الذي يعاني منه حلفاء أميركا في المنطقة، وغياب الأفق السياسي، وتسيّد الجهل والتخلف، واتساع بيئات تفريخ الإرهابيين الذين يضعون الغرب وأميركا نصب أعينهم، لإقامة دولة الخلافة على الأرض الأميركية وفي القارة العجوز.‏

ويضاف إلى مسببات الإزعاج لكيري وإدارته حالة الانقسام التي تصيب الحلف الأميركي الذي يجمع بين الوهابية والإخوان المسلمين، و «آل التخييم، والبترودولار، والطامعين باستعادة الأمجاد»، الأمر الذي أدخل أميركا في ورطة الحفاظ على تحالفها الشيطاني.‏

وإن أكثر ما يزعج ويقلق كيري وإدارته هو الدخول الروسي القوي في معركة مكافحة الارهاب والحلف القائم بين سورية وروسيا الاتحادية والعراق وإيران لمكافحة الإرهاب، وإدراك إمكانية تحقيق إنجازات سريعة على أرض الواقع في هذا المجال.‏

من المؤكد أن عبارة «خلّيه ينطر» رنّت في أذني كيري الذي لن يفهمها هذه المرة كدعابة، وإنما كمعنى سياسي له الكثير من الدلالات السورية على المستويين الإقليمي والدولي، وخاصة في ظل التحوّل العالمي تجاه الموقف من الأزمة في سورية، وصدور الكثير من التصريحات الدولية التي تدعو إلى التعاون الفعّال مع السيد الرئيس بشار الأسد لإنهاء الأزمة.‏

أمام هذه الحقائق وغيرها كثير أصيب وزير الخارجية الأميركي جون كيري بنوبة غضب شديد عجزت كل تقاطيع وجهه وحركات فمه عن إخفائها، الأمر الذي يعزز وصول الولايات المتحدة إلى الحائط المسدود في الحرب الإرهابية على سورية، ما يعني أن انتصار سورية في هذه الحرب أصبح واقعاً، وما تبقّى هو الاحتفال بالنصر، وهو أكثر ما يغيظ الولايات المتحدة وحلفاءها وعملاءها وأجراءها، ولذلك بدؤوا منذ اليوم الأول للغارات الروسية على مواقع التنظيمات الإرهابية في سورية بالتشكيك، بقدرة روسيا على دحر هذه التنظيمات وعلى رأسها «داعش والنصرة»، وتذكيرها بالمرحلة الأفغانية، ولكن سرعان ما أتت الطمأنة الروسية «سورية لن تصبح أفغانستان ثانية لموسكو».‏

لم يكد وزير الخارجية الأميركي ينسى تحذير المعلم له عندما خاطبه بالعبارة المشهورة «سيد كيري لا الولايات المتحدة ولا أحد يستطيع أن يقرر نيابة عن الشعب السوري»، في افتتاح محادثات جنيف، حتى جاءت عبارة «خلّيه ينطر»، التي تحمل في مضامينها أكثر من تحذير، وهو ما بدا شديد الوضوح على ملامح وجه كيري وتصرفاته، وهو ينتظر نظيره.

بقلم: أحمد ضوا