مبادرة ألوان..استعادة الماضي بصريا عبر تلوين الصور الفوتوغرافية

اللاذقية-سانا

تؤسس مبادرة ألوان لمرحلة جديدة من التوثيق الخاص بمدينة اللاذقية ومنها إلى سورية ككل حيث يعمل الفنان الشاب عمر نحاس على نشر فن تلوين الصور القديمة المقتصرة على اللونين الأبيض والأسود لترسيخها بذهن المتلقي بشكل أعمق وإعادة ذكريات جميلة يشتاقها السوريون عموما دون المساس بروح الصورة ودلالاتها المميزة معتمدا في هذا العمل على برامج حاسوبية متخصصة بالتلوين ومعالجة الصور.1

واستفاد نحاس في عمله من دراسته الجامعية في مجال الهندسة المعمارية الذي مكنه من التعرف على تاريخ سورية معماريا وفنيا بشكل أكاديمي متخصص ما ساعده في اختيار ألوان تتناسب وموقع الإضاءة الطبيعية أثناء التقاط الصورة الأصلية كما أن اعتماده على ذاكرة أبناء اللاذقية وأحاديثهم عن الصور التي يقوم بتلوينها ساهم بشكل كبير بجعل أعماله أقرب ما تكون إلى الواقع.

وحول مبادرته هذه ذكر نحاس في حديث لنشرة سانا الشبابية أنه بدأ العمل بتلوين الصور القديمة منذ أربع سنوات حيث كانت المجموعات المتخصصة بالتراث والترويج لمدينة اللاذقية سياحيا وتراثيا واجتماعيا هي المستقبل الأول لمنتجاته الفنية التي لاقت رواجا لدى المتابعين ممن تداولوا صوره بشكل كبير مشيرا إلى أنه أنشأ صفحة خاصة على الفيسبوك أطلق عليها اسم “ألوان” لتكون مرجعا توثيقيا للمهتمين في هذا المجال.

وأضاف:أطلقت على صفحتي اسم “ألوان” لأنني اعتبرت اللون حالة بحد ذاتها أما من الناحية الفنية فاللون أيضا يعطي للصورة رمزيتها ويمنحها مزيدا من الواقعية ويكسر حاجز الزمن الموجود بينها وبين المتلقي الذي يصبح من السهل عليه تخزين اللقطة في ذاكرته بشكل أسرع .

أما المصادر التي يحصل نحاس من خلالها على الصور القديمة فتتنوع لتشمل مصورين فوتوغرافين قدامى في اللاذقية وصفحات أرشيفية وكتب لمؤرخين كبار زاروا المدينة إضافة إلى المعارض التي تقام عن تاريخ اللاذقية مع عدد من الصور الشخصية التي يكتفي باستثمار خلفيتها.

وبحسب نحاس فإنه يهدف من عمله بالمقام الأول تعريف الجيل الشاب بمدينة اللاذقية وأبنيتها التي تميزت بأسطح القرميد البرتقالي وكثرة بساتينها ومساحاتها الخضراء قبل أن تصل إلى ما هي عليه من ازدحام وكثافة سكانية.

صور مرفأ اللاذقية القديم أخذت حصة كبيرة من اهتمام مبادرة ألوان حيث عمل نحاس على تصميم قلعة في حوض المرفأ عمرها أكثر من 200 عام لم تكن موثقة بالصور لعدم توفر كاميرا آنذاك معتمدا على الوثائق المتعلقة بها باستخدام برامج الغرافيك ليقدم نموذجا قريبا منها وواقعيا أما مدينة أوغاريت فقد حازت أيضا على جهد كبير منه فهو يعمل الآن على تصميم المدينة بشكل كامل بواسطة الحاسوب بالاعتماد على رسوم توضيحية لعلماء آثار فرنسيين زاروا المنطقة ليقوم بدوره بعد إنجاز التصاميم اللازمة بأخذ صور كاملة لها تحمل تفاصيل اجتماعية عن حياة الناس فيها وطريقة لباسهم ومعيشتهم .1

وأضاف:تهمني دقة المعلومات المرافقة للصورة كما أعمل على وضع الصورة الأصلية قبل وبعد إضافة الألوان لها ولم يقتصر عملي على مدينة اللاذقية وحسب بل تعاملت مع مبادرة دمشق 2020 وأرسلت لهم عدة صور للمدينة قبل وبعد التلوين تركت صدى طيبا لدى الجمهور.

ويؤكد نحاس أنه يسعى بشكل حثيث إلى تقديم نموذج متطور لفن تلوين الصور الفوتوغرافية القديمة الذي يحتاج معرفة بطبيعة المدينة معماريا واجتماعيا “فبيوت اللاذقية ذات الأحجار الرملية تختلف عن بيوت السويداء المعتمدة على أحجار البازلت” مضيفا أنها أسس يجب أن يتعلمها المهتمون في هذا المجال كي لا يكون عملهم عشوائيا.

ونوه بضرورة الاستعانة بأكبر عدد ممكن من المراجع المادية والبشرية قبل إصدار الصورة الملونة ونشرها للتداول لأنها ستكون وثيقة يمكن أن تستخدمها الأجيال القادمة.

واختتم حديثه بالقول:أتمنى أن تتوسع المبادرة وتلقى الدعم اللازم من جهات لها الاهتمامات التوثيقية نفسها لتعميم الفائدة قدر الامكان والاستفادة من الألوان لإحياء الماضي باستخدام تقنيات حديثة تفيدنا بالعودة إليه والتعرف على تفاصيل يمكن أن تفيدنا بتحسين الطابع المعماري.

يشار إلى أن الفنان عمر نحاس من مواليد اللاذقية 1994 وهو طالب في كلية الهندسة المعمارية بجامعة تشرين وله اهتمامات في مجال التصوير الفوتوغرافي والفن التشكيلي.

ياسمين كروم