نحاتون سوريون يجتمعون للإبداع في ملتقى “أغافي” للنحت على الخشب باللاذقية

اللاذقية- سانا

تحت ظلال أشجار حديقة المتحف الوطني في اللاذقية توزع عشرة نحاتين سوريين من مختلف المحافظات شبابا ومخضرمين حملوا أفكارهم ومجسماتهم الخشبية الصغيرة قاصدين ملتقى “أغافي” للنحت على الخشب ليحولوها إلى مجسمات كبيرة باستخدام أدواتهم الخاصة التي تتعامل مع جذوع شجر الصنوبر لتطويع سطوحها وتحويلها إلى منحوتات فنية متميزة.11

ويحمل الملتقى اسم “أغافي” كدلالة على تضحيات المرأة السورية خلال الأزمة حيث تقول الأسطورة أن أغافي فتاة من اللاذقية قررت تقديم روحها للإله زيوس في سبيل انقاذ مدينتها من الزلازل والكوارث ومنذ ذلك الوقت اعتبرت رمزا للإيثار وبذل الروح رخيصة فداء للآخرين.

وبين مدير الفنون الجميلة ومدير الملتقى الفنان عماد الدين كسحوت أن استراتيجية وزارة الثقافة تركز على دعم الفنانين السوريين من خلال إقامة المعارض والملتقيات المختلفة التي تقدم مواهبهم وتعرضها للجمهور ولإنجاح هذه الغاية على اكمل وجه كان لا بد من التنسيق والتشبيك مع جهات حكومية أخرى يمكن أن تقدم ما لديها لدعم هذه النشاطات.

وأوضح كسحوت أن وزارة الثقافة قدمت المعدات والأدوات اللازمة لعمل النحاتين أما وزارة السياحة فأمنت بدورها إقاماتهم في الفنادق التابعة لها لتقوم وزارة الزراعة بتأمين جذوع الأشجار اللازمة للنحت والتي تتميز بجودة مقبولة قياسا للظروف التي يحصل ضمنها الملتقى الذي سيختتم بمعرض لمنحوتات المشاركين.22

وأضاف كسحوت إنه سيكون هناك ملتقيات قادمة في اللاذقية إضافة لورشات عمل في عدة محافظات سورية أخرى ستفسح المجال لمشاركة أكبر عدد من الفنانين الشباب إلى جانب المخضرمين “ما يغني الحركة الفنية السورية ويدفعها إلى الأمام”.

الفنان محمد بعجانو سجل حضورا متميزا في الملتقى مؤكدا أنه يسعى دائما لإنجاز عمل فني يحمل جديدا لا يتمتع بالآنية فيحاول تقديم الأمل والتفاؤل والمحبة في كل منحوتة ينجزها.

وأشار بعجانو إلى أن الثقافة “غذاء روحي أساسي” لا يمكن الاستغناء عنه مهما كانت الظروف التي تمر بها البلاد لذلك من الضروري عقد تلك الملتقيات الفنية التي تتيح للفنانين انجاز أشياء جميلة تشعر الإنسان بالجمال المحيط به.

ويفضل الفنان بعجانو العمل على خشب الكينا والتوت وغيرها من الأنواع إلا أن الصنوبر يعتبر أيضا خامة جيدة يمكن أن تظهر أسلوب النحات الخاص وخاصة أن عددا منهم ليس لديه تجربة في مجال الكتل الكبيرة نافيا ضرورة انجاز الفنان لمنحوتته خلال الوقت المحدد للملتقى فتقديم الأسلوب الخاص يعتبر كافيا في هذه الحالات.44

من جهته أوضح الفنان انطون ادلبي أن مشاركاته في عدة ملتقيات للنحت أضافت له الكثير من الخبرة وكانت تجربة مفيدة لمسيرته الفنية فهي تعرف الجمهور بالخريجين الشباب الجدد وتدعمهم “ماديا ومعنويا” وتمنحهم ثقافة وعلوم جديدة يكتسبونها عن طريق الغير.

وتابع ادلبي..”لا يمكن القول إن خشب الصنوبر مثالي للنحت كما أن حجم الخشب المختار صغير ولا يتمتع بالسماكة المطلوبة وهنا يبرز دور الفنان في التعاطي مع مختلف الظروف وتطويعها لصالحه “موضحا أنه عمل على ذلك من خلال منحوتته التي تحمل اسم “شغف” وتدل على امرأة ترقص رقصة النصر.

أما ديما سليمان التي تشارك في أول ملتقى بمسيرتها الفنية أشارت إلى اعتمادها أدوات متنوعة في نحت الخشب وهي تفضل العمل باستخدام خشب السنديان كونه يتمتع بالمتانة أو خشب الزيتون لأن اليافه متماسكة أكثر وتساعدها في تنفيذ منحوتتها التي تحمل عنوان “الأنثى الأم” التي تحمل وجها يظهر الكثير من الكلام والتعبير.

وتضيف سليمان.. عندما استخرج التكوين أعلم أن منحوتتي انجزت بشكل جيد وأنني استطعت التعاطي بشكل ناجح مع الخشب الذي يشعر الفنان بحالة تجاذب معه أثناء العمل.

وبعد مشاركتها في ملتقى النحت على الرمل الذي اختتم منذ أيام في اللاذقية تشارك الفنانة ربى كنج أيضا في ملتقى النحت على الخشب المقام الآن موضحة أنها المرة الأولى التي تقدم بها مجسمات كبيرة من الخشب مشيرة إلى أنها اعتادت إنجاز أعمال خشبية صغيرة لذلك وجدت صعوبة في الانطلاق بالعمل بداية الأمر.

وتبين كنج أن الجذع الخشبي أتاح لها تكوين جسد أنثى يلائم انحناءات الجذع وطوله وعرضه القليل “وأنه لا يمكننا المقارنة هنا بين النحت على الرمل الذي يتميز بسلاسة العمل وسهولته قياسا لبناء القطعة الخشبية التي تحتاج الكثير من الأدوات والجهد لكنها تتمتع بالديمومة على عكس المنحوتات الرملية”.

يشار إلى أن ملتقى “أغافي” للنحت على الخشب الذي تقيمه مديرية الفنون الجميلة بوزارة الثقافة بالتعاون مع وزارة السياحة انطلق في السادس عشر من الشهر الجاري ويستمر حتى السابع والعشرين منه بمشاركة كل من النحاتين عماد الدين كسحوت ومحمد بعجانو ومصطفى شخيص وأنس قطرميز وياسر صبيح وهشام المليح وعلي محمد سليمان وربى كنج وانطون ادلبي وديما سليمان.