كاتب فرنسي: موقف فرنسا بشأن الأزمة في سورية ليس متناسبا مع تاريخ ودور فرنسا في المنطقة

باريس-سانا

انتقد الكاتب والصحفي الفرنسي هولاند ييهو تبعية السياسة الخارجية الفرنسية للولايات المتحدة الأمريكية وخاصة تجاه الأزمة في سورية والمنطقة عموما واصفا إياها بأنها “غير مفهومة”.

وأكد الكاتب ييهو في مقال نشرته صحيفة لو فيغارو الفرنسية اليوم حمل عنوان “سياسة فرنسا الخارجية غير مفهومة” أن موقف فرنسا بشأن الأزمة في سورية “ليس متناسبا مع تاريخ ودور فرنسا في المنطقة” معتبرا أنها لم تعد تؤدي دورها الدبلوماسي الذي كانت تؤديه تقليديا في منطقة الشرق الأوسط.

وذكر الكاتب ييهو بالدور المختلف الذي كانت تلعبه فرنسا في عهد الرئيس الأسبق فرانسوا ميتران على وجه الخصوص في المنطقة عن الوقت الحالي وقال “كانت فرنسا والولايات المتحدة تلعبان دورا متكاملا في سياسة الشرق الأوسط ولكن ذلك الدور لفرنسا اختفى اليوم مع الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند إذ هناك تبعية من قبل فرنسا للولايات المتحدة وباتت تلعب دور المزايدة في التبعية وكان هذا هو حال السياسة الفرنسية مع إيران كما هو الحال مع سورية دائما”.

وسخر ييهو من أداء وزير خارجية فرنسا لوران فابيوس عندما قام بزيارته إلى طهران أواخر تموز الماضي مشيرا إلى أن فابيوس لا يملك ذاكرة كبيرة إذ سبق زيارته تلك هجوم شخصي منه على إيران بخصوص الأزمة في سورية وقال إنه “علاوة على ذلك اللقاء البارد جدا لم تبرم العقود” متسائلا هل كان فابيوس يتوقع شيئا آخر بعد كل شيء فعلته فرنسا عندما حاولت أن تعرقل المفاوضات بشأن ملف إيران النووي بين مجموعة خمسة زائد واحد وطهران.

وأشار الكاتب ييهو إلى أن سياسة فابيوس “فشلت فشلا ذريعا” في حزيران الماضي في الوساطة بين “الإسرائيليين والفلسطينيين” معتبرا أن دور فرنسا كان يتكامل مع الولايات المتحدة في عهد ميتران لدرجة كانت فيه الولايات المتحدة في كثير من الأحيان تتبع فرنسا في المنطقة ولكن ذلك الدور يختفي اليوم.

ورأى الكاتب الفرنسي أن تلك السياسة لا تقدم لفرنسا دورا إلا أنها تبقى على جانب الطريق مشيرا إلى أن الإقلاع الاقتصادي لإيران بعد إلغاء العقوبات أصبح وشيكا ويمكن أن يتم دون فرنسا مستبعدا تقديم شركة بيجو ستمئة ألف مركبة للسوق في إيران وهذا هو ما نترقبه البقاء جانبا كما هو الحال مع سورية.

وأشار الكاتب ييهو إلى أن فرنسا ارتكبت خطأ كبيرا عندما استخدمت كل الوسائل لتغيير النظام في سورية إذ قدمت الإمدادات الهائلة من الأسلحة والمعدات إلى المعارضين إضافة إلى المساعدة التقنية لعشرات من الإرهابيين الفرنسيين وكثير منهم قتل اليوم لافتا إلى أنه منذ وصول هولاند إلى الحكم بدأ الحرب ضد سورية.

وأوضح ييهو أن الأسلحة والدعم اللوجيستي من قبل الحكومة الفرنسية ذهبت فقط إلى الإرهابيين وخصوصا تنظيم “جبهة النصرة” الإسم الجديد لتنظيم القاعدة الإرهابي الذي لا يختلف عن تنظيم “داعش” إلا بأمور ضئيلة لافتا إلى أن هذه التنظيمات لها نفس العقيدة والأشخاص الذين ارتكبوا مذابح ضد المسيحيين وغيرهم وكذلك ما يسمى “الجيش السوري الحر” ظهر أخيرا أنه كان وهما واستخدم ذريعة لمساعدة الإرهابيين.

ورأى الكاتب ييهو أن الدولة السورية استوعبت كراهية الدبلوماسية الفرنسية بغضب متوازن معتمدة بـ “موقفها الدفاعي” على جهاز متين حول دمشق والحدود اللبنانية.

وقال الكاتب الفرنسي إن “جبهة النصرة وداعش قتلوا السكان بمن في ذلك النساء والأطفال وتريد دبلوماسيتنا أن تصبح سورية في أيدي الملتحين أولئك الذين يدعمون قوات المتمردين” مشيرا إلى تورط الإرهابيين بـ “جرائم لم تعد تؤخذ فيها الحجج الأخلاقية على محمل الجد” حيث قتلوا الأطفال في حمص باستخدام قذائف أنابيب الغاز التي تسقط على الناس موضحا أن الإتهامات المرفوعة ضد الدولة السورية “لم تثبت”.

وخلص الكاتب الفرنسي إلى القول إن الخطوة الأولى لعودة العلاقات الفرنسية مع سورية برفع الحظر عن الأدوية والمنتجات الصيدلانية ولا سيما عندما نعرف ضرر هذه الحرب على سورية والتي لا معنى لها وما زالت تقتل السكان المدنيين مبينا أن استئناف العلاقة المكسورة مع دمشق متوقف على هولاند بإيجاد وزير خارجية آخر غير “فابيوس”.

وكان رينو جيرار كبير المراسلين الدوليين لصحيفة لو فيغارو انتقد بداية الشهر الجاري تبعية السياسة الخارجية الفرنسية للولايات المتحدة الأمريكية معربا عن أسفه لدور حلف شمال الأطلسي الناتو والمحافظين الجدد والدبلوماسية الفرنسية بهذا الخصوص واصفا العلاقات الفرنسية الأميركية بأنها غير متوازنة لأن عودة فرنسا إلى القيادة المتكاملة للحلف هو عمل خاطئ وعلامة على الخضوع.