دمشق-سانا
صدرت عن الهيئة العامة السورية للكتاب حديثا حكايات من استونيا قصص مترجمة للأطفال تتضمن مجموعة حكايات من التراث الشعبي الأستوني وذلك ضمن كتاب مجلة أسامة الشهري.
وهذه المجموعة التي ترجمت من اللغة الاستونية للفارسية وعنها نقلها المترجمان تمام أحمد ميهوب وصفاء أحمد المحمد للعربية ليحافظا خلال هذه الترجمة على ما اكتسبته المجموعة من روح شرقية ولغة شعرية تذكرنا بالشاعر حافظ الشيرازي وبحكايات ألف ليلة وليلة نتيجة تأثرها بالأدب الفارسي.
في حكاية الأمير والشيطان والبلورة السحرية تروي قصة عن ملك أضل طريقه في غابة مترامية الأطراف فظهر له رجل كهل عرض عليه المساعدة مقابل أن يعطيه أول شيء تقع عليه عيناه أثناء عودته إلى منزله ليقع الرهان على ولده الصغير لكن الملك يبدل صغيره بابنة فلاح مسكين يعطيها للرجل الكهل.
وعندما يكبر ابن الملك يقرر أن ينقذ ابنة الفلاح تكفيرا عما لحق بها من ظلم ويستخدم الأساليب المتنوعة والمغامرات ثم يهرب بالفتاة وتبدأ الأرواح الشريرة بمتابعتهما وبعد كفاح طويل يتزوجها ويعيشان بسعادة.
وتدل الحكاية بأسلوبها السردي الشيق على متانة الموهبة المؤدية إلى الحبكة والحدث وصولا على خاتمة بنيوية مكثفة دون أن يعبث المترجمان بالمستوى الفني للسرد الحكائي.
في حين جاءت حكاية التنانين الثلاثة لتطرح موضوع الحذر والمحبة وذلك من خلال ذهاب الأصدقاء مجتمعين إلى الغابة وارتكابهم خطأ في تقديم قزم وجدوه بالغابة هدية للملك ثم يهرب القزم فيفرض الملك عقوبة على الأصدقاء.
وتطرح الحكاية أيضا محاولة تصحيح الأخطاء والقوة التي تبعث بالإنسان بعد عزوفه عن خطئه وبذلك تقوى أواصر المحبة بأسلوب مماثل للقصص الأخرى الذي اعتمد على إثارة المشاعر وظاهرة التشويق.
أما حكاية الديك الشجاع فهي تتصدى لظاهرة الاستغلال وانعكاساته السلبية على المجتمع من خلال رجل فقير يستأجر حماما من رجل غني لكي يعيش فيه فيستغله أبشع استغلال وكان الفقير يملك ديكا حزن على صاحبه وانتقم له بمساعدة أصدقائه.
أما حكاية الفتى الخارق فتروي كيف يذهب طفل باحثا عن العلم والمعرفة بين الناس فيساعده رجل فلاح ما دفع بملك غيور والذي يكره العلم بمحاولة النيل من الطفل الذكي والذي بفضل تفكيره وقوته ينتصر على أعدائه ويشتت شملهم.
ويحارب الكتاب في أغلب مواضيعه الأنانية والتكبر والشر كما جاء في حكاية قدما الريح وحاد البصر وحاد السمع التي طرحت فكرة رغبة الأميرة بإعدام كل من يسابقها في الركض ويخسر مستغلة بذلك قدرتها الشديدة وسرعتها بالركض إلا أن الأميرة وقعت في براثن حيلة أحد الأمراء فيؤدي الصراع بينهما إلى خلافات ومشاكل يكون سببها عدم الدراية وضعف الحكمة.
تختلف البنى الفنية في الحكايات في بعض مواطن الكتاب ثم تتوافق في أغلبها بسبب نزوع الكتاب ومن ألفه ومن ترجمه إلى فكرة واحدة هي المحافظة على كرامة الإنسان وعيشه الكريم.
كما تتجلى في الحكايات ظاهرة الحدث التي تدل على وجود مقومات القص وطغيانها على الحكاية ومحافظة المترجمين على أمانة نقل كل البنى الثقافية والفنية من الفارسية إلى العربية.
محمد خالد الخضر