“عرابان” سوريان يتسابقان في رمضان

دمشق – سانا

من اللافت في الخريطة الدرامية هذا العام وجود مسلسلين يشتركان بالقصة والاسم هما مسلسلا “العراب” وكلاهما يتناول ذات الرواية الشهيرة “العراب” التي تحولت لفيلم سينمائي أمريكي شهير وكلا العملين ينقلان الرواية من جوها الأصلي الى جو محلى كامل.

فكرة اعادة احياء “العراب” أولا وجعله سوريا ثانيا خطرت على بال اثنين من المخرجين السوريين هما المثنى صبح الذى سيقدم “العراب” من انتاج شركة سما الفن الدولية للإنتاج الفني ويقدم حاتم على “العراب نادى الشرق” من انتاج شركة كلاكيت ليتوافق عرضهما مع شهر رمضان القادم ولكن رغم ما تجمعهما من نقاط مشتركة فانهما يختلفان في طريقة التناول والمعالجة الدرامية.

وترى الاديبة والصحفية سوزان ابراهيم انه “يبدو غريبا وغير برئ ولا عفوي هذا التوجه الذى انعطفت اليه الدراما السورية فمحاولة اعادة تقديم أفلام عالمية بقالب عربي وبيئة هجينة لابد أن تأتي مشوهة وغير مكتملة النمو لأنها بيئة لقيطة”.

وتتساءل ابراهيم “لماذا يلجأ مخرجان سوريان الى فيلم ” العراب”  العالمي الشهير لينسجا حكايات على نول  ماريو بوزو  مؤلف الرواية الاصلية وما الذى تبقى للمخرج السوري ليعالجه من زوايا ورؤى” مضيفة “هل تريد الدراما السورية الدخول فى موضة جديدة بعد موضة  الخيانات الزوجية  ولكن تحت اسم تريد لنا أن نقتنع بوجوده فى مجتمعنا وهو  عالم المافيا السوري  وان كانت تريد ذلك فلماذا تتوسل رواية عالمية أو فيلما عالميا”.

وتعتبر أن هذا التوجه يجعلنا نعتقد بأن “ثمة تبعية فكرية يفرضها رأس المال المنتج للدراما ولرأس المال كما تعلمون مزاج خاص ووجهات محددة” متابعة” هذا التوجه يخلق انطباعا بأن هناك حالة من القحط والجفاف أصابت كتاب النصوص السوريين فأجدبت أقلامهم عن تقديم نص محلى بنكهة سورية أصيلة وبات الحل في الهروب الى الامام بعيدا عن متطلبات الواقع المأساوي الذى يعيشه السوريون نتيجة الحرب على وطنهم”.

وتختتم حديثها بالقول “لا يمكننا توقع أي اضافة فنية أو فكرية لمسيرة الدراما السورية عبر أعمال كهذه ..  سؤال تبدو الاجابة عليه شبه أكيدة”.

أما الناقد سامر محمد اسماعيل فاعتبر أن هذه الظاهرة تأتي ضمن إطار “البحث جار عن معادل للأكشن الامريكي الخلاب عبر انتاج نسختين فى ان واحد من فيلم   العراب  لفرانسيس كوبول”.

ويضيف اسماعيل “يبدو كلامي استباقا للفرجة التي ستمدد زمنا فيلميا الى زمن تلفزيوني يعنى من 175 دقيقة الى ثلاثين ساعة عرض تلفزيونية وهذا شرط أظن أنه من الصعوبة بمكان تحقيقه في مادة تلفزيونية”.

وعن امكانية نجاح نقل المادة الفيلمية الى عمل درامي بين اسماعيل “أستطيع أن أفهم من هذه الخطوة التي يقوم بها كل من حاتم على والمثنى صبح أنها خطوة تسير بدقة وبراعة على مزاج سوق الفضائيات العارضة والمانحة للإنتاج وحصرية العرض الرمضاني لكنها برأيي ستبقى نظرة متخلفة عن الفيلم السينمائي لجهة قدرة النصين المكتوبين على الافادة فعليا من المادة الروائية لا البصرية التي جاءت بأجزائها الثلاثة كشفا عن فرسان الساحات الخلفية الذين يقودون العالم ويتقاسمون ثروات الشعوب”.

ولكن المشكلة الاكبر من وجهة نظر اسماعيل تبرز كما يقول في “توجه قنوات تلفزيونية عربية ممولة نفطيا بدعم ظاهرة الاعتماد على أفلام أمريكية وسواها لصنع دراما محلية ما يعنى أمركة الدراما العربية فالزمن الأمريكي الممول نفطيا ووهابيا لا يريد للمجتمعات العربية أن يكون لها صورة تلفزيونية تشبهها”.

وما بين انتاج الدراما الوطنية وحاجة السوق الخارجي يرى اسماعيل “ان الدراما المنتجة في سورية لاتزال حريصة على ابراز الملامح العربية وعرض همومها القومية والاجتماعية والانسانية لكن سوق العرض المتحكم به من قبل فضائيات ال سعود تصر على أمركة الوعى والثقافة عموما سواء في طرق العيش أو الملبس أو الامكنة الباذخة التي يتم التصوير فيها أو حتى على صعيد الحوار المكتوب”.

واذا كانت الآراء تجمع على نقد ظاهرة تحويل أعمال سينمائية أجنبية لدراما محلية فان الحكم النهائي سيكون للجمهور الذى وان استهوته التجربة لغرابتها فقد لا يوافق على وجودها خطا ثابتا في مسلسلاته التي يحب.