الباحث غسان كلاس: علينا توظيف تراثنا في خدمة تأهيل الأجيال

دمشق-سانا

تميز الباحث غسان كلاس ببحثه المنهجي واهتمامه بالوثيقة والمرتكزات ليقدم نتاجا بحثيا قابلا لدخول التاريخ إضافة إلى انتقائه المواضيع الأدبية التراثية العريقة والأدبية التي تعكس وجدان الشعب السوري وتطلعاته.

وفي حديث خاص لسانا الثقافية قال كلاس “البحث الأدبي يحتاج إلى أدوات ومستلزمات ومعطيات وأهم من ذلك يحتاج إلى صانع لهذا النتاج وعندما نشير إلى أدوات البحث نعني بها الثقافة ومحتواها اللغوي والفكري إضافة إلى أن بعض هذه النتاجات تحتاج إلى مواهب وبعضها يحتاج إلى تنقيب وجهد وبحث كما لا بد من وجود المقومات الملائمة لكل نوع من أنواع البحث حتى يصل إلى المستوى الثقافي المطلوب والذي يوءدي الغرض المقصود عند الباحث ولدى المتلقي”.

وتابع كلاس..” تكتظ الساحة اليوم بالكثيرين من الذين يقدمون أنفسهم على أنهم شعراء أو أدباء أو مثقفون ويحتضنهم بعض المحافل الثقافية أو التي تتستر بهذا العنوان ولكن لا تصل النتائج عند هؤلاء إلى المستوى المطلوب لأنه قد يتجلى الضعف في العبارات والموضوعات واللغة والمنهج نظرا لفقدان مقومات البحث بكل أنواعها”.142

ورأى كلاس أنه حتى يكون البحث مقنعا يجب أن يرتكز على الموضوع الذي يتقاطع مع تطلعات واهتمامات وحاجات المجتمع وأن يكون الباحث مقنعا ومقبولا للآخرين إضافة إلى أنه يجب أن يكون البحث محققا للفائدة وأن يروج له عبر وسائل اعلامية مختلفة بشفافية وموضوعية.

أما عن البحث في التراث فيجد كلاس أن التراث هو القاسم المشترك لكل الثقافات التي امتزجت وانصهرت من خلال علاقات اجتماعية واقتصادية وسياسية وثقافية وهي علاوة على أنها تحمل عبق الماضي وأصالته يجب أن تكون في الوقت نفسه نبراسا للحاضر ومنارة للمستقبل حتى يفاخر المرء بنتاجات الأسلاف التي تعلي عزة الأمة ومجدها بما تمتلكه من حضارات وثقافات متراكمة.

وتابع كلاس “علينا كباحثين أن نستفيد من أعلام التراث وخبراتهم واتجاهاتهم و منهجياتهم وأن نحاول توظيف تراثهم في خدمة تأهيل الأجيال لتحقيق النمو الثقافي والاجتماعي في الوطن وازدهاره لأن التزاوج الثقافي بين الماضي والحاضر وبين الأصالة والمعاصرة يصل بالثقافة إلى نمط مبتكر يكون عقلا واعيا وحضاريا وقادرا على الانفتاح.

ولفت كلاس إلى أنه اشتغل كثيرا على البحث في معركة ميسلون وشخصية بطلها يوسف العظمة فرصد الشعر الذي قيل في ميسلون وشهدائها سواء كان من الشعراء الذين هم داخل الوطن أو في المهجر ولاسيما أن معركة ميسلون تنبع من الرمز الذي أراده الشعب السوري في ذلك الوقت من أجل الدفاع عن الوطن والموت في سبيله رغم معرفته أنه سيواجه “قوة عاتية عدة وعتادا” ليجسد قول الشاعر عمر أبو ريشة .. “شرف الوثبة أن ترضي العلا .. غلب الواثب أم لم يغلب من نضال عاثر مصطخب .. لنضال عاثر مصطخب”.

وعن أعلام التراث الذين تأثر بهم كلاس يقول.. تأثرت بعدد من الكتاب والباحثين ومن أهمهم صاحب الأعلام خير الدين الزركلي وأفدت عمليا من تجربة عبد الغني العطري صاحب العبقريات معتبرا أن التعريف بالكبار والأعلام هو “دين في رقبتنا”.

وعن انتشار الأدب والثقافة بأشكالها المختلفة قال كلاس “على المثقفين أن يبذلوا قصارى جهدهم لاختيار الكاتب الأفضل والأمثل الذي يجذب الطفل أو المتلقي الآخر ويحقق له المتعة والفائدة في آن معا”.

وتابع قائلا..وعلينا ألا ننسى أن هناك أطفالا أذكياء يجب أن يرتبطوا بالكتاب وأن ترصد لهم مكتبات في منازلهم وعلينا أن نصطحب اطفالنا في جولاتنا الثقافية وان نتركهم مقربين منا حتى نحقق أملنا بمستقبلهم القادم إضافة إلى أهمية متابعة الأهل للأطفال ورعايتهم الرعاية الصحيحة ما يعكس أدبا وبحوثا أدبية إيجابية لأن الكثير من كتاب الأطفال لا يتعاطون مع البحث الأدبي للطفل.

وأشار كلاس إلى ضرورة العمل على انجاح البحوث ومقوماته والاهتمام بالقنوات الفضائية التي تقدم بيئة إيجابية وبهذا نجد أن البحث ايضا قد يكون انعكاسا لواقع تنموي يرغب بالتقدم والحضارة.

يذكر أن الباحث غسان كلاس عضو اتحاد الكتاب العرب وشغل كثيرا من المناصب الثقافية منها مدير منشورات الطفل في الهيئة العامة السورية للكتاب ومدير الثقافة في دمشق وأعد عددا من البرامج الثقافية المهمة في التلفزيون العربي السوري.. له العديد من المؤلفات منها /صفحات من أدب ميسلون/ و/دمشق قراءات واضاءات/ و/هوامش على مفكرة عاشق دمشقي/ و/شعر الجلاء مختارات الهيئة العامة السورية للكتاب/ و/كمال فوزي الشرابي شاعرا مترجما
باحثا/.

محمد الخضر