الشاعر التونسي محمد هشام خليفي لـ سانا: ما حدث في سورية جرح في قلب التاريخ

دمشق-سانا

يمتلك الشاعر التونسي محمد هشام خليفي موهبة حقيقية، من خلال إحساسه وشعوره بالواقع الذي يصوغه بشكل فني شعرا، يضيف إليه ما يراه خياله من صور وجماليات تقنع المتلقي وتحرك مشاعره، إضافة إلى ما يكتبه من بحث منهجي في شؤون الثقافة والأدب.

وفي حديث لـ سانا قال خليفي: أنا أكتب الشعر الموزون “الخليلي” لأنّه في اعتقادي هو الشّعر الحقيقي في عصر الشّعر، ويتطلب قدرة فائقة كما أنه يرصد الإحساس الحقيقي.

وأضاف الشاعر خليفي: هذا لا يعني أنّي ضد الشعر غير الموزون، ولا أقول الشّعر الحر، فحريّة الشّعر عرفها الأدب قبل عشرة قرون، وأنا لي تجارب عديدة ومتنوعة في هذا المجال.

وأشار خليفي إلى أن القصائد العربية المصاغة على القافية الموزونة تبعاً لأحد البحور الستة عشر المذكورة سابقاً، هي المعترف بها لدى نقاد الشعر العربي، أمّا ما خرج عن ذلك فإنه ينتمي لنوعٍ جديد من الشعر يعرف بالشعر المستحدث، وقد اتُّهِم الشعراء المستحدثون بعجزهم عن نظم القصائد الموزونة، فمنهم من حاول ابتكار موسيقا جديدة ومنهم من ظل في إطار النثر.

وقال خليفي “إنني أكتب الشعر عندما تجود عليّ القريحة بصور ناطقة أنجبتها معارك ضارية نشبت وقائعها في قلبي الرّوحي، سواء كانت تلك المعارك بين الخير والشّرّ أو بين الحق والباطل أو بين الحب والبغض أو الوصل والهجر أو بين الإحسان والإساءة”، مبيناً أن أكثر المواضيع التي تثير مشاعره هي ما أثّرت في الشعور الحي والحالات التي تنشب من تداعيات وتحولات الإنسانية.

وأضاف خليفي: إن أهمّ مقومات الشعر هو الوزن المجرّد الذي يكون بين اللغة والموسيقا والتجنيس والترصيع، ويسمّونه باللغة المعاصرة الاتصال والانفصال ثم الأداء أو الإنشاد، الذي يلقيه لسان الكون طرباً في سمع الشّاعر قبل أن ينظمه الشّاعر ويسمعه غيره، مبيناً أنه قديماً ” قبل الخليل” كانوا يعرفون وزن القصيدة بالغناء، حتى قال حسان بن ثابت :

تغن في كل شعر أنت قائله …. إن الغناء لهذا الشعر مضمار.

وأكد الشاعر خليفي أن ما حدث في سورية جرح في قلب التاريخ القديم والمعاصر، وقال:

أنا أعيش في ديار الغربة منذ ما يزيد على ثلاثين سنة، وعاشرت كل العرب وغير العرب وما رأيت مثل الشعب السوري طيبة وصدقاً ورحمة وشفقة وعطفاً، مبيناً أن الذي حصل في سورية هو عمل غير صالح تجرّد من أبسط قيم الإنسانية.

ورأى خليفي أن الشعر قدم بعض الشيء عما جرى في سورية، لأن الجرح عميق وما حدث بالوعة ضخمة ابتلعت الرحمة والشفقة، وجرّدت حاملي السلاح المدمّر المزوّد بفتوى شيوخ التكفير الملوّن من كل ما ينطوي تحت كلمة الإنسانية، مشيراً إلى أن بعض الشعراء العرب والسوريين قدموا الكثير، وبعضهم قدم القليل والبعض الآخر لم يقدّم شيئاً.

وبين الباحث والشاعر خليفي في حديثه أنه يكتب البحث لمواجهة ما تبثه صفحات ومنتديات التواصل الاجتماعي وبعض القنوات “الفضائحية”، والتي يأخذ منها الناس ما يسمعون دون التثبت والاطلاع على مصداقية المعلومة، لافتاً إلى أن الكثير من الشباب غرّر بهم بسبب تصديقهم لكل ما يسمعون، ولأنّهم يفتقرون إلى أسس البحث وطرق الاستدلال على الوقائع والأحداث والحقب التاريخية للأمم والرجال.

وختم الشاعر والباحث خليفي بالقول: إن بعض أدباء عصرنا لا يحسنون اختيار الموضوع، فترى من يعاني بلده من حروب يكتب عن آلامه بسبب هجران حبيبته، ويكتب عن غدر صديق ويكتب عن عقوق الأبناء للآباء، ولا اعتقد أن مثل هذه المسائل تخدم البلد الذي يخوض حرباً ضد من فقدوا الحياء واعتيضوا من البصر بالعماء، وهم يخبطون خبط عشواء كحاطب ليل قد يمسك بأفعى وهو يظنها حبلاً.

يذكر أن الشاعر محمد هشام خليفي من مواليد تونس 1958 ودرس الأدب العربي والعلوم الشرعية، من مؤلفاته شعاع الروح ووميض الفكر وشغاف القلب، وأغلبها يتحدث عن سورية وعن المؤامرة التي تعرضت لها وما قدمته من تضحيات للحفاظ على كرامة العرب، وخاصة في مواجهة ما سماه “الربيع الغربي” الداعشي، وله في البحث وسائل الائتلاف في مسائل الاختلاف يعمل على كشف الزيف والتزوير وضرورة التعامل مع الإسلام الحقيقي.

محمد خالد الخضر

متابعة أخبار سانا على تلغرام https://t.me/SyrianArabNewsAgency