أعمال الشغب في البرازيل.. أصابع واشنطن -بقلم: عبد الرحيم أحمد

لم تكن مغادرة الرئيس البرازيلي اليميني جايير بولسونارو قبل أيام من انتهاء ولايته الدستورية إلى الولايات المتحدة الأميركية، وتغيّبه المقصود عن مراسم تسليم وشاح الرئاسة لخلفه اليساري الرئيس لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، سوى إشارة لما يُحضّر للبرازيل من قبل الاستخبارات الأميركية وأدواتها داخل البلاد.

وبالرغم من حضور مندوب عن واشنطن مراسم أداء الرئيس لولا دا سيلفا اليمين الدستورية في الأول من العام الجاري، وبيانها الرافض لأعمال الشغب التي ارتكبها أنصار بولسونارو ضد الديمقراطية البرازيلية، تبقى أصابع الاتهام موجهة إلى واشنطن.

فمغادرة الرئيس اليميني إلى ميامي الأميركية قبل انتهاء ولايته وتخلفّه عن القيام بواجباته حتى تسلم الرئيس لولا الحكم، كانت بمنزلة أمر عمليات لأتباعه من أجل الانقضاض على إرادة الشعب البرازيلي وتخريب الحياة السياسية وإرباك الرئيس اليساري المناهض للسياسات الغربية والأميركية في أولى أيام حكمه، خصوصاً أن أعمال الشغب بدأت قبل تولي لولا دا سيلفا مسؤولياته، والمهام الوطنية تقتضي من الرئيس القائم بالعمل أن يكمل واجباته وأن يعمل على منع انزلاق البلاد إلى الفوضى في المرحلة الانتقالية.

لقد كانت الإدانات الدولية لأعمال الشغب التي ارتكبها أنصار بولسونارو إلى جانب الحزم الذي أبدته قوات حفظ الأمن البرازيلية كفيلة بالقضاء على هذه الجولة من العنف المنظم من قبل اليمين ضد اليسار الديمقراطي البرازيلي، لكنها لن تكون الجولة الأخيرة في مسلسل تقوم الولايات المتحدة بإخراج حلقاته في أي دولة تعارض هيمنة واشنطن على القارة الجنوبية.

فمن موسكو إلى بكين وأوروبا ودول أفريقيا وأميركا جاءت الإدانات واضحة لأعمال الشغب والتخريب المتعمّد من قبل أنصار بولسونارو لمؤسسات الحكم البرازيلي، وظهر حجم الدعم الذي يتمتع به الرئيس لولا دا سيلفا شعبياً ودولياً، لكن العالم ما يزال يرى ويشاهد كيف خربت واشنطن الديمقراطية الفنزويلية وهي إلى اليوم تدعم المعارضة المسلحة وتعمل على تقويض الأمن والاقتصاد في البلاد.

تاريخ واشنطن بدعم الانقلابات على الديمقراطية في العالم ولا سيما في أميركا الجنوبية والوسطى وتدخلها العسكري للإطاحة بخصومها السياسيين ليست بعيدة في التاريخ، وهي مازالت ماثلة أمام العالم ولن تستطيع بيانات واشنطن السياسية المنمقة أن تخفي بصمات الاستخبارات الأميركية في كل التخريب والدمار الذي تتعرض له دول أميركا الجنوبية وغيرها من دول العالم.

فالسوريون اليوم يعرفون حجم الإنفاق الذي صرفته واشنطن وأدواتها في المنطقة والعالم من أجل تقويض الدولة السورية وإسقاط نظامها السياسي، ويعلمون عدد الإرهابيين الذين تقوم بتسليحهم وتحريكهم حالياً لمنع تعافي البلاد مما تعانيه من ظروف اقتصادية كارثية.

وقد أدانت سورية بأشد العبارات أعمال العنف التي ارتكبتها مجموعات تخريبية ضد مقار الكونغرس والرئاسة والمحكمة العليا في البرازيل، وأكدت تضامنها مع الحكومة المنتخبة بقيادة الرئيس لولا دا سيلفا وأبدت دعمها
للخطوات التي اتخذها الرئيس لوضع حد لهذه الأعمال التي تتناقض بشكل تام مع قيم الديمقراطية، واحترام إرادة الشعب البرازيلي.

إن اقتحام مناصري بولسونارو لمقار الكونغرس والمحكمة العليا والقصر الرئاسي بعد أسبوع من تولي الرئيس لولا مقاليد الحكم في البلاد، محاولة لضرب الاستقرار السياسي الذي يعمل عليه الرئيس المنتخب والذي تعهد في خطاب القسم بأن يعيد بناء الأمة وجعل البرازيل للجميع وأن يرمم اقتصادها الذي أضرّت به سياسات سلفه وأن يعيد للفقراء اعتبارهم.

ويبدو أننا أمام مرحلة جديدة من الفوضى التي تقودها واشنطن في أميركا الجنوبية بعد نجاح اليسار المناهض لسياساتها وهيمنتها، في تولي مقاليد الحكم في عدة دول في القارة الجنوبية.

انظر ايضاً

كوبا والجزائر تدينان أعمال العنف والشغب في البرازيل

هافانا-الجزائر-سانا جدد الرئيس الكوبي ميغيل دياز كانيل دعمه وتضامنه مع القيادة البرازيلية برئاسة الرئيس المنتخب …