الرئيس لولا واستعادة صورة البرازيل بقلم: عبد الرحيم أحمد

في مراسم احتفالية، أدى الرئيس المنتخب لويس إيناسيو لولا دا سيلفا اليمين رئيساً للبرازيل، وسط تغيب مقصود من خصمه السياسي الرئيس اليميني جايير بولسونارو الذي غادر البلاد إلى الولايات المتحدة الأمريكية قبل انتهاء ولايته، والمفترض به – وفق التقاليد- تسليم الوشاح للرئيس أثناء عملية التنصيب.

وأمام نحو 300 ألف شخص، وبمشاركة مبعوثين أجانب من أكثر من 50 بلداً، منهم 17 رئيس دولة تعهد الرئيس لولا، السياسي العمالي المخضرم، في كلمته بإعادة بناء البرازيل التي تركها سلفه اليميني أرضاً محروقة، تعيش خراباً رهيباً من جراء سياساته الاقتصادية.

ورغم التحذيرات الأمنية والتهديدات التي أطلقها أنصار الرئيس بولسونارو عشية حفل التنصيب، وإلقاء القبض على أحدهم بعد وضعه متفجرات على شاحنة وقود قرب المطار عشية الميلاد لتعطيل التنصيب، سار الرئيس لولا برفقة نائبه جيرالدو ألكامين في موكب عبر المدينة بسيارة مكشوفة، قبل الانتقال إلى القصر الرئاسي لأداء اليمين رئيساً للبرازيل للمرة الثالثة.

ويعول الشعب البرازيلي على الرئيس لولا الذي قاد البلاد بين عامي 2003 و2011، وشهدت البرازيل في عهده طفرة اقتصادية كبيرة جعلتها في مصاف الدول الصناعية المتقدمة، يعول عليه اليوم لاستعادة البلاد قوتها ووحدتها بعد أن تعرضت للاستقطاب السياسي الحاد، مع تراجع اقتصادي كبير في ظل وباء كورونا وسياسات اقتصادية أضرت بالفقراء الذين انتعشت ظروفهم خلال فترتي رئاسة لولا.

الرئيس الذي تعرض للطعن وتم الزج به في السجن بعد انتهاء ولايته الثانية عاد بقوة، وألحق الهزيمة بالرئيس اليميني ذي الميول السياسية المرتبطة بالولايات المتحدة، وتعهد في خطاب التنصيب بإعادة بناء الأمة وجعل البرازيل للجميع، وأن حكومته لن تتحرك بروح الانتقام، ولكنها سوف تحاسب الذين ارتكبوا أخطاء بحق البلاد وفق القوانين.

وتعهد نصير الفقراء بالتراجع عن سياسات حكومة الرئيس المنتهية ولايته، وعن خططها بخفض التمويل المخصص للتعليم والصحة والحفاظ على غابات الأمازون، كما وعد بإلغاء قوانين الأسلحة التي أقرها بولسونارو على الفور، والتي أحدثت جدلاً واسعاً في البلاد.

وبدأ الرئيس لولا بتنفيذ تعهداته منذ حفل التنصيب، حيث شاركت فيه مختلف أطياف الشعب البرازيلي.. وفي رد مباشر وبالغ الأثر على تخلي الرئيس بولسونارو عن واجبه الرسمي في تقليده وشاح الرئاسة، منح الرئيس لولا هذا الشرف لعامل نظافة في تأكيد على سياسته بدعم الفقراء، وإعادة الاعتبار لهم بعد أن تعرضوا للتهميش.

حفل تنصيب لولا بما حفل به مع تغيب سلفه بولسونارو، ومغادرته قبل انتهاء ولايته إلى ميامي الأمريكية في سابقة لم تحصل منذ عام 1985 بحسب الصحافة، هي رسالة للعالم أن زمن وكلاء الولايات المتحدة في القارة الأمريكية الجنوبية يلفظ أنفاسه.

ومع استعادة البرازيل اليوم موقعها وصورتها اليسارية في ظل الرئيس لولا، سوف تشكل قوة دافعة كبيرة في القارة الأمريكية، إلى جانب المكسيك وكولومبيا ونيكاراغوا وهندوراس وتشيلي والإكوادور وكوبا وفنزويلا لتعزيز اليسار التقدمي في مواجهة اليمين ذي الميول السياسية المرتبطة بالولايات المتحدة الأمريكية، والإسهام في ولادة التعددية القطبية التي ترتسم معالمها اليوم من أوكرانيا وتايوان.

انظر ايضاً

دعم واشنطن للعدوان الإسرائيلي.. وحساب الربح والخسارة!… بقلم: جمال ظريفة

لا وصف لما منيت به السياسة الأمريكية في الآونة الأخيرة بعد الانخراط بالعدوان على غزة …