قمم للمناخ .. والاحتباس الحراري يهدد البشرية.. بقلم: عبد الرحيم أحمد

في الوقت الذي يحتشد فيه قادة العالم في قمة المناخ العالمية (COP 27) في شرم الشيخ بمصر من السادس إلى الثامن عشر من شهر تشرين الثاني الجاري، حذر تقرير أممي من أن موجات الحر الشديد التي وصفتها بـ«القاتل الصامت» تهدد مستقبل البشرية وتشكل تحدياً للتنمية المستدامة وتخلق أنواعاً جديدة من الاحتياجات الطارئة التي تتطلب تقديم المساعدات الإغاثية.

التقرير الذي جاء تحت عنوان «الحرارة الشديدة: الاستعداد لموجات الحر في المستقبل» اعتبر أن موجات الحر الشديد هي السبب في بعض أكثر الكوارث فتكاً في العالم وتشهد زيادة واضحة في حدتها وتكرارها واتساع مناطق انتشارها.

يشير التقرير إلى أن ظروف الطقس القاسية والكوارث المرتبطة بالمناخ تسببت بوفاة 410 آلاف شخص خلال السنوات العشر الماضية وأنه تم تسجيل 38 موجة حر شديد مابين عامي 2010 و2019 تسببت بوفاة 73 ألف شخص منها موجة الحر الروسية عام 2010 التي قضت على نحو 55 ألف شخص.

وبحسب التقرير فإن موجات الحر الشديد التي كانت تحدث مرة كل 50 عاماً أصبحت تحدث مرة كل عشر سنوات، وفي حال ارتفع متوسط درجة حرارة الأرض 2 درجة عما هي عليه الآن فإن نسبة حدوث موجات الحر الشديد سوف تتضاعف بمقدار 14 مرة، خصوصاً وأن مسار الاحتباس الحراري يسير تصاعدياً بقوة وفق آخر ثماني سنوات والتي شهدت أعلى معدلات حرارة تشهدها الكرة الأرضية.

ولا تقتصر خطورة موجات الحر الشديد على صحة الإنسان والتسبب بالوفيات فحسب، بل التسبب بموجات من الحرائق التي تأتي على مساحات واسعة من الغابات والأشجار المثمرة والموارد الطبيعية إضافة إلى تداعياتها الكارثية على أنظمة الزراعة والثروة الحيوانية.

فخلال العشرين سنة الماضية بحسب التقرير، ارتفع مؤشر عدد أيام خطر الحرائق في 114 بلداً في العالم، وفي مقدمتها لبنان وكينيا وجنوب أفريقيا، كما أشار التقرير إلى الحرائق التي ضربت سورية ولبنان والجزائر عام 2020، ومن المتوقع استمرار ارتفاع المؤشر بشكل سريع بنسبة تتراوح بين 20- 50 % بسبب الاحتباس الحراري.

وتقدر منظمة العمل الدولية أن الخسائر المرتبطة بموجات الحر الشديدة سوف ترتفع من 280 مليار دولار عام 1995 إلى 2.4 تريليون دولار عام 2030 وسوف تتأثر بها الدول الأقل دخلاً، في حين تشير إحدى الدراسات التي نشرت عام 2022 مستندة لبيانات عالمية للفترة الممتدة بين عامي 1979 – 2016، إلى أن موجات الحر الشديد أدت إلى انخفاض الإنتاج الزراعي بمعدل 5- 10 مرات عما كان عليه.

وموجات الحر الشديدة هي أشد تأثيراً وفتكاً في الدول النامية والفقيرة حيث يكون ضحاياها من الأشخاص الأشد فقراً والأكثر هشاشة، وهناك أدلة أن الدول الأقل دخلاً والأقل تسبباً بالاحتباس الحراري وارتفاع درجة حرارة الكوكب، هي الأكثر تأثراً بتداعياتها.

ويرى التقرير أنه لابد من اتخاذ خطوات ضرورية لمواجهة موجات الحر الشديدة والاحتباس الحراري، وهذه الخطوات تبدأ باتخاذ خطوات جريئة من قبل دول العالم ولاسيما الصناعية منها لإبطاء الاحتباس الحراري وإيقافه، وتطوير أنظمة الإنذار المبكر حول موجات الحر لمساعدة الناس والسلطات على اتخاذ الإجراءات في الوقت المناسب، ودعم التأهب وتوسيع العمل الاستباقي، وإيجاد طرق جديدة وأكثر استدامة لتمويل العمل المحلي وتعزيز المشاركة عبر المجالات الإنسانية والتنموية والمناخية.

فهل تنجح قمة المناخ في اتخاذ القرارات اللازمة أم ستبقى مكاناً لالتقاط الصور وإلقاء الكلمات وإنفاق الملايين من الدولارات بلا جدوى، وخصوصاً أن من يجب أن يتخذ الإجراءات هي الدول الصناعية الكبرى المتسبب الأول بالاحتباس الحراري المستعدة دائماً لإنفاق المليارات على التسلح وشن الحروب في حين ترفض إنفاق الملايين لدعم الأمن والاستقرار العالمي والتنمية المستدامة في الدول النامية!.