الشريط الإخباري

بين القصبة والورق.. حكاية أكثر من 10 آلاف لوحة تجسد جمالية الخط العربي

دمشق-سانا

بقصبة صغيرة وقليل من الحبر رسم الرجل السبعيني هيثم قطان أجمل لوحات الخط العربي متخذاً من بيته الكائن في أحد أزقة منطقة وادي المشاريع بدمشق مشغلاً ومرسماً تشع منه الكثير من العبارات والكلمات المكتوبة بأجمل أنواع الخطوط العربية وفيها من الإبداع والدقة ما يجعل لكل حرف حكاية خاصة ترويها تلك اللوحات.

الخطاط قطان أبدع على مدى خمسة وخمسين عاما فأنتج أكثر من 10 آلاف لوحة فنية جسد فيها الخطوط العربية السبعة وهي “الرقعة والكوفي والنسخ والثلث والفارسي والديواني بنوعيه العادي والجلي” محاولاً بذلك الحفاظ على فن يحتضر بعد أن تخلى العديد من الخطاطين المهرة عن العمل به من أجل وظائف أكثر استقراراً بسبب قلة الطلب عليه وفق وصفه.

ورغم أن هذه الحرفة ذات مردود مادي قليل وتستهلك بصر الخطاط وجهده وأعصابه حسب حديث قطان لمراسلة سانا إلا أن تعلقه الشديد بها ما زال دافعاً له للعمل بها رغم سنوات العمر المتقدمة مبيناً أن ما يثلج قلبه اليوم هو ردود فعل الناس على ما يخطه بيده وينشره عبر صفحته الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي.

وعن تجربته مع الخط العربي وأنواعه وأسرار جماله ومكانته في نفسه قال قطان والذي كان رئيساً لجمعية الخطاطين سابقاً: “بدأت بتعلم الخط وفنونه في العاشرة من عمري حيث كنت اذهب لتعلم القرآن الكريم والحساب وأجلس بجانب معلمي أراقب كيف يخط بالحروف كلمات محاولاً تقليده.. ومع تكرار التجربة والمحاولة تمكنت من الكتابة بخط متميز وجميل”.

وأضاف قطان: “في الثانية عشرة من عمري بدأت بتعلم أصول الخط العربي على أيدي عدد من أساتذة الخط فكنت آخذ من كل واحد أجمل ما عنده وأتعرف على الفروق التي تميز خطاطاً عن آخر حتى أصبحت أخط أسطراً بالحروف أشبه ما تكون بلوحة رسم وكان هذا ينال استحسان المعلمين في مدرستي الابتدائية وزملائي الطلاب الذين تلقيت تشجيعاً كبيراً منهم وكانوا يطلبون مني كتابة لوحات وكلمات لهم الأمر الذي دفعني للمشاركة بلوحاتي في معارض الرسم والخط لكل سنوات الدراسة الابتدائية والمتوسطة آنذاك”.

وامتهن قطان كتابة الأوسمة والشهادات والأعمال التجارية وصناعة الأختام ورسومات متنوعة مشيراً إلى أنه على الخطاط الكتابة بروية وتركيز وأن يتوقف كلما أراد الانتقال من سطر إلى آخر ليجف الحبر كي لا تمحو يده ما سبق خطه كما ينبغي عليه امتلاك نفس طويل ودقة بالعمل لضمان الوصول إلى جمالية التنسيق بين الحروف والكلمات إضافة إلى الإلمام بقواعد اللغة العربية وإتقانها الأمر الذي يساعده في الكتابة الصحيحة.

وعن الأدوات المستخدمة في فن التخطيط ورسم اللوحات الخطية ذكر قطان أن الخطاط قد يستعمل القلم الصغير في بعض الحروف ولكن الكثير يخطون بالقصب لأن الريشة المعدنية للقلم تفرض عليهم عرض خط معين بينما يستطيعون التحكم بريشة القصب حسب رغبتهم إضافة إلى استخدام أنواع جيدة من الورق مضيفاً إن اللون الأساسي في الخط الكلاسيكي هو الأسود لما له من جمالية على الورق الأبيض ويمكن للخطاط صناعة حبر خاص به وبألوان متعددة إضافة إلى الفراشي متعددة القياسات التي تستخدم في الكتابة على اللافتات القماشية.

ودعا الخطاط قطان إلى إضافة حصة درسية رسمية للخط العربي في المدارس وأن تكون مادة الخط مستقلة تدخل ضمن المنهاج الدراسي للتلاميذ والطلاب لتحفيزهم على تعلمها والحفاظ على هذا الفن من التراجع وتنمية موهبة الطلاب الإبداعية فيه منوها بإقبال وشغف لدى عدد من الأجيال الشابة وطلبة الجامعات لتعلم هذا الفن وفق ما لاحظه بالفترة الأخيرة.

وعن أهمية الخط العربي تاريخياً ذكرت مديرة متحف الخط العربي بدمشق الهام محفوض أن الخط العربي هو الفن الإبداعي الذي توج الحضارة العربية الإسلامية كونه تجاوز خلال مراحل تطوره مهمته الأساسية الاولى وهي نقل المعرفة الى السمة الجمالية.

وأوضحت محفوض أن فن الخط في سورية له خصوصيته كون أولى التفتحات الحضارية التي قدمها السوريون للبشرية كانت الأبجدية التي انطلقت من أوغاريت والتي تعود للقرن الـ 14 قبل الميلاد وتعتبر جذراً مهما للغة العربية التي عرفت بجمال وتنوع طريقة كتابتها حيث يمثل الخط دليلها الناطق وأداة اتصالها مع قرائها.

نور يوسف

متابعة أخبار سانا على تلغرام https://t.me/SyrianArabNewsAgency

انظر ايضاً

الديواني لاعب بارز في كرة اليد يطمح لدخول عالم التدريب

حماة-سانا برز اسم لاعب كرة اليد محمد الديواني مع جميع الأندية المحلية التي لعب في …