الشريط الإخباري

مجموعة “جسد ومرايا” لمحمد حسين حداد قصائد تحاكي غربة الشاعر

دمشق-سانا

مجموعة “جسد ومرايا” الصادرة عن دار ليندا والتي تقع في 111 صفحة من القطع المتوسط نصوص شعرية متباينة في معانيها وأساليب كتابتها فمنها ما كتب بأسلوب الشطرين ومنها ما كتب بأسلوب التفعيلة وفق مواضيع إنسانية ووجدانية تعبر عن روح مجنحة تحلق لتفتش عن أماكنها بعد أن ذاقت الغربة واكتوت بنار الهجر.

ويرى الشاعر في غربته أن الأم هي أسمى وأعظم الكائنات التي سبقت الدنيا بفضلها عليه فأرهقه فراقها وبعدها عنه فسعى لتكوين نص شعري مجبول بالشوق والحنين ومكلل بالعاطفة والحزن والحب مستخدما أرق الأنغام الموسيقية التي تصل إلى مستوى الحزن كما جاء في قصيدة “أمي”:

“أمي وتكبر الجراح عنوة مخالب من الحديد تحفر القلب .. وترسم الندم
أمي وابكي حرقة .. يا لتعاستي.. وأنسى من سواد عينها الخجلى الألم”.

ويعتبر حداد أن الوطن هو الذي يسكن الإنسان ويعرش في شرايينه مكونا من أشيائه الجميلة وأن الفقراء هم الأكثر تعلقا به والأكثر انتماء إليه لأنهم يكتفون بحب ترابه وبدفء شمسه وجمال معانيه يقول في قصيدة “وطن الفقراء”:

“للوطن الساكن فينا … أفتح بوابات العمر وأمضي
أرفع أشرعتي.. للشمس وكل الفقراء..وأنادي يا للعنة يا ريح
اشتدي وطني نخل وجذوره أيدي الفقراء”.

وتبدو النزعة الإنسانية واضحة في نصوصه وإن أكثر ما تمثلت به كانت قصائد الرثاء التي عبر عنها بالحزن الشديد على صديقه أوعلى من هو عزيز على قلبه فتكبر دائرة الفاجعة في كلماته وتتخطى حدود العبارات لتنفجر العاطفة ويتوزع الأسى معلنا حزنه الكبير عبر قصيدته “هو الحزن” حيث قال:

“هو الحزن يفجعني كل حين .. بموت صديق عزيز
هو الحزن يا أصدقائي .. يراودني كل حين ويقتلني بهدوء عجيب” .

أما الحب فيعبر عنه الشاعر بأسلوب رقيق بعيد عن الإسفاف من خلال عبارات استخدمها بشكل عفوي واستعارها من البيئة التي يعيشها حتى تكون قريبة ممن يقصد وحتى تصل للمتلقي دون عناء فعارض قصيدة أمير الشعراء أحمد شوقي “يا جارة الوادي” وكتب قصيدته بعنوان إلى جارتي مستخدما ذات البحر ونفس الروي فقال:

“يا جارتي ما كنت يوما عاشقا .. لولا سهام أطلقت عيناك
فالشوق زاد وطال فيك محبة .. هلا وفيت لمن وفى ورعاك”.

وتتداعى الذكريات أو يختلط الماضي بالحاضر فيولد نص شعري رقيق على شكل نشيد جاء بتفعيلات البحر الوافر التي تتميز برشاقتها الموسيقية وتتلاءم مع أغلب الأغراض فكتب في قصيدة “مشوار صغير”:

“صباح الخير مدرستي … صباح كله سكر
ففيك العلم أنهله …وفيك الوقت لا يهدر
كبستان من الورد .. بكل براءة أزهر”.

تفوقت قصائد التفعيلة والأناشيد التي جاءت على وزن المجزوء على قصيدة الشطرين الكاملة التي تراجعت عن نظيراتها من خلال استخدام الحروف والدلالات المعنوية التي جاءت بمزيد من التكلف كما هو في قصيدة إلى جارتي بينما كانت أكثر تماسكا في قصيدة مشوار صغير وقصائد التفعيلة الأخرى.

محمد الخضر