لعب واشنطن بنار أوكرانيا!-بقلم: أحمد حمادة

واشنطن تلعب بالنار، تحاول تفجير برميل البارود في “دونباس” جنوب شرق أوكرانيا، ورئيس الأخيرة سيغادر إلى ميونيخ لحضور مؤتمر للأمن الأوروبي هناك، وسيلتقي بعض قادة الغرب، و”دونيتسك” تعلن التعبئة العامة وتستنفر لإجلاء مواطنيها إلى روسيا بعد القصف الأوكراني على أراضيها، ورئيس بيلاروس يؤكد أن شرر النار سيتطاير إلى كل أوروبا، إن اندلعت المعارك، فهل هي مقدمات الحرب والفوضى الأميركية “الخلاقة”، بل الهدامة، في محيط روسيا ومنطقة أوراسيا برمتها؟

الآن كل الأطراف الغربية المنخرطة بالصراع هناك تراقب كل شاردة وواردة، تحبس أنفاسها عند خطوط التماس في “دونباس”، في شبه جزيرة “القرم”، على امتداد حدود أوكرانيا ومحيطها، وقصتا الغزو الروسي المزعوم لأوكرانيا، وتبادل الاتهامات بين “كييف” وجمهوريتي “دونيتسك ولوغانسك” بمخالفة اتفاقيات “مينسك” وانتهاك نظام وقف إطلاق النار، ربما ستكونان الشرارة الأميركية لتفجير الموقف هناك، فهل هو السباق الأميركي المحموم لخلط الأوراق في منطقة حساسة من العالم قبل إفلات موضوع الهيمنة على المعمورة وخسارة القطبية الأحادية من قبضة البيت الأبيض؟ أم هو الهروب للأمام لتحقيق بعض الأجندات الاستعمارية، وعلى رأسها السيطرة على خطوط الطاقة هناك، ورسم ملامح غاز “السيل الشمالي” كما تشتهي رياح أشرعة سفن واشنطن وأوروبا؟

يبدو الأمر كذلك، فواشنطن وأوروبا، وإن أبقتا الأمور على حافة الهاوية فقط، فإنهما تريدان غاز “السيل الشمالي” بشروطهما، وتريدانه عنواناً آخر للضغط على روسيا في ملفات أخرى، وتريدان استثمار الأزمة الأوكرانية لتطويق موسكو بالأزمات، وإضعاف اقتصادها بشتى الطرق، ويريد بايدن أيضاً عرقلة إتمام مشروع خطوط الغاز الروسية التي تغذي القارة العجوز بأي صيغة، وإن أدركنا حجمه لعرفنا سبب الهستيريا الأميركية، فـ “السيل الشمالي واحد واثنان” أهم مشروع روسي لمد أنابيب غاز طبيعية يبلغ طول كل منهما 1200 كيلومتر، وبطاقة إجمالية تبلغ 55 مليار متر مكعب سنوياً، ويمتدان من الساحل الروسي عبر قاع بحر البلطيق إلى ألمانيا.

أيضاً لا ننسى أن واشنطن تريد المضي بسياسة التربع على عرش العالم، ولا تجد سوى نشر الفوضى سبيلاً لذلك، وتدمير الشعوب ونهب ثرواتها، وإشغال الدول والحكومات بالأزمات، وإشعال الحروب، لتحقيق مرادها، وما يجري منطقتنا العربية وفي دول الطوق الروسي خير شاهد، والأمر ليس جديداً على البيت الأبيض، ألم ينفخ أوباما يوماً على نار الخلاف بين كييف وموسكو غير مرة؟ ألم يقر في مقابلة تلفزيونية مع قناة “سي إن إن” بأن إدارته لعبت دوراً لتغيير الحكم في أوكرانيا في شباط من العام 2014 لتحقيق أجندات السي آي إيه؟

ألم يتحدث الخبير السياسي الأميركي “ستيفن كوهين” منذ سنوات عن مخطط واشنطن لإشعال عدة جبهات تطوق بها روسيا في القرم، في القوقاز، في أوكرانيا، في آسيا الوسطى؟ ألم يسمح أيضاً نظام أردوغان بمرور السفن الحربية الأميركية إلى البحر الأسود، خلافاً لاتفاقية “مونترو” الخاصّة بالمضائق البحرية، ويتناغم مع سياسات واشنطن التصعيدية ضد موسكو؟

إذاً واشنطن تخلع القفازات الدبلوماسية، التي كانت خلبية أساساً، وتكشر عن أنيابها العسكرية، التي تحاول إلباسها لأوكرانيا، علها تظفر بما عجزت عن نيله في أفغانستان وسورية والعراق وليبيا، وغيرها الكثير، لكنها لا تدرك أن عالم اليوم ليس هو عالم الأمس، وأن متاجرتها بحقوق الإنسان والحريات لم تعد صالحة الآن، وأنها لم تعد تأمر وتنهي وتقتل وتشرد الشعوب وتغزو الدول، من دون أن تدفع الثمن باهظاً، وتطورات الأزمة الأوكرانية ستكون الشاهد والدليل!.

انظر ايضاً

أكبر مجزرة “صحفية”.. وعالم يكتفي بالإدانة!.. بقلم: أحمد حمادة

هنا في غزة، لا حماية دولية للصحفيين، لأن “المدلل غربياً” هو الجلاد الصهيوني، هنا قواعد …