كتاب موشحات أندلسية.. تذكار بهذا الفن الأندلسي الخالد

دمشق-سانا

يقدم الدكتور محمد رضون الداية في مؤلفه الجديد موشحات أندلسية تعريفا بالموشح الأندلسي واختيارات من موشحات أهل الأندلس منذ بداياته المعروفة التي وصلت إلينا إلى خواتيم حياة الفكر والفن في الفردوس القديم “الأندلس”.

ويوضح الدكتور الداية ان كلمة الموشح ارتبطت بالأندلس رغم انتشار هذا الفن وذيوعه في اقطار العرب حيث بقي الاسم على حاله الموشح الأندلسي أو التوشيح الأندلسي نسبة الى بلاد الأندلس التي تطور في ربوعها وبرز اشهر ناظميه من تلك البقاع.

وفي الكتاب اعتماد على كتب اللغة في تعريف الوشاح على أنه قطعة من الجلد ينسج عليه ويرصع بالجواهر تشده المرأة بين عاتقها وكشحها خصرها وهو يشبه حاليا الذي يعطى للسفراء والدبلوماسيين في نهاية الخدمة او عند التكريم.

ويبين الكتاب أن الموشح الأندلسي يتألف من توالي جزأين من الموشح يتكرر مثلهما وزنا وايقاعا وقوافي داخلية وظهر في الأندلس مع القرن الثالث الهجري بعد نشاط موسيقي عال إثر دخول زرياب إلى الاندلس قادما من المشرق محركا لنهضة غنائية موسيقية ظهر أثرها في فن الموشح.

وينسب بحسب ما أورد الداية أول موشح لشاعر اندلسي اسمه مقدم بن معافى القبري من بلدة قبرة قرب قرطبة ولم يبقى من موشحاته شيء لبعد الزمان من جهة ولأن مؤرخي الأدب لم يكونوا يدونون الموشحات.

ويبين الداية أن سبب نشأة الموشح هي الحاجة الى نصوص جديدة تصلح للغناء الذي انتشر وذاع نتيجة لتطور الموسيقى في الأندلس فظهر التفنن العروضي في البحور المستعملة والمهملة ونظم تلك النصوص الجديدة بناء على بعض الاغاني الشعبية الدارجة وقد تكون من المشترك بين التراث الاندلسي العربي والتراث الشعبي للبيئة القديمة في الاندلس قبل الفتح العربي.

وكشف الكتاب أن الذي نظم الموشحات وكتبها بالعربية هم شعراء الأندلس واضافوا اليها احيانا العامية والاعجمية لافتا إلى أن هنالك بعض شعراء العصر الحديث حاولوا رد الموشح إلى التطور الطبيعي للنظم العربي بصفة هذا الفن اندلسي المنشأ يرتكز إلى أصول مشرقية.

ويرفض الداية نسب اي موشح للأجانب حيث نقل شعراء التروبادور الإسبان وامثالهم عن التراث الاندلسي وكان ظهورهم جميعا بعد ظهور الموشح واكتماله بزمن بعيد.

وكتب الداية ان الزجل الاندلسي اصل انواع الزجل التي ظهرت في عدد من الاقطار العربية تباعا ومن ذلك الجزل الذي يتقنه أهل القلمون وغيرهم في بلاد الشام حيث مر بمراحل منذ الوشاح مقدم بن معافى القبري ثم جاء يوسف بن هارون الذي طور وحسن ثم جاء عبادة بن ماء السماء.

وبين الداية ان الموشح يقسم الى قسمين موشح شعري وموشح غير شعري اما الشعري فهو ما بني على وزن من أوزان العرب المعروفة كالذي نجده في موشحة لسان الدين الخطيب والتي جاء فيها

جادك الغيث اذا الغيث هما….. يا زمان الوصل بالأندلس

أما الموشح غير الشعري يلاحظ أن القفل مكون من سطرين وأربع فقرات وليس للموشحات أوزان تقف عندها ولا أعاريض خاصة بها فالموشح صنعة الوشاح كما جاء في ديوان ابن خاتمة الأنصاري الأندلسي الذي قال ..

ثوبك احرز من الحبر …..فقد أملاني

قال خليني نفتصل …في بلد راني.

ويعتبر الموشح الاندلسي واحد من الفنون التراثية العريقة التي ساهمت في بناء الطرب الغنائي إلا أنه سجل أول حالة تدهور في بناء الشكل التنظيمي للشعر العربي وتسرب اللهجة العامية الضحلة إليه مما يدل على أنه كان مشجعا لكثير من الحالات السلبية التي انتابت الشعر وبناءه الأصيل.

يذكر أن الكتاب من منشورات الهيئة العامة السورية للكتاب للعام الحالي ويقع في 143 صفحة من القطع الكبير.