في بلد الليبرالية الجديدة.. ملايين المستأجرين الأميركيين مهددون بالطرد من منازلهم

واشنطن-سانا

تواجه ملايين العائلات الأميركية خطر طردها من منازلها اعتباراً من اليوم لعدم تمكنها من دفع بدلات الإيجار منذ عدة أشهر بسبب الظروف الاقتصادية التي خلقتها جائحة كورونا المتفشية على نطاق واسع في البلاد.

ويأتي هذا مع انتهاء مهلة تعليق عمليات الطرد التي كانت تحمي الأسر بعد أن فشل أعضاء الكونغرس في التوصل إلى اتفاق لمنح مهلة إضافية للمستأجرين الذين يواجهون ضائقة مالية رغم الظروف الداهمة ولا سيما مع تفشي المتحورة دلتا التي تعد سبباً في ارتفاع عدد الإصابات بكوفيد19 في أميركا مجدداً.

واقترحت لجنة برلمانية تمديد المهلة حتى الـ 31 من كانون الأول المقبل لكن هذا العرض لم يحصل على دعم كاف بما في ذلك في صفوف الديمقراطيين حيث طرح عندها تمديد مهلة السماح حتى الـ 18 من تشرين الأول فقط.

وبذلك يقبع الملايين من الأميركيين الآن تحت رحمة التجاذبات السياسية بين الديمقراطيين والجمهوريين حيث قالت الرئيسة الديمقراطية لمجلس النواب نانسي بيلوسي في بيان “للأسف لم يدعم أي جمهوري إجراء التمديد.. من المخيب للأمل للغاية أن يرفض الجمهوريون في مجلسي النواب والشيوخ العمل معنا على هذه المسألة” فيما ذكر مصدر في الكونغرس أن الاقتراح ليس موضع إجماع في صفوف الديمقراطيين أنفسهم.

وبدل حل هذه المعضلة الاجتماعية بدأ أعضاء مجلس النواب عطلتهم التي تستمر حتى نهاية آب المقبل على أن يليهم أعضاء مجلس الشيوخ بعد أسبوع ما يبدد الأمل في التوصل إلى اتفاق سريع وهو ما يترك أكثر من عشرة ملايين شخص تخلفوا عن دفع بدلات إيجارهم حسب تقديرات (مركز أولويات الميزانية والسياسة) وهو معهد أبحاث مستقل عرضة للطرد والتشرد في ظل ظروف اقتصادية وصحية معقدة.

وخلال الشهرين المقبلين سيعتبر نحو 3.6 ملايين مستأجر مهددين بالطرد من منازلهم ما يعني أن الأزمة آخذة بالتفاقم في ظل مماحكات سياسية حيث طلب الرئيس جو بايدن من الكونغرس الخميس تمديد مهلة التعليق لكن خطوته تواجه انتقادات إذ يأخذ عليه الكثيرون انتظاره حتى اللحظة الأخيرة للتحرك.

وقال نائب الرئيس الجمهوري للجنة الخدمات المالية في مجلس النواب باتريك ماكهنري أمس الأول “ثلاثة أيام تفصلنا عن انتهاء المهلة غير الدستورية التي أعلنها مركز مكافحة الأمراض والوقاية منها لتعليق عمليات الطرد مشيراً إلى أن الأعضاء الجمهوريين في اللجنة وضعوا نصاً يتيح تمديد المهلة لكنهم لم يتلقوا أي رد.

وما يزيد الوضع تعقيداً حسب المراقبين تأخير وصول المبالغ التي وعدت بها الحكومة الفيدرالية لمساعدة المستأجرين على دفع بدلات إيجاراتهم إلى حساباتهم المصرفية إذ أن الأموال تدفع إلى الولايات والجمعيات المحلية وبعدها يتم توزيع المساعدات على الأسر إلا أن ذلك يتطلب إقامة أنظمة متطورة لتلقي الطلبات والتثبت من أوضاع الأفراد ودفع الأموال وغيرها وبالتالي لن يصل سوى ثلاثة مليارات دولار إلى الأسر من أصل 46 مليار دولار أقرتها الحكومة بينها 25 مليار دولار صرفت في مطلع شباط الماضي.

كل هذه المعطيات تؤكد من جديد أن الولايات المتحدة صاحبة أكبر اقتصاد في العالم وحاملة راية (الليبرالية الجديدة) والاقتصاد الحر تمر بأزمات خانقة على مختلف الصعد الاقتصادية والاجتماعية وسط مشهد من التخبط السياسي والصراعات التي تؤثر سلباً على مكانتها وقدراتها.

وليد محسن