الشريط الإخباري

نحو بلورة موقف وطني جامع

مع اقتراب موعد اللقاء التشاوري، الذي دعت إليها موسكو لإطلاق الحوار السوري- السوري، تباينت الآراء عمّا يمكن أن يفضي إليه اللقاء، بين متفائل بإيجاد أرضية مشتركة لإطلاق حوار سوري شامل، وبين من يرى أنه غير فاعلة في هذه المرحلة. ولكل براهينه ومبرراته ومرتكزاته التي بنى عليها رأيه.. تباينات فرضتها التناقضات والانقسامات الدولية حول مجمل ما يجري على الساحتين العربية والدولية. فرغم الحديث العالمي عن ضرورة مكافحة الإرهاب، بعدما بات يهدد مناطق بعيدة عن سورية، نجد الامبريالية العالمية والرجعية العربية تنفذ على أرض الواقع عكس ما يصرح به سياسيوها.

فأمريكا وحكومة أردوغان وأنظمة الخليج لا يزالون يسيرون على النهج ذاته، الذي سلكوه منذ بداية الأزمة، وآخرها إعلان واشنطن عن تدريب آلاف الإرهابيين في تركيا والسعودية لمواصلة الحرب على سورية، وفي الوقت ذاته يؤكدون على الحل السياسي للأزمة، وهنا نتساءل: هل الحلول السياسية تستوجب رفع وتيرة التسليح والتدريب والتمويل.. أليس تجفيف منابع الإرهاب ووقف التجييش أولى الخطوات لأي تسوية سياسية؟!.

من هنا فإن كلام الأطراف المشاركة في الحرب على سورية بضرورة تسوية الأزمة سياسياً، لا يتجاوز ذر الرماد في العيون، للتنصل من حالة الإرباك وزعزعة الاستقرار التي أحدثوها في العالم، جراء حربهم العبثية والمدمّرة، والتي تسير على حد السكين، وتنبؤ بعواقب كارثية على العالم برمته، خدمة لمشروعات الهيمنة الصهيوأمريكية، كما يمكن وضعها في سياق تهدئة الرأي العام الأوروبي، والذي بات يهدد بانتفاضة شاملة في حال استمرار حكوماته في انقيادها الأعمى وراء السياسات الأمريكية، التي ما فتئت تؤكد بأن حربها على الإرهاب “طويلة”، ما يعني سفك مزيد من الدماء في عموم القارة العجوز جراء حرب لا ناقة لها فيها ولا جمل.

وفي ضوء الموقف الغربي يمكن فهم ماهية التحرك الروسي، والذي يريد من خلال استضافة المشاورات تظهير المشهد على حقيقته، وخاصة فيما يتعلق بـ “المعارضة الخارجية”، والتي باتت تلعب دور المفسّر لأحلام أردوغان وهذياناته بعد نقل عهدة ما يسمى “الائتلاف” لحكومته، ولذلك جاءت الدعوة الروسية لشخصيات سورية، وليس لكيانات أو تيارات سياسية، وبالتالي فإن اللقاءات تعدّ فرصة للفرز بين من يريد بالفعل الانطلاق بمشروع وطني جامع يخرج البلاد من أزمتها، وبين من يريد البقاء في فنادق النجوم الخمسة، ويتقاضى راتبه من ولي نعمته في الخليج، ولا يهمه إن امتدت الأزمة لسنوات طويلة، كما ستكشف مدى جدية الغرب في محاربة الإرهاب، والذي لا يزال يكابر رغم أن التكفيريين أصبحوا في عقر داره، وتشكل لقاءات موسكو فرصة له للخروج بماء الوجه.

وبعدما اتضح المشهد كاملاً، واتضح لكل ذي عقل وبصيرة أن ما تريده أمريكا وحلفاؤها إلحاق أكبر أذى في سورية وتفتيتها، فإن لقاءات موسكو فرصة لبلورة موقف وطني جامع، وأن يكون كل من يحضر على قدر المسؤولية الملقاة على عاتقه لتفويت الفرصة على محور المتآمرين من غرب ومستعربين.

فالمطلوب في هذه المرحلة إنقاذ سورية وليس البحث عن كرسي في حكومة قادمة أو تنفيذ أجندة خارجية.. وما يعوّل عليه السوريون إعادة الأمن والاستقرار من خلال مكافحة الإرهاب أولاً، وبعد ذلك فإن مستقبل سورية يحدده الشعب السوري بمختلف شرائحه وانتماءاته السياسية، ولا نظن أن أحداً سيعترض إن كانت الطروحات تصب في مصلحته وتخدم قضاياه المركزية وتحافظ على وحدة تراب وطنه واستقلالية قراره.

عماد سالم

انظر ايضاً

بمشاركة سورية… انعقاد اجتماع المجلس التنفيذي لمؤتمر الأوقاف والشؤون الإسلامية في العالم الإسلامي بمكة المكرمة

الرياض-سانا بدأت في مكة المكرمة بالمملكة العربية السعودية اليوم أعمال اجتماع المجلس التنفيذي الرابع عشر …