الخيزران يضيء الطريق للشاب إياد خوندة

اللاذقية-سانا

رغم فقدانه البصر رفض الشاب إياد خوندة 37 عاما الاستسلام لمشاعر الإحباط واليأس ووجد في مهنته المفضلة “صناعة الخيزران” سبيلاً للخروج من حالة نفسية واجتماعية صعبة للغاية رافقته خلال الفترة الأولى للتأقلم مع نمط حياته الجديد.

محاطاً بالعديد من قطع الخيزران متقنة التصميم بأشكال وأحجام مختلفة يجلس خوندة في الغرفة الخاصة بالخيزران في مقر جمعية رعاية المكفوفين باللاذقية برفقة أصدقائه يتبادلون الأحاديث بينما تتنقل أنامله بخفة وإتقان تحيك القش المبروم حول عيدان الخيزران لصنع تشكيلة من صناديق الهدايا وسلل الغسيل والفواكه والمهملات وعلب المحارم وغيرها.

وقال الشاب خوندة في حديثه لـ سانا الشبابية: لقد تم تشخيصي بمرض التهاب الشبكية الصباغي الذي يكون مستقراً في بداية العمر وقد يتطور أو ينحسر لكن تعرضي لإصابة في عيني تسببت بنزيف داخلي وفقدان كلي لحاسة البصر وذلك بعد إنهاء دراستي في الثانوية المهنية الصناعية.

ويتابع خوندة: لم يكن الأمر سهلاً بالنسبة لي ولمحيطي والمقربين حيث وجدت صعوبة كبيرة في التأقلم وبدأ اليأس يتسلل الى داخلي وأشعر بالكثير من الألم إلا أن وجود والدتي في حياتي منحني القوة لتخطي محنتي ورافقتني في أصعب لحظاتي إلى أن تعرفت على جمعية رعاية المكفوفين عن طريق الشاب علي شكوحي الذي يقطن في حينا وتوالت زياراتي إليها حيث وجدت في زوارها من الشباب “طلاب مدارس وجامعيين” والكبار والمتطوعين فسحة أمل.

وأضاف إنه بدأ تعلم صناعة الخيزران عن طريق مشروع تدريبي في الجمعية بإشراف ميشيل بريبهان وعلي الشكوحي وتكللت جهوده بالنجاح منذ انطلاقته في هذا العالم الذي كان يستهويه وعلى مدى أربعة أعوام كان قادراً على تعلم أساسيات هذه الحرفة وصقل مهاراته واكتساب ما يلزم لإتقانها كالدقة والسرعة والصبر مبيناً أنه لا كلمات تصف شعور السعادة الذي يغمره مع كل قطعة ينجزها حيث تختلف المدة الزمنية التي يستغرقها من قطعة لأخرى حسب الحجم وتوافر المادة الأولية والقوالب وقد تصل لعدة أيام.

وأكد الشاب خوندة أن صناعة الخيزران ساعدته في التخلص من الاكتئاب والعجز ومنحته شعوراً بالقوة والثقة بالنفس والقدرة على التكيف مع شتى ظروف الحياة مشيراً إلى أن التعاون والدعم الذي تلقاه من زملائه في الجمعية ومساعدتهم له شكلا سبباً حقيقياً في نجاح مشروعه إلى جانب المنحة التي حصل عليها من الأمانة السورية للتنمية وهي توفير المعدات اللازمة لقص عيدان الخيزران وتطويعها وشدها إلا أنه يعاني صعوبة كبيرة في عملية التسويق حيث لا يتوافر مكان دائم لعرض منتجاتهم والاعتماد بشكل أساسي على مشاركة الجمعية في المعارض والفعاليات الخيرية لبيع ما يمكن منها.

علي الشكوحي عضو مجلس إدارة في الجمعية ومدرب ورشة الدعم المهني للخيزران أشار إلى أهمية الدورات التعليمية والتدريبية والمهنية التي تقيمها الجمعية في تأهيل المكفوفين ومحاولة دمجهم في المجتمع إلا أنها تحتاج إلى دعم وتمويل وتشبيك أكثر مع الجهات العامة والجمعيات الأهلية الأخرى وعبر عن فخره بما حققه إياد واندفاعه وإصراره على مواصلة حياته والاستمرار بتقديم كل ما لديه ضمن الإمكانيات المتاحة.

رشا رسلان

 

انظر ايضاً

مهنة الخيزران تواكب العصر وتزاحم المهن الحديثة

دمشق-سانا ما زال الخيزران يصنف من المواد التي لا يستغنى عنها في صناعة المفروشات المنزلية …