الانحدار الأخلاقي- بقلم أحمد ضوا

وصل الانحدار الأخلاقي في العالم عموما, والغرب الاستعماري على وجه الخصوص إلى مرحلة خطرة جدا على مستقبل المجتمعات البشرية لدرجة بات الكثيرون يصدقون أن يوم القيامة قاب قوسين أو أدنى مستندين إلى التناقضات والصراعات المتزايدة إضافة إلى انتشار التمييز العنصري النفعي بشكل غير مسبوق.

قبل أيام شهدت العاصمة الفرنسية حشدا مليونيا ضد الحادث الإرهابي المدان الذي استهدف صحيفة «شارلي ايبدو» وفي نفس الوقت يخرج الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند ليقول.. انه نادم على عدم استخدام القوة العسكرية ضد سورية دون أن نرى موقفا شعبيا ولو في الحدود الدنيا ينتقد هذا الموقف الذي لو تحقق لكانت فرنسا وأوروبا عموما في وضع أمني أسوأ من الآن بكثير.

وكذلك الأمر.. أعلن البيت الأبيض الأميركي إرسال نحو 400 جندي أميركي لتدريب ما سماها «المعارضة السورية المعتدلة» التي خرج من رحمها منفذو الهجوم الإرهابي على صحيفة «شارلي ايبدو» واللافت للأمر أن السعودية وقطر اللتين تدعمان التنظيمات الإرهابية بالمال والسلاح, أعلنتا عن رغبتهما باستضافة تدريبات «المعارضة المعتدلة».

مع الأسف, المجتمعات الغربية مرت عليها هذه التصريحات الفرنسية والأميركية الخطرة – والتي ستكون لها ارتدادات مضرة بالغرب مستقبلا- مرور الكرام لكون الأمر لا يتعلق بحياتها ومعيشتها في الوقت الراهن, وهذا يعكس حالة من «الأنانية والتمييز» نسجته القوانين والقيم النفعية الغربية طوال العقود الخمسة الماضية.

وأيضا مرت هذه الصريحات في وسائل الإعلام الغربية التي تسير كالببغاء خلف السياسيين الغربيين عندما يتعلق الأمر بسياساتهم الخارجية حتى لو كانت هذه السياسات ذات طابع عدائي وتصب في مصلحة التنظيمات الإرهابية, وهذا ما لوحظ بشكل واضح وفظيع في تغطية الكثير من وسائل الإعلام الغربية للأزمة في سورية انطلاقا فقط من مصلحة الغرب دون النظر إلى مخاطر دعم الإرهاب والتحذيرات السورية من مخاطر انتشاره والتي تنعكس اليوم بشكل واضح وفعلي على الساحة الفرنسية.

في الحقيقة, لا يمكن الفصل بين الحكومات الغربية والأغلبية الساحقة من شعوبها عندما يتعلق الأمر بمصالح دولها, وكل الشعارات والقيم والقوانين الدولية والكونية تزول عند هذا المفصل وهناك الكثير من الأدلة فالرئيس الفرنسي انتخب وهو يعلن جهارا دعم التنظيمات الإرهابية وينادي بضرب سورية عسكريا,‏والرئيس الأميركي باراك أوباما انتخب في عام 2012 وهو يتدخل في الشؤون الداخلية السورية وينصب نفسه بديلا من الشعب السوري.

إن الحقيقة الساطعة هي أن الغرب بقواه السياسية والمجتمعية لا يهتم إلا بمصالحه ولو كانت على حساب الاخرين, واحتشاده ضد الإرهاب في باريس جاء من هذا المنطلق وهو لا يهتم لتعرض شعوب أخرى لهذا الخطر بل يسهم في دعم الإرهاب في حال صبت نتائج ذلك في خدمة مصالحه وهو يستخدم المؤسسات الدولية فقط بما يخدم مصالحه وأهدافه السياسية التي في الأساس تكون برامج في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية.

إن المشكلة الأعظم هي في مواقف الأطراف الأخرى ومنها العربية التي ينصاع الجزء الأكبر منها للسياسات الغربية والصهيونية على حساب أبناء شعبها,وأكبر دليل على ذلك إصرار مملكة آل سعود على عدم تخفيض إنتاجها من النفط نزولا عند القرار الأوروبي الأميركي على الرغم من أن المتضرر الأكبر هو الشعب السعودي بالدرجة الأولى وشعوب الدول المنتجة للنفط في المنطقة والعالم والتي يغلب عليها الطابع الإسلامي.

صحيفة الثورة

انظر ايضاً

انطلاق فعاليات مهرجان صدى المحبة في دورته الثانية على مسرح دار الأسد باللاذقية

اللاذقية-سانا بدأت اليوم في دار الأسد للثقافة بمدينة اللاذقية فعاليات الدورة الثانية من مهرجان صدى …