مهن يدوية انحسر دورها وتركت بصمتها على تراث دمشق وعلى ألقاب عائلاتها

دمشق-سانا

ظهرت في دمشق عشرات المهن والحرف اليدوية التي نمت وازدهرت ثم تراجع دورها وانحسر مع تطور الحياة ولكنها تركت بصمتها على تراث هذه المدينة الغني وعلى مجتمعها وإن كانت لا تزال تمارس على نطاق ضيق أو تكاد تكون انقرضت.

ويخص الباحث في التراث أحمد بوبس هذه الحرف التي تغلغلت في بنيان المجتمع حتى غلبت على ألقاب العديد من العائلات وكان لها حضورها في الماضي بدراسة حملت عنوان “مهن يدوية منقرضة” ومن هذه المهن وفقا لبوبس التنجيد الذي كان من أهم المهن اليدوية المنتشرة فيما مضى حيث كان أربابها منتشرين في أنحاء حارات وأحياء دمشق ينجدون الفرش واللحف والمخدات وكان يطلق على هذا النوع التنجيد العربي تمييزا له عن نوع اخر يختص بالكنبايات والكراسي.

ويشير بوبس إلى أن المنجد العربي كان بحاجة إلى دكان واسع المساحة لفرش المواد الأساسية المستخدمة في هذه المهنة وهي الصوف المستخدم لحشو ما يقوم بتنجيده لافتا إلى أن هذه المهنة كانت تنتقل لأجيال متعاقبة حتى أن كثيرا من الأسر أصبح لقبها العائلي المنجد.

ومن المهن الحرفية التي عرفها السوريون منذ أربعينيات القرن الماضي مهنة البوابيري الذي كان يقوم بتعبئة وإصلاح بوبور الكاز وكان الأداة الرئيسية لطهو الطعام وتسخين الماء في المنازل ويعمل بوقود الكيروسين زيت الكاز ويتألف من خزان وقود شبه اسطواني محمول على أرجل حديدية يضع عليها وعاء الطبخ ولكن هذه المهنة كما يشير بوبس بدأت تتراجع نتيجة استخدام مواقد الغاز.

ومن المهن الحرفية التي تكاد تختفي تبييض النحاس وكان يطلق على من يعمل فيها المبيض حيث يوضح بوبس أن هذه المهنة كانت رائجة حتى الستينيات من القرن العشرين لأن معظم الأدوات في المنازل كانت من النحاس كالقدور والصحون والملاعق والكبجايات والكفكير وغيرها التي تحتاج بين فترة وأخرى للتبييض لإزالة ما علق بها قبل أن ينصرف الناس عن استخدام الأواني النحاسية إلى الأدوات الحديثة المقاومة للحرارة وغيرها.

ويلفت بوبس إلى مهنة حرفية كانت تعتمد على تجوال الحرفي في الحارات وهي شحذ وسن الأدوات الحادة القاطعة كالسكاكين والمقصات والمناجل التي تستخدم في حصاد القمح في الريف حيث كان الحرفي يحمل عدته وينادي “مجلخ سكاكين .. مقصات..مناجل” وما إن يسمعه الناس حتى يأتوا إليه بما يريدون سنه من أدوات تثلمت من كثرة الاستعمال.

أما المقشاتي وهو صانع المكانس المصنوعة من القش فهي حرفة قديمة تعود إلى مئات السنين اشتغل بها كثيرون من أهالي دمشق كما يذكر بوبس حيث تصنع المقشات من نبات يشبه نبات الذرة كان يباع في سوق مخصصة له في محلة القرشي بحي الميدان الدمشقي على شكل حزم كبيرة وتبدأ صناعته بترطيب القش بالماء ليصبح طريا وتستخدم الة تسمى المقعدة وهي عبارة عن مقعد بلا قوائم يجلس عليه المقشاتي بعد تجهيز الحزمة المناسبة من القش يشدها بحبل موصول بطرفي المقعدة الى قدميه ويحزمها بخيط القنب المصيص حتى تصبح مقشة جاهزة للاستعمال.

ويعتبر تقشيش الكراسي من المهن الرائجة في الماضي أيضا حيث كانت كراسي القش والخيزران هي الأكثر انتشارا ويوضح بوبس أن تقشيش الكرسي يعني تغطية مقعده بالقش ولكن هذه المهنة بدأت بالتراجع أيضا امام انتشار الكراسي البلاستيكية.

شذى حمود

انظر ايضاً

مجموعة شبابية من القامشلي تطلق مشروعات صغيرة لدعم المهن اليدوية

القامشلي-سانا أطلقت مجموعة من الشباب والشابات من هواة الأعمال اليدوية في القامشلي