أبعاد الحرب الاقتصادية

البوابة الوحيدة المتاحة لسرقة النفط السوري وتسويقه هي تركيا، ومن الغرائبيات الاقتصادية والتجارية أن تقوم «مافيا» دولية معنية بسرقة النفط السوري بـ«تعهيد» هذه السرقة لتنظيم «القاعدة» وتفرعاته ولعصابات التكفير التي لا تملك من المعرفة الاقتصادية سوى كيف يصبح النفط مصدراً من مصادر تمويل إرهابها.
إنّ العمليات الرسمية للدولة في مجال صد وملاحقة سرقة النفط السوري تتم بحدود الإمكانات ومنها متابعات وإجراءات إدارية، وهي تحصل وسط ظروف شديدة الصعوبة متعلقة بتمركز إرهابي واضح في المناطق النفطية، ولا يمكن تجاهل تطوّر سياسي يرتبط بما كشف عنه مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة بأن روسيا ستقدم في مجلس الأمن الدولي مشروع قرار حول الشراء غير الشرعي للنفط من الإرهابيين في سورية والعراق.
في مكملات المشهد المأساوي النفطي ما يتعلق بالإجراءات الإسرائيلية تجاه نفط الجولان المحتل، حيث ستقوم إحدى الشركات بعمليات التنقيب عن النفط في الجولان بعدما استكملت إجراءات التعاقد ووسط تقديرات بإنتاج نفطي مهم.
إنّ ربط الوقائع ببعضها البعض يؤدي إلى نتيجة أنّ ثروة النفط السورية محل اهتمام تآمري كبير وتشكل مطمعاً استعمارياً، كثيراً ما خجلنا من الحديث عنه حتى خلال هذه الأزمة، إذ لا يشكل النفط السوري أهمية كبرى «تتطلب» حرباً على سورية من أجل النفط، فإنّه ثبت استثماره تآمرياً كمصدر من مصادر تمويل الحرب على سورية..
الوقائع المرتبطة بثروة النفط يجب أن تفتح باب البحث العميق في الأهداف الاقتصادية من الحرب على سورية، إذ إن المؤامرة تريد تجريدها من ثروة النفط وشتى ثرواتها لتجريدها من نهجها، ويجب ألاّ نستهين حتى بالفجلة وخصلة الثوم والبصلة وحبة البطاطا، فكلّها ثروات مستهدفة لأنّها تسند النهج السوري المقاوم، ويتوضح انزعاج حكومة أردوغان من الثروات السورية، فالدولة الوحيدة في المنطقة التي يمكنها منافسة تركيا زراعياً واقتصادياً هي سورية، ومن الواضح أنّ حكومة أردوغان لا تنظر إلى سورية إلاّ كسوق لها، وهذه النقطة تحديداً يجب أن تصبح بوابة الفهم السوري لسياسات تركيا حالياً ومستقبلاً، إذ لولا ذلك لما استنفرت حكومة أردوغان في سبيل إفقار سورية ووجدت أنّه كرمى هذا الإفقار مستعدة أن تصبح تركيا منفذاً أو «سوقا»ً للنفط السوري المسروق.
بقلم: ظافر أحمد