عشاء القائد.. الذي لم يكن سرياً – سلوى خليل الأمين

للحظات وأنا أستقبل العام الجديد طرقت المفاجأة دائرة الضوء المنتظر في خاطري لبداية العام 2015،لم تكن انتظارات الفرح بقدوم عام جديد، بحجم رياح الفجاءات التي لم تدرج على لوائح الاحتفالات المقامة عبر العالم كله، لأن المفاجأة الحدث التي هبت على مرمى أبصار كل من رصد شاشات التلفزة تلك الليلة، هي قضاء الرئيس بشار الأسد ليلة العيد في الخنادق العسكرية الأمامية في منطقة « جوبر» مع جنود الجيش العربي السوري على خط النار .‏

استقطبت هذه الزيارة الليلية المدهشة في وقعها وواقعها وسائل التواصل الاجتماعي الإلكتروني ، كما الوسائل الإعلامية العربية والأجنبية من مرئية ومقروءة ومسموعة، وكانت التعليقات تستوي على مراح العقول نشوات ظفر وانتصار عند المؤمنين بحكمة الرئيس بشار الأسد وقيادته الصلبة القائمة على متانة الإيمان بعروبة وطن، لم يشهد عبر تاريخه حالات الانهزام والانكسار والخنوع والخضوع، لأن سورية العابقة بشذى التاريخ والنضال ، كانت وما زالت تحمل النبض العربي المقاوم والأصيل، لهذا أطلق عليها الرئيس الراحل جمال عبد الناصر عبارته الشهيرة : «سورية قلب العروبة النابض بالحياة». لهذا سطرت عبر تاريخها المكتوب في الكتب ، خطوط هزيمة لمن مطامحهم تخرق كوابيس الغفلة التي يمتطون متونها تفتيشا عن دور مهم لهم، يتمكنون من خلاله استقطاب تأييد شعب سورية وجيشها المغوار ، المؤمن بقيادة رئيسه الشاب المتواضع، الذي خرج من كوادرهم الحزبية والعسكرية والسياسية والطبية والمعرفية ، نسرا استطاع حمل راية الوطن كتابا مقدسا ،لا يمكن المساس به، مهما تكالبت قوى الشر والاستكبار العالمي عليه وعلى وطنه سورية.‏

الزيارة الليلية والعشاء الذي لم يكن سريا، استقطب القلوب كما العقول ، فهذا القائد الفارس لم يجلس في ليلة رأس السنة واحتفالاتها المنتظرة في كازينوهات لاس فيغاس الأميركية كما يفعل أمراء النفط، ولم يدخل خلسة إلى بارات مونت كارلو في فرنسا كي يبدد ثروات الشعب ، ولم يقض ليلة العيد مع زوجته وأطفاله في جبال غشتاد في سويسرا متزلجا ، ولم يركب طائرة خاصة كي تحط به في لندن عاصمة الضباب كي يتمتع بعشاء فاخر من السومون المدخن والكافيار وشاتو بريان وغيرها من لذائذ الطعام التي بات القابعون في فنادق الـ 5 نجوم ،ممن يدعون أنهم سوريون ويريدون مصلحة الشعب السوري في الإصلاح والتغيير يتمتعون بها بحيث امتشقوا الكذب والخداع والتضليل بطولات مصطنعة، كي يتنعموا بما فاض عليهم به أمراء النفط الخليجي.‏

لقد ارتدى الرئيس بشار الأسد ثيابه البسيطة المصنعة في سورية، وقصد جبهة «جوبر» البعيدة حوالي 300متر عن مواقع الجيش العربي السوري، بشجاعة الفارس الذي لا يهاب الموت في ساحة الوغى، من أجل قضاء ليلة رأس السنة في الخندق مع حماة الديار الصامدين في جبهات القتال ، الذين فوجئوا بقدومه، بحيث كانت الفرحة تعلو وجوههم وهو يربت على أكتافهم قائلا : «كل عام وأنتم بخير وعائلاتكم بخير وسورية التي أنتم حماتها بخير، أنتم ترفعون معنوياتنا بصمودكم ونضالكم وصبركم» ، ولم تنته الزيارة إلا بعد تناول العشاء مع الضباط والجنود في الموقع، وقد شاهد العالم كله تلك المائدة الغنية بالمعنويات العالية والبطولات المتمكنة من إحراز النصر، والصبر على الشدائد ، والإيمان بالله والوطن وقوة سورية التي لا تهاب الخطوب، فمن يجلس على كرسي من خشب الشوح، وأمامه البطاطا المسلوقة والبندورة البلدية المشلوحة على أرغفة الخبز البلدي ويغمس لقمته بيده متناولا الفول البلدي من صحن بلاستيك بسيط، وليس من صحون الذهب والفضة ، تلك اللقمة المعجونة بعرق الجباه الصامدة والدم المستباح، وقمح الحقول الشامخة رغم المطبات، لن تهزه عنتريات الأقزام الخونة والفريسين، ولا حوليات الدهور المأزومة، ولا خيانة ذوي القربى ، ما دام هو القائد المتصالح مع جيشه وشعبه ووطنه حتى في أصعب الظروف.‏

لهذا لا بد من الرد، على أولئك المأزومين الحاقدين من المعارضة الذين وصفوا الزيارة الحدث: بالمهزلة، وهم أدوات بيد من يحركهم من دول الغرب والصهيونية العالمية المعادية لسورية وعروبتها وقائدها : تفضلوا يا حضرات الثوار الميامين ، القابعين في الفنادق الارستوقراطية في كل من تركيا وفرنسا والأردن وقطر وجنيف، واحذو حذو الرئيس القائد بشار الأسد، وذلك بزيارتكم مخيمات اللاجئين السوريين من أبناء جلدتكم في ليلة العيد، وقوموا بحمايتهم من البرد القارس والمطر المتسلل إلى الخيم التي أقمتموها لهم بالتعاون مع من مولكم وحرككم ووضع لكم المخططات الجهنمية الآيلة إلى تشريدهم وتدمير بلدهم ومؤسساته الذي لم يبخل عليهم بالأمن والآمان، تفضلوا واصغوا إلى المرأة السورية المهجرة في مخيمات الذل في عرسال اللبنانية، التي قالت عبر كل وسائل الإعلام اللبنانية بصراخ يدمي القلوب : «سأقتل أولادي بالسم وأنا معهم ، نحن نعيش لا غذاء ولا لباس يقينا البرد القارس ولا سقف يمنع عنا المطر والثلج ، لقد تاجروا بنا وتركونا في العراء نتلظى من الظلم والقهر ، الموت أرحم» .‏

هذه الصرخة التي تمثل أفعالكم القذرة ، وشروركم المستفحلة ، لن تخولكم التكلم باسم الشعب السوري ولا المفاوضة باسمه، لأن الشعب السوري قرر وجزم ، واختار قراره بالوقوف خلف قائده المتمكن من مجابهة قوى الاستكبار العالمي منذ أربع سنوات بحكمته ودرايته وثباته على القيم والمبادئ السورية القومية والوطنية لهذا سيبقى : وحده الرئيس بشار الأسد قدر سورية الأبهى والأبقى، ووحده القابض على أدهار العزة والكرامة والمجد لسورية العظيمة، ووحده المتمكن من رصف المفاجآت التي تدحض الأكاذيب والافتراءات الملعونة، ووحده الحامل سيف سورية يراع تاريخ عابق بروائح الياسمين الدمشقي ، ووحده بين الحكام العرب الصامد الصابر على المؤامرات الكونية وشرورها الآسنة ، ووحده الفارس العربي القادر على الصمود والتصدي ومجابهة العدو الصهيوني لأن فلسطين في أجندته هي البوصلة الثابتة الاتجاهات، ولأنه وحده من حمل وما زال يحمل نبض كراماتنا صبرا ويقينا في جلجلة العصور المربكة بطوفان العقول المهترئة والصدئة، ووحده .. وحده .. القادر على مسح الحزن من قلوب الثكالى عبر جعل غصة الأعياد بلسما شافيا ترتله نايات الدهور التي ستسجل على قراطيس المجد عنوانها الكبير القائل : الفخر والمجد لمن عاش عصره .. أعني عصر الرئيس القائد بشار الأسد.‏

صحيفة الثورة

انظر ايضاً

ما وراء طرح دولة منزوعة السلاح ..؟ بقلم: ديب حسن

أخفق العدوان الصهيوني في غزة وعرى الكيان العنصري أمام العالم كله، ومعه الغرب الذي يضخ …