قصائد تنهل من البساطة والتكثيف في مجموعتين لأحمد نصار

دمشق-سانا

تأتي قصيدة النثر في المجموعتين الشعريتين اللتين صدرتا مؤخرا للشاعر أحمد نصار تحت عنوان “بين صبحين” و”عتمة الضوء” في صورة تخالف ما عرفت به قصائد النثر عادة فتعتمدان البساطة والوضوح مع الالتزام بباقي مقوماتها من الصور الفنية والتكثيف والرمز.

ففي مجموعة بين صبحين يتنوع النص الشعري من القصيدة للومضة ولكن يبقى الشاعر في كليهما مخلصا للصورة وباحثا عن التجديد فيغدق كل ما لديه من انفعال عاطفي لتأتي الأبيات على صورة دفقة شعرية ولكنها حائرة تبحث عن مكان تتكئ عليه كما في نص “تأمل” حيث يقول:

“وأعشق..رذاذ هدب الشموع..حينما تصارع الوقت روحي..على وسادة من

أحلام..تعبرني في رؤى الليل..واتأمل وجهك”.

ويأتي الغزل في هذه المجموعة مباشرا صريحا يبني معانيه من المادي والمحسوس ولكن أمداءه تقتصر على التغني بجمال المحبوبة وما يتركه في نفس الشاعر من أثر كما في نص حمل عنوان “يا لهذا السرور” والذي يقول فيه:

“حينما يلاعب حبرك..سطرا على دفتر..ترسمين..تكتبين..رقصة سرير..تتعرين

من ورق الخريف”.

غير أن الشاعر يسلك طريقا مختلفة حينما ينكفئ على نفسه وهمومها ليسألها ما سر تدفق أحزانه والنار التي يحسها تأكل صدره فيطرح جملة تساؤلات مبطنة ومباشرة لا يجب عنها ولكنه يزرعها في أرجاء قصيدته لتعطيها بعدا تأمليا فيقول في نص بعنوان “السر في الشاعر”:

“المحبة قوة خفية..تلمع أمام الشمس..تتمايل بين الفصول الحزينة..تنادي

يا أيها الشاعر..يا قلبي الدامع..يا جرحي الملتهب..يا أيها الناطق

بلغتها..هل رأيتها..جامدة في وجه الخريف”.

أما في مجموعة عتمة الضوء فيواصل الشاعر إبحاره بذات الدرب فالبساطة والتشبيهات تغلف النص الشعري لتعطيا حضورا سهل المنال رقيقا ومنسابا كما في نص “الأمس مات”:

“أطلقت صباحي حبيبتي..ناظرا لشفق الشمس..من عينيك..أنهار من حب بسيط..كم

الثمار..المنسية على غصن الندى”.

ويغدو الوضوح هو سيد الموقف عندما يحول الشاعر بوصلته إلى القضايا الوطنية فتصبح الصورة تبعا للمعنى الذي يقودنا لمصب واحد وهو الأمل بالعودة إلى فلسطين كما في نص “حالمون”:

“أيها الفلسطيني..لا تغسل يديك..من صنع المعجزة..فكل الرسل من قدسك..لا

تهزك كذبة صغيرة..من خلف ظهرك..ستعود إليك مدينة السلام..هم حالمون”.

والشاعر أحمد نصار من مواليد مخيم اليرموك في مدينة دمشق سنة 1967 وهو عضو في اتحاد الكتاب الفلسطينيين وأمين سر ملتقى الشهيد زياد أبو خولة الثقافي صدر له مجموعات قصصية عدة وهي “الفقر وأنا” و”الموسم القادم” و”نحو الشمس”.

سامر الشغري