الشريط الإخباري

سحر العقوبات الغربية على روسيا ينقلب على صانعيه.. والبداية من ربط الغاز بالروبل

دمشق-سانا

بعد انقضاء وقت قصير على الحرب المالية والعقوبات الاقتصادية الشاملة التي فرضها الغرب على موسكوعلى خلفية العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا والتي انعكست بآثار سلبية على الاقتصاد العالمي ككل بدأ المشهد مؤخراً يصبح أكثر وضوحاً لجهة انقلاب السحر على الساحر ولا سيما بعد القرار الروسي بربط الغاز بالروبل.

ويأتي قرار روسيا ربط الغاز بالروبل وفق خبراء كرد على العقوبات الاقتصادية القاسية التي فرضها الغرب على روسيا الاتحادية ولا سيما أنه عزز العملة الوطنية لروسية وخفض معدلات التضخم فيها ما يؤكد أن موسكو نجحت إلى حد كبير في تطويع تداعيات تلك العقوبات وامتصاص تأثيراتها من خلال هذه العملية التي كانت بمثابة رسالة تؤكد أهمية الطاقة الروسية لأمن الطاقة العالمي وللاستقرار السياسي والاقتصادي في دول الغرب.

الإجراءات الروسية لمواجهة العقوبات الغربية السريعة والواضحة تحدثت عنها مجلة ذي ايكونوميست البريطانية حيث رأت أن الاقتصاد الروسي صمد في وجه الضغوط التي فرضتها العقوبات الغربية غير المسبوقة وأثبت أنه مرن بشكل مدهش معتبرة أن قطاع الطاقة الروسي عامل مهم في مواجهة العقوبات وأن الحفاظ على استقرار سعر صرف الروبل وتنفيذ جميع المدفوعات بموجب سندات دولية مقومة بعملات أجنبية يدل على استعداد النظام الاقتصادي لروسيا للعقوبات الغربية.

وفي إشارة واضحة على فشل الغرب في تطبيق عقوباته جاء إعلان العديد من الدول وشركات النفط الأوروبية موافقتها على دفع ثمن الغاز الطبيعي الروسي بالروبل ولا سيما بعد قرار شركة غازبروم الوطنية الروسية بقطع تدفقات الغاز عن بولندا وبلغاريا لعدم الامتثال للشروط الجديدة الأمر الذي دفع عدداً من الدول الأوروبية عبر شركاتها إلى فتح حسابات لدى بنك غازبروم لشراء الغاز بالروبل تحسباً من الآثار الكارثية المترتبة على مقاطعة الغاز الروسي.

ومن تلك الشركات التي وافقت على الدفع بالروبل مجموعة OMV النمساوية للطاقة وهي واحدة من أكبر مستوردي الغاز الروسي حيث فتحت حسابات بالروبل في غازبروم ببنك في سويسرا وفق ما أوردته صحيفة “فاينانشيال تايمز”.

وفي أحدث مؤشر على انقسام الجبهة الأوروبية الموحدة ضد موسكو وفقاً لما نقلته وكالة “بلومبيرغ” أعلنت شركة  “ايني سبا” الإيطالية للطاقة استعدادها لفتح حسابات بالروبل وقامت “يونيبر” وهي إحدى أكبر الشركات الألمانية للطاقة باستخدام نظام دفع جديد تقبله موسكو وذلك بحجة أن “الخيارات معدومة في تأمين الغاز من مصادر أخرى”.

وترافق إعلان تلك الشركات الأوروبية موافقتها على التعامل بالروبل الروسي مع تصريحات عدد من المسؤولين الأوروبيين حول ضرورة دفع ثمن الغاز الروسي بالروبل حيث قال وزير البيئة الإيطالي روبرتو سينغولاني: ينبغي السماح لشركات الطاقة في دول الاتحاد الأوروبي بدفع ثمن الغاز الروسي بالروبل.

فيما أعلن وزير الاقتصاد الأرميني فاجان كروبيان أن بلاده سددت عدة مدفوعات لشراء غاز طبيعي روسي بالروبل أكدت هنغاريا على لسان المتحدث باسم حكومتها زولتان كوفاكس معارضتها لأي حظر من جانب الاتحاد الأوروبي على واردات النفط والغاز من روسيا “إن موقف البلاد بشأن أي حظر للنفط والغاز لم يتغير نحن لا نؤيده”.

ويأتي ما كشفه مكتب رئاسة الوزراء الهنغارية ليؤكد مدى التخبط الغربي في التعامل مع القرار الروسي حيث أكد أن تسع دول أوروبية فتحت بشكل غير معلن حسابات في البنك الروسي لدفع ثمن الغاز الطبيعي بالروبل في الوقت الذى فتحت فيه هنغاريا بشكل علني حساباً في البنك الروسي للغاية نفسها وفقا لوكالة سبوتنيك.

وفي الوقت الذي لم يخف فيه وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك خشيته من خطر قطع موسكو للإمداد بقوله: إن خطر قطع موسكو للإمداد يجب أن يؤخذ على محمل الجد أعلن ليونارد بيرنباوم رئيس أكبر شركة ألمانية للطاقة AON أن بلاده لن تصمد خلال الشتاءين القادمين دون واردات الغاز الروسي متوقعاً أن يلحق وقف استيراد الغاز بالاقتصاد والصناعة الألمانيين أضراراً كبيرة.

وزير الاقتصاد السلوفاكي ريتشارد سوليك بدوره أكد أن بلاده لن تنضم إلى أي حظر على واردات النفط من روسيا وستسعى للحصول على استثناء في حال فرض الاتحاد الأوروبي ذلك لأن القضية حيوية لاقتصاد سلوفاكيا وخاصة أن روسيا تؤمن 100 بالمئة من احتياجات المستهلكين السلوفاكيين من النفط.

ولم يغب الدور الكبير الذي يلعبه اقتصاد الطاقة الروسي في اقتصاديات الدول الصناعية الكبرى عن الصحف العالمية التي أفردت له تقارير كثيرة حيث حذرت صحيفة واشنطن بوست من أن أوروبا ستمر بأوقات عصيبة في حال امتناعها عن شراء الغاز الروسي لعدم توافر بدائل لإمداداته.

وما حذرت منه صحيفة واشنطن بوست أيده إدوارد تشاو الباحث في مجال أمن الطاقة في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية الأوروبية بقوله: لعبة خطيرة حظر الغاز الروسي.. لا أعرف كيف سينتهي كل ذلك.. لن يتمكن أحد من إنتاج مزيد من الغاز الطبيعي بسرعة بعيداً عن الطموحات التي تصبو إليها الحكومات الأوروبية.

إذاً ووفق كل ما سبق تؤكد المعطيات أن اقتصاد روسيا في ظل العقوبات الغربية غير المسبوقة أفضل مما تصورت الدول الأوروبية التي فرضتها والتي تعاني حالياً من خلافات فيما بينها إثر موضوع تسديد ثمن الغاز بالروبل الروسي الذي يحقق نجاحات تاريخية رغم التحديات الاقتصادية التي تفرضها العقوبات.

فهمي الشعراوي

متابعة أخبار سانا على تلغرام https://t.me/SyrianArabNewsAgency

انظر ايضاً

شولغينوف: أوروبا مهتمة بتمديد صفقة نقل الغاز عبر أوكرانيا

موسكو-سانا أعلن وزير الطاقة الروسي نيكولاي شولغينوف أن أوروبا مهتمة