الرياض-سانا
تتوالى الأزمات الداخلية التي تعصف بالنظام السعودي في ظل تماديه بدعم الإرهاب في المنطقة واستمراره بالعدوان على الشعب اليمني منذ أكثر من أربع سنوات إلى جانب مواصلة دفع الرشى للإدارة الأمريكية من أجل استمرار بقائه لتظهر ارتدادات كل ذلك على خزينته التي تئن تحت وطأة الأعباء والاستحقاقات.
ولعل أزمة السكن أحدث الأزمات التي تعصف بهذا النظام بعد أزمة الوقود التي تم رفع أسعارها ثلاث مرات متتالية في بلد يعد من أكبر دول العالم المنتجة للنفط حيث لا تزال المساكن أغلى ثمنا من قدرة الكثير من السعوديين الذين أصبح حلمهم بامتلاك منزل بعيد المنال في ظل ظروف غلاء المعيشة جراء سياسات النظام السعودي التي أوصلت المواطنين والاقتصاد إلى انحدار كبير يصعب الخروج منه في المستقبل المنظور ما دفع هذا النظام للجوء إلى سياسة الاقتراض.
وفي تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية تنقل فيه عن أحد السعوديين المستائين قوله إن “نظام القروض يدمر الطبقة الوسطى ويخنقنا” داعيا للعودة إلى القروض من دون فائدة.
ويضيف وهو أب لثلاثة أبناء ويسكن مع عائلته في شقة مستأجرة في الرياض إن السياسات الحالية في مجال السكن تسببت في تأخير حلم بناء منزله الخاص عند أطراف المدينة مؤكدا أنه يعاني لتسديد القروض من راتبه الشهري في ظل ارتفاع تكاليف المعيشة.
بدوره يعبر موظف حكومي انتظر سنوات للحصول على قرض من صندوق السكن عن غضبه ويقول إن “الوضع الحالي يعني أنه لا يمكن إلا أن يستأجر مكانا صغيرا بدل شراء منزل” مضيفا: “عندما تضطر ابنتي التي تبلغ من العمر ثماني سنوات لأن تبدل ملابسها أمام إخوانها فانني أشعر بالخجل كوني لا أملك منزلا أكبر”.
وبحسب إحصاءات رسمية فإن هناك نحو 500 ألف شخص على لائحة الانتظار للحصول على قرض بلا فائدة وتقول نجاح العتيبي المحللة في معهد متخصص في لندن إن “هذا الأمر يحمل بالطبع خطر التسبب باستياء عام”.
وتبرز هذه المسألة التحدي الذي تواجهه سلطات النظام السعودي في محاولتها لفصل المواطنين عن السخاء الحكومي في وقت يتوقع أن يبلغ عجز الموازنة العامة 35 مليار دولار في 2019 أي2 ر4 من الناتج المحلي الإجمالي.
وتقول المحللة في معهد أميركان انتربرايز كارين يونغ: “في السعودية مصدران للتوتر.. الأول يكمن في توفير مساكن بأسعار معقولة للأجيال الشابة التي تشعر بتداعيات تكاليف المعيشة المتزايدة وبانخفاض الدعم الحكومي لمصادر الطاقة وتناقص عدد الوظائف.. فيما يتمثل مصدر القلق الثاني في توسيع الخدمات المالية بهدف زيادة المنتجات الائتمانية مع أمل بأن يؤدي ذلك إلى تحفيز النمو الاستهلاكي”.
وفيما يطلق النظام السعودي وعودا لمواطنيه بحل المشكلة عبر الإعلان عن سعيه لشراكة مع القطاع الخاص لتوفير مليارات الدولارات لبناء منازل بتكلفة منخفضة في السنوات المقبلة تبقى نسبة من يمتلكون منازل في أكبر دولة منتجة للنفط في العالم 50 بالمئة فقط من السعوديين البالغ عددهم 7ر20 مليون شخص.
ويتزايد الامتعاض لدى السعوديين من إنفاق النظام على مشاريع كبرى مثل منطقة نيوم شمال غرب المملكة التي تبلغ تكلفتها نحو 500 مليار دولار بينما يعجز عدد كبير من المواطنين عن شراء منازل.
وتداول بعض مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي عبارة “أين الـ250 مليار ر يال” والتي تشير إلى 67 مليار دولار كان أعلن عنها الملك السعودي الراحل عبد الله بن عبد العزيز في 2011 لصالح وزارة الإسكان فيما بدا محاولة للتعامل مع الاستياء الشعبي المتزايد ضد سياسات البذخ التي تمارسها العائلة الحاكمة في السعودية.
دليانا أسعد