دمشق- سانا
يستفيد التشكيلي صالح الهجر من قدرته الكبيرة على التعامل مع الحرف العربي ليقدمه في لوحاته الحروفية بتكوينات تشكيلية ولونية تضيف للوحة آفاقا وطاقات جمالية جديدة ليوائم بين الحروف والتكوين والألوان بطريقة سلسة متناغمة لا تنحاز لأحد هذه المكونات متجاوزاً غيره من التجارب التي تقدم الحرف كحامل شبه مطلق للعمل التشكيلي.
وعن تجربته الحروفية التشكيلية يقول الهجر في حديث لسانا إن البحث والتجريب اللوني أوصلني لمعادلة فنية مرضية في مجال التجريد اللوني واستلهام الخط العربي فبدأت في محاولات جادة لإستيحائه في الأسلوب التجريدي وبدأت بإدخال الحروف في لوحاتي إلى أن وصلت أعمالي إلى ما هي عليه الآن.
وعن أنواع الخطوط التي يقدمها في لوحته يوضح الهجر أنه متمكن في العديد من الخطوط العربية مثل التعليق /الجلي /النسخ /الثلث /الديواني /الديواني الجلي/ /الاجازة/ مبيناً أن عمله على اللوحة الحروفية يكون بخط الثلث والديواني الجلي غالبا.
ويوضح الهجر أن خط الثلث يمتلك تكوينا وبناء هندسيا يعطي رصانة للعمل التشكيلي ككل من حيث التوازن والتناظر وهو مفهوم اللوحة الشرقية الإسلامية كما يستخدم الخط الديواني الجلي عندما يستفيض بالعمل اللوني حيث يعطيه مساحة كبيرة من الفضاء التشكيلي والتحليق باللون ومساحات الحرف العربي بأبعادهالمتعددة.
ويرد الهجر على الاتهامات للحروفيين بتشويه الخط العربي ويقول” إن من يتهم الفن التشكيلي الحروفي بذلك ليس لديه القدرة على تغيير أدواته فبدل الحبر أصبح هناك الأكريليك وبدل الورق أصبح هناك الكانفاس وبدل القصبة هناك الريشة ومن لا يستطيع أن يغير أدواته وتقنياته لن يستطيع أن يطور عمله الفني أبدا.
ويتابع إن تنوع مدارس الخط العربي ووصول لوحته للكمال وعدم القدرة على تقديم أي حلول فنية جديدة ضمن هذه المدرسة الكلاسيكية لا يعني أن نبقى نستنسخ هذه الصورة له ونقف عند حدود معينة لان هذه الرؤية فيها شيء من الإنغلاق والمراوحة بالمكان.
وعن واقع الحروفية في سورية يشير الهجر إلى أن العمل الحروفي أو الخط العربي يأتي بمبادرات فنية فردية لا تتلقى الرعاية معتبرا أن الفنان السوري وعمله الحروفي حاضر وبجدارة سواء داخل الوطن أو خارجه ودائما متميز بكثير عن غيره وهذا ليس بغريب عن أبناء الأبجدية الأولى أما عن التسويق فهذا يعود
للجهة المسوقة للعمل الفني سواء كانت مؤسسات أو صالات العرض الخاصة وهي متفاوتة من فنان لآخر ومن جهة لأخرى.
وعن تأثيرات الأزمة على عمله كفنان يوضح الهجر أن الأزمة التي نمر بها أثرت على الجميع مبيناً أنه رغم كل الصعوبات لم يتوقف عن العمل الفني ابداً ولكنه غير بعضا من المواضيع التي يطرحها في عمله الفني.
ويقول شاركت في ملتقى الشارقة الدولي للخط العربي هذا العام بدورته السادسة بلوحة حروفية تصور شيئا من الحطام والدمار واسم العمل كان أبجدية الحطام وقد نالت اللوحة الجائزة التقديرية للملتقى وهذا دليل بأن حالة الابداع لا تتوقف تحت أي ظرف.
ويوضح الهجر أن الفن التشكيلي السوري تأثر بشكل كبير جدا خلال السنوات الأخيرة بسبب الازمة فأغلب صالات العرض الخاصة توقفت عن عملها باستقبال الأال الفنية لعدم القدرة لديها على التسويق وعدم قدرة الفنان أيضا على التنقل من مكان لآخر وهذا أثر بوضوح على تراجع الحركة التشكيلية السورية بشكل عام.
ورغم ذلك فإن الهجر يؤكد أن للفن التشكيلي السوري حضوره المميز في الكثير من المحافل الفنية العالمية وله هويته الفنية الخاصة ويحظى بالتقدير في الخارج وهذا ما لمسه من خلال معارضه في عدة بلدان من العالم.
ويلفت التشكيلي الحروفي إلى الجوائز التي حصل عليها فنانون خطاطون وحروفيون أمثال عبيدة البنكي وعدنان الشيخ عثمان ومحمد غنوم ومنير الشعراني وجمال بوستان وعبد الرزاق محمود وغيرهم من المبدعين في هذا المجال وهم أساتذة يعلمون هذا الفن وأصوله.
وعن أسعار الأعمال الفنية وتسويقها يرى الهجر أن العمل الفني لا قيمة مادية محددة له ولكن لاسم وسيرة الفنان تأثير على قيمة العمل الفني ولصالات العرض أيضا دور مهم في التسويق الفني للعمل وإيجاد السعر المناسب له.
وعن الدور المطلوب من الفنانين في إعادة إعمار سورية يبين أن للعمل التشكيلي على تنوعه بين التصوير والنحت دوراً أساسياً في تجميل المدن بساحاتها ومداخلها وشوارعها وبالتالي الإسهام بإعادة الإعمار لأن لديه القدرة الحقيقية على الإبداع في فن العمارة والتوزيع المناسب والجميل للكتل في المساحة والفراغ.
ويختم الهجر حديثه بالتعبير عن تفاؤله بمستقبل الفن التشكيلي السوري رغم كل الظروف والصعوبات ويقول متفائل لأن بداخلي فنانا يأبى الهزيمة وهذا حال كل الفنانين المبدعين السوريين سواء بالاتجاه الحروفي أو التشكيلي عموما.
والفنان صالح الهجر خطاط وتشكيلي عضو في اتحاد التشكيليين السوريين وله العديد من المعارض والمشاركات الفردية والجماعية داخل سورية وخارجها في ملتقيات وورشات عمل وحاصل على عدة شهادات تقدير من سورية ولبنان والإمارات والكويت وأعماله مقتناة في عدة دول من العالم.
محمد سمير طحان