دمشق-سانا
ولدت قضية فلسطين ومعاناتها الكثير من المبدعين في كل المستويات وخاصة الشعر فكان شعراء المقاومة بطليعة الأدباء العرب ومازالوا مستمرين في النضال بالكلمة كما بالسلاح مادام هناك أرض مغتصبة ومن رحم تلك المأساة خرج الشاعر رضوان قاسم ليعتلي المنابر الثقافية ويردد في اشعاره الحنين والتمرد والنضال حتى تحرير آخر شبر من الأرض المغتصبة.
الشاعر قاسم أوضح في مقابلة لسانا أن المقاتل الفدائي يقدم دمه والسياسي يدافع على المنابر والشاعر يكافح بالكلمة والمرأة تدافع بالتمسك بالتراث لتكتمل الحلقة وتظل فلسطين قضيتنا وحقنا المشروع معتبرا أن ما يقدمه من شعر هو في باب الالتزام والدعوة إلى الكفاح من أجل الجرح الفلسطيني الذي يمتد لأكثر من سبعين عاما.
قاسم الذي تعلق بالشعر منذ الطفولة فحفظ الأناشيد التي تتمسك بالأرض وتعبق بالحنين بدأ الكتابة بعد العشرين من عمره بمقاطع نثرية حيث أكد له النقاد وقتها أنها تحمل بذور الشعر من حيث الوزن والقافية والدلالات وتحتاج لبعض التشذيب ما دفعه للحصول على كتاب الخليل في العروض وتعلم البحور في وقت قصير والاتجاه لكتابة الشعر وهو لا يسمي نفسه شاعرا بل يترك هذا الأمر للآخرين ولقصائده مشيرا إلى أنه يكون شاعرا بقدر ما يستطيع التعبير عن الآخرين وقول ما يؤرقهم شعرا ويعجزون في التعبير عنه.
وقال قاسم “نحن في طفولتنا لم نكن نسمع قصص ألف ليلة وليلة وسندريلا وإنما كنا نسمع قصص نزوحنا من الجنة فلسطين لكثرة ما كانوا يحدثوننا عن جمالها وخصوبتها وكيف طردونا منها وكيف خرجوا بلا شيء سوى المفاتيح تلك الإرهاصات تشكلت في اللاوعي وأصبحت تظهر في كتاباتي بشكل عفوي كأحد الأبيات التي قلت فيها.. سبب ثقيل اسمنا بين الورى.. أنى نقيم الأرض منا تسأم” الذي استوحيته من قصة رواها جدي لي منذ سنين.
ولفت قاسم إلى أن مجموعته الأولى “فاء أنا” تحمل الهم الفلسطيني فالفاء هي اختصار لفلسطين والأنا هي الهم الجمعي للشعب المشرد المتمسك بأرضه ويحملها بين ضلوعه حتى يعود إليه فهو نتاج المأساة والتشرد في الخيام.
وبين قاسم أنه في مجموعة فاء قارب في إحدى قصائدها بين خيمة الفراهيدي التي اشتق منها العروض وخيمة الفلسطيني فجمع ست تفعيلات في بيت واحد “بيت القصيدة إنني لا بيت لي.. أبني بيوتا والمنافي تهدم” مازجا تلك الإيقاعات في تفعيلة البحر الكامل مؤكدا ضرورة الإيقاع الموسيقي الخارجي للقصيدة فالشاعر يزن القصيدة تلقائيا ويكتشف الخلل الموسيقي سماعيا دون تقطيع.
وجاءت موضوعات مجموعة فاء أنا حسب الشاعر قاسم وطنية محضة وحتى وجود المرأة فيها كان من قبيل إحياء التراث والزي الفلسطيني مبينا أن لديه مجموعة اخرى تحمل الهم الوجداني العاطفي وهي مخطوطة بعنوان “علمني كلام الماء” تحاكي هموم الحب والمجتمع والإنسان.
ولدى قاسم مخطوط ثالث بعنوان “قم واعتذر للبرتقال” يحمل أيضا الهم الوطني وهذا يظهر من عنوانه مشيرا إلى أهمية العنوان في العمل الإبداعي إذ يجب أن يكون المحتوى مكثفا في بضع كلمات.
وأوضح قاسم أنه لا يكتب من أجل الظهور وإنما بسبب تلك الطاقة الكامنة داخله والهموم المتراكمة التي إن لم يفرغها على الورق سببت له الكثير من الأزمات والهدف من الكتابة هو إيصال رسالة حتمية بأننا نستخدم كل السبل والطرائق من أجل قضية عادلة وحق شرعي بأن نستعيد وطننا الذي يحمل تاريخنا وجذورنا.
بلال أحمد