في الأيام القليلة الماضية، أضيفت إلى كمّ المعادلات الغريبة والمأساوية، التي حكمت الحرب في سورية وعليها منذ البداية، معادلتان جديدتان، صاحب الأولى هو الرئيس الأمريكي “باراك أوباما”، الذي أعلن أن التحالف مع سورية لمحاربة الإرهاب، الذي تحاربه وحدها منذ أكثر من ثلاث سنوات ونصف، سيضر بـ “حلفه” وحلفائه الذين ساهموا -برعايته وبركته- في نشوء هذا الإرهاب، ودعمه بالمال، والعدة الفكرية، والعدد البشري، والعتاد الناري، القاتل وغير القاتل..!!، أما المعادلة الثانية فهي لأوروبا، الاستعمار والتقسيم، وهي عبارة عن أفكار تطرح -عبر منظمات من “أجل الحوار الإنساني”..!!- يمكن تلخيصها بالجملة التالية: تقف الحرب عليكم إذا قبلتم بمناطق حكم ذاتي، أي بنسخة أسوأ من سايكس-بيكو ذاته.
وبالطبع، فإن معادلات كهذه، لن يكون لها، واقعياً ومنطقياً، أن تنتج، كما سابقاتها، سوى علاقة طردية قوية للغاية -لكنها غريبة أيضاً- بين الإرهاب ورعاته، ففيما يتمدد “فرانكشتاين الإرهاب” نحو الجميع، مهدداً حتى بـ “فتح روما”، يزداد تمدد حقد هؤلاء نحو الدولة السورية بكامل مرتكزاتها وأسسها..!!، كما يتمدد، بالتالي، إنكارهم للحقيقة الواضحة وضوح الشمس، ومفادها، لا حرب جدية وفاعلة في المنطقة ضد الإرهاب دون دمشق، وبتعبير آخر، ما دام “التحالف” بعيداً عن “طريق دمشق”، الذي يجد عليه الضّال الهداية، بحسب المأثورات الغربية ذاتها، فإن استمرارهم في سلوك الطرق الأخرى، سيعني الاستمرار بإلقاء العتاد والغذاء لـ “داعش” بالخطأ..!!.
كما الاستمرار-وبالخطأ أيضاً- في “ضرب العديد من فصائل المقاومة والجيش العراقي”، واستمرار ظاهرة ولادة “جهاديين” جدد، بعضهم، وهو زعيم كتلة نيابية في مجلس نواب دولة عضو في الأمم المتحدة، وكان “اشتراكياً” و”تقدّمياً”، أصبح اليوم من أشد المدافعين علناً عن “جبهة النصرة”، وهي إرهابية باعتراف الأمم المتحدة ذاتها..!!، وبعضهم الآخر يحاول اليوم التمسك بتلابيب كرسي “السلطان” في بلاده، منتقلاً من صفوف داعمي حقوق الإنسان، التي بنى مجده عليها سابقاً، إلى صفوف داعمي حقوق منظمات إرهابية في بلده، باعتبارها “كارت الصولد” الرابح الوحيد في عصر رعاة الإرهاب الحالي.
ما يعنينا، أنه وفي ظل هذه المعادلات الحاكمة، فإن الهدف ما زال هو ذاته: إركاع الدولة السورية واستتباعها بعد تدميرها بالكامل، وفي هذا السياق نفهم سر افتتاح فصل جديد من مسرحية “المحكمة الدولية”، بالأمس، بهدف إعادة توجيه الاتهام لسورية مرة جديدة، وبعد سورية، كما يشي السيناريو، سيأتي دور إيران، وقد يجد أحد “محققي” “المستقبل” دوراً ما لروسيا والصين ودول البريكس، وكل من لا يتوب عن “جريمة” البحث عن القرار الوطني السيد المستقل!!.
بيد أن الوقائع تقول لرعاة الإرهاب، من أكبرهم وحتى أصغر قائد كتيبة محلية، مسلحة أو مُفَكِرة ..!!، إن “فرانكشتاين” -عندما يشتد عوده- لا يميّز بين عدو وحليف، فمن قال سابقاً: “إن كل البنادق الموجهة ضد الدولة السورية بنادق مقدّسة”، يرى اليوم حلفاءه على الأرض وهم يُقتلون بهذه البنادق ذاتها، ومن خوّن الدولة السورية سابقاً، ها هو اليوم يتعرض للتخوين والتهديد بالقتل من بعض أطراف “ائتلافه” لمجرد اعترافه ببعض الواقع والوقائع، وربعَ ربعِ الحقيقة، فماذا كانوا سيفعلون به لو اعترف بها كلها؟!.
بالمحصلة، هزيمة الإرهاب ليست مستحيلة، وليست مرتبطة أبداً بـ “تحالف أوباما” ومعادلاته وخياراته، والشعب السوري قال كلمته: لا رضوخ للإرهاب، ولا خضوع لهذه المعادلات الغريبة، وبالتالي فأمام مثل هذه المعادلات التقسيمية في جوهرها ومآلاتها، ليس له سوى المواجهة عسكرياً وسياسياً وحضارياً وفكرياً، وأمام “الشو” الدائر على مسارح “العالم الحر” ومحاكمه، ليس له سوى أن يردد مع “فلاديمير بوتين” قائلاً: “لقد فاتني كثير من النوم”.
بقلم: أحمد حسن