صورتان لشهيدين في مسيرة الدفاع عن الوطن

حماة-سانا

في غرفة نومه يحتفظ معلم الأجيال ابراهيم حبيب بصورتين لأغلى شخصين على قلبه شقيقه وابنه اللذين جمعتهما الشهادة دفاعا عن الوطن رغم ما يفصل بينهما من عقود.

بين الصورة القديمة بالأبيض والأسود للعم محمد والصورة بالألوان لابن شقيقه عبد اللطيف تختصر فترة زمنية تمتد 42 سنة بين تاريخي استشهادهما ففي حرب تشرين التحريرية عام 1973 استشهد البطل محمد حبيب في مواجهة مع العدو الإسرائيلي وفي عام 2012 استشهد البطل عبد اللطيف حبيب في مواجهة مع التنظيمات الإرهابية أدوات كيان الاحتلال.

العم وابن شقيقه كلاهما استشهد في ربيع شبابهما دون أن يتزوجا كان العم في الثالثة والعشرين من عمره بينما ابن شقيقه في السابعة والعشرين وكلاهما الابن البكر في العائلة واستبسلا في مواجهة العدو.. العم أصيب في غارة جوية للعدو الإسرائيلي على أرض مدينة السويداء وابن شقيقه على أرض حلب في مواجهة الإرهابيين.

تلمع عينا أخ الشهيد وأبو الشهيد المربي ابراهيم بمزيج من الدمعة والابتسامة وهو يتحدث لمراسلة سانا مستذكرا أخوه الشهيد محمد الذي كان له بمثابة الأب “توفي والدنا وأنا في الخامسة من عمري وباعتبار أخي محمد كان اكبر أخوتي فقد تولى رعايتنا وحل بعطفه وحنانه مكان أبي كان أمرا مؤلما عندما فقدناه” ويضيف “لا انسى يوم استشهاده مهما حييت كنت فتى في الخامسة عشرة من عمري صف تاسع عندما استشهد شعرت أنني تيتمت للمرة الثانية”.

وما يذكره عن أخيه الشهيد “كان بطلا مقداما اذ رفض توصية من أحد المعارف بأن تكون خدمته بعيدا عن الجبهة وقال لهم إنني التحقت بالجيش لأخدم بلدي بشرف وإخلاص”.

وهكذا كان.. استشهد محمد وهو مرابط في قلعة السويداء بعد أن أصيب في غارة جوية للعدو الإسرائيلي على المدينة واستشهد متأثرا بجروحه بعد نقله إلى المشفى يقول شقيقه ابراهيم.

تتكون أسرة المربي ابراهيم الذي تقاعد قبل عامين معلما في مدرسة نهر البارد قرية العائلة بريف حماة الشمالي الغربي من ثلاثة شباب وثلاث بنات .. الشباب هم الشهيد عبد اللطيف والجريح محمد أصيب أثناء أدائه الخدمة العسكرية والجندي المقاتل حاليا على جبهة ريفي حماة وإدلب علي أصغرهم.

كان الشهيد عبد اللطيف الابن البكر للأسرة قد أدى خدمته العسكرية ويعمل موظفا في مديرية زراعة حماة وفي بداية الحرب الإرهابية على سورية طلب للخدمة الاحتياطية وحددت خدمته في حلب “كان على أبواب الزواج لكن الوطن كان به أولى” يقول والده “استشهد في ساحة العرقوب بحلب وهو يواجه الإرهابيين.. راح شهيدا ونحن نعتز بشهادته”.

يتذكر الأب آخر اتصال مع ابنه قبل استشهاده بيوم واحد يقول بصوت اكتسته مسحة حزن “كان قوي العزيمة شجاعا مؤمنا بوطنه والحمد لله نال الشهادة”.. ويضيف ابو الشهيد “الهجمة على سورية كانت شرسة قوى العدوان في العالم اجتمعت علينا وكان لا بد أن نقدم اولادنا دفاعا عن بلدنا والحمد لله النصر حليفنا لأننا أصحاب حق”.

بعد استشهاد الابن البكر زاد قلق الأب على ولديه في الجيش محمد وعلي لكن لا شيء اغلى من الوطن يقول “يقلق الأب على أولاده.. وتقبلت استشهاد عبد اللطيف برضا وسلمت امري لرب العالمين .. بعد إصابة محمد أعفي من الخدمة العسكرية أما علي حاليا على جبهة قلعة المضيق بريف حماة يخوض المعركة إلى جانب رفاقه أوصيه بألا يخاف من الموت وأن يكون مقداما وحذرا ومحبا لرفاقه .. الله يحميهم وإنشاء الله منتصرين”.

أما ما يجمع بين الشهيدين شقيقه وابنه يقول المربي ابراهيم إنها مسيرة التضحية من أجل الوطن الممتدة من عام 1973 وحتى عام 2012 وما زالت حتى نشهد نهاية هذه الحرب بالنصر .. أخي وابني منحا العائلة الفخر وشرف الشهادة وكما انتصرنا بدماء أخي ورفاقه على العدو الإسرائيلي في حرب تشرين سننتصر بدماء ابني ورفاقه وجميع الشهداء في مواجهة الحرب الإرهابية على سورية.. الشهادة أفضل الخيارات للحفاظ على الوطن وضمان مستقبل الأجيال.. وفي عيد الشهداء أبارك للشهداء شهادتهم ولكل أسرة بشهيدها.

جاء الجواب قاطعا بالتأكيد لدى سؤال المربي ابراهيم أن كان يحتفظ لأخيه بصورة بعد 46 عاما من استشهاده أنها في غرفة النوم مع صورة ابني يترك الجميع مقاعدهم أمام منزل المربي ابراهيم وزوجته وابنتهما الصغرى يصطحباني إلى غرفة النوم هناك على طاولة أمام المرآة يلتقي العم وابن شقيقه جمعتهما الشهادة في سبيل الوطن بعد أن عجزت الحياة عن فعل ذلك.

شهيدي عجيب

 

انظر ايضاً

بمناسبة عيد الشهداء… تكريم أسرة 300 شهيد في حمص

حمص-سانا كرمت محافظة حمص اليوم بالتعاون مع مديرية شؤون الشهداء والجرحى والمفقودين