دمشق-سانا
كرس الناقد والدكتور ياسين فاعور جزءا كبيرا من حياته ومسيرته الإبداعية في دراسة ونقد القصة القصيرة في عدد من البلدان العربية وبعد أن أمضى سنوات في دراسة القصة القصيرة الفلسطينية تفرغ بصورة شبه كلية لدراسة هذا الفن الأدبي وتطوره في سورية.
وفي حديث خاص لسانا الثقافية قال فاعور ان القصة القصيرة في سورية تراث أدبي كبير وكتابها كثر يصعب على الباحث حصرهم وأنا بدأت في مشروع دراستي لها وفاء لهذا البلد العربي الأصيل والذي احتضني طفلا ونشأت وترعرعت فأحببت أن أقدم دراسة عن هذا النوع الأدبي في سورية.
وأضاف عضو اتحاد الكتاب العرب قمت بدراسة القصة في كل محافظة من المحافظات وزرت المراكز الثقافية فيها واطلعت على نتاج الأدباء بشكل مباشر حتى تتسنى لي الدراسة بشكل منهجي.
وعن تصنيفه للقصة قال فاعور ان القصة السورية قطعت شوطا كبيرا في البنية القصصية ومعالجة الموضوعات والتفنن في الصياغة البنيوية والشكلية.
وأوضح واضع دراسة “الثورة في شعر محمود درويش” أن المواضيع التي تناولتها القصة السورية متنوعة ومتعددة وتكاد تكون تجاوزت القصة العربية والعالمية أحيانا كالقصة السورية الوطنية التي واكبت الأحداث التاريخية وربما كانت صريحة جدا في التعبير عن الواقع وإظهار دور سورية الوطني والقومي.
أما عن القصة الاجتماعية فبين فاعور أن كتاب القصة القصيرة كانوا أوفياء في نقل الصورة المعبرة لهذا المجتمع ومعاناته فظهرت قصص عبرت عن واقع بيئتها وتداعياتها بما في ذلك العادات والتقاليد والتراث ونقلت صورة المجتمع السوري إلى المجتمعات الأخرى لافتا إلى تفوق القصة السورية في الجانب الإنساني حيث عالجت كل المشاكل وقدمت لها الحلول عبر السرد الفني الذي قدمته.
ومن السمات التي وجدها في كتابات عدد من كتاب القصة السوريين أشار الباحث الأكاديمي إلى لجوئهم لادخال عبارات أو مصطلحات بالعامية الدارجة لتوثيق الصلة بين القصة والبيئة التي نشأت فيها القصة إلى جانب العناوين المعبرة التي يضعها القاصون والاستعانة بالرسم الكاريكاتيري وعرض القصة بطرائق سردية مختلفة.
ويشبه فاعور رؤية القاص بالكاميرا التي تلتقط الحدث والتي تمتلك ذاكرة تحتفظ به مع قدرة تعبيرية على صياغته فالقاص يستلهم موضوعاته من المجتمع الذي يعيش به ثم ينطلق أحيانا إلى نقل الموروث الذي قد يأتي به من أسلافه وما حوله ويعود إلى بناء هذه القصة عن طريق الروي أو استلهام التراث.
وتأتي القصة كما رآها فاعور مستلهمة الحكم والأمثال والتراث وتدخل أحيانا البيئة والعادات والتقاليد لدعم الفكرة أو المشهد وفي أحيان كثيرة تأتي على شكل تناص كما تدخل براعة الكاتب في سبر أغوار الآخرين بعد مشاهد التخيل والسرد التعبيري وقد يصل كاتب القصة أحيانا إلى البوح بالمسكوت عنه لكنه يعتبر أن إبداع الأديب بالقصة لا يعني بالضرورة تحقيق نجاح مماثل في الرواية.
أما عن رايه بالقصة الفلسطينية فقال فاعور ان هذه القصة مرت بمراحل صعبة وتوارث عليها أجيال من كتاب القصة كان لهم بصمات مؤثرة كعدنان كنفاني على سبيل المثال وهم في الوقت الحالي منتشرون في الوطن العربي وموضوعاتها لا تختلف عن الموضوعات العربية إلا في معالجتها للقضايا الوطنية.
وحفرت المأساة فلسطين بقوة لدى أدبائها كما يرى فاعور جعلها تشترك بخصائص تناهت في حكاية معاناة الإنسان الفلسطيني داخل الأراضي المحتلة وفي المخيمات وفي أقطار الشتات بصورة لا تخلو من مرارة وسخرية في بعض الأحيان لتجعل هذا الفن الأدبي وطنيا بامتياز دون الوقوع بالنمطية والخطابية والتكرار.
وختم باحثنا بالقول ان الناقد لا يمكن أن يتناول أي نص ويعمل عليه ما لم يكن ملما بهذا الفن وإذا لم يتمكن من ذلك فتبقى كتاباته مجرد آراء شخصية لا تبرز جماليات هذا الموضوع ولا تقدم أفكارا نقدية صحيحة.
يذكر أن الدكتور ياسين فاعور من مواليد شعب بقضاء عكا في فلسطين المحتلة وهو مقرر لجمعية النقد العربي في اتحاد الكتاب العرب وعضو اتحاد الكتاب والصحفيين الفلسطينيين يكتب الشعر والقصة والرواية والدراسات النقدية ويعمل أستاذا في كلية التربية بجامعة دمشق من مؤلفاته “الثورة في شعر محمود درويش” و”السخرية في أدب اميل حبيبي” و”القصة القصيرة الفلسطينية، ميلادها وتطورها من 1924 إلى 1990″.
محمد الخضر-شذى حمود