الشريط الإخباري

أسئلة مشروعة حول الحل السياسي

 الحرب امتداد للسياسة، لكن السياسة بدورها تلتزم بنتائج الحرب ومنطقها، فلا يمكن للسياسة أن تكون بعيدة عن نتائج الميدان، وهذه العلاقات المتداخلة والقائمة على الاعتماد المتبادل بين السياسة والحرب تطرح بعض الملاحظات حول الأوضاع الراهنة.

(أ)- الشعار المرفوع أن «حل الأزمة في سورية لا يكون إلا حلاً سياسياً» هو صحيح من حيث المبدأ، لكن الواقع بحضوره الضاغط يطرح أسئلة ضرورية: حل سياسي بين من ومن؟ بين الدولة الشرعية والإرهابيين الذي وصفهم قرارا مجلس الأمن 2170 و2178 بأنهم خطر داهم على الأمن والسلام الدوليين؟ وهل تسمح هذه القرارات نفسها بمفاوضة الإرهابيين في سورية أو العراق أو أي مكان آخر؟ هل هو حل سياسي بين الدولة الشرعية و«ائتلاف» اسطنبول الذي يسخر منه حتى داعموه؟ «الإئتلاف» الذي لا يمثل أحداً، هل اختارهم الشعب السوري؟ هل لهم أحزاب وقوى بين أبناء الشعب؟ هل يستطيعون البقاء يوماً واحداً إذا قررت تركيا والأطلسي والخليج قطع أكسير الحياة عنهم؟..

(ب)- ما يوجد في سورية ليس حرباً بين طرفين مختلفين سياسياً، ولا هو بين تيارين متعارضين. ما يوجد حرب بين دولة شرعية وعصابات من «أسوأ أنواع الإرهابيين في العالم» حسب تعبير مراسل حربي إيطالي في سورية، لذا فإن أي «حل سياسي» ينبغي أن يأخذ هذا الواقع بعين الاعتبار.

(ج)- يتحدثون عن «جنيف3»، حسناً إذا كان مصير «جنيف2» الفشل فكيف سيكون مصير الثالث؟ لقد حصلت تطورات نوعية ضخمة منذ انتهاء الثاني، وهي تطورات في الميدانين السياسي والحربي، أذكر منها: 1- إنجازات الجيش العربي السوري والمصالحات.

2- الانتخابات الرئاسية في سورية وهي عملياً استقصاء لرأي الشعب وخياره، والشعب هو صاحب الحق الحصري في كل ما يتعلق بوطنه.

3- أزمة أوكرانيا وإظهار القوة الروسية في التعامل معها.

4- قيام «التحالف» المعادي للإرهاب.

5- قرارات مجلس الأمن الأخيرة التي تؤكد على أولوية محاربة الإرهاب وهو ما كانت تؤكد عليه سورية في جنيف الثاني.

6- استعادة الدولة السورية لمساحات مهمة من حضورها الدولي خارج نطاق أصدقائها وحلفائها.

(د)- إن مستند الحل السياسي وخطه الأساسي هو المصالحات الوطنية وضرورة إنهاء الإرهاب وتعزيز سيادة الدولة على كل أراضيها؟، ومن ثم التفكير في فتح حوار وطني واسع استناداً إلى الدستور وإلى أسس النظام السياسي «شبه الرئاسي» القائم. وهذا النظام في أسسه الدستورية مماثل للجمهورية الخامسة في فرنسا ولروسيا ما بعد الشيوعية، ويجدر التذكير هنا ببرنامج الحل السياسي الذي طرحه الرئيس بشار الأسد في كانون الثاني 2013 وأساسه الحوار الوطني، فهذا ما زال مشروعاً وطنياً يعزز التفاعل بين الفئات والأفكار على أساس الوحدة الوطنية.

بقلم: د. مهدي دخل الله