الأمهات البديلات في عيد الأم… صور من العمل الإنساني تنبض بمشاعر الحب والعطاء -فيديو

دمشق-سانا

“أجمل لحظة في حياتي عندما اسمع منهم كلمة ماما.. كلمة لا تقدر بثمن تحمل كل معاني الحب والحنان والانتماء وتمنحني نوعا من الاستقرار النفسي والعاطفي” بهذه الكلمات تصف هاجر ديوب فرحتها بوجودها كأم بديلة ضمن عملها في قرية الأطفال “اس أو اس” بالصبورة.

هاجر وغيرها ممن يعملن كأمهات بديلات في كل من جمعية “قرى الأطفال اس أو اس سورية” و”دار الرحمة” التابعة لجمعية الأنصار الخيرية بدمشق واللاتي التقتهن كاميرا سانا تكتمل فرحتهن اليوم بوجود أطفال يقدمون لهن التهاني بمناسبة عيد الأم كغيرهن من الأمهات تقديرا لدورهن في تربيتهم ورعايتهم وتقديم كل ما يحتاجون إليه في جو أسري متكامل بأحد بيوت القرية.

وحول تجربتها كأم بديلة لثمانية أطفال بينت هاجر أنها بدأت عملها في القرية منذ عام معتبرة أن هذا العمل رسالة إنسانية لتكون سندا لهؤلاء الأطفال الذين حرمتهم الاقدار والظروف من العيش مع أسرهم الحقيقية مضيفة “أصبحوا جزءا من حياتي اشتاق لهم حين أغادر القرية في الإجازة .. هم أولادي وإن لم أكن الأم البيولوجية”.

وتابعت هاجر أو كما يناديها أطفالها الثمانية “ماما هاجر”.. أقوم بواجبات الأم الحقيقية من حيث الاشراف على تربيتهم ودراستهم وتحضير الطعام لهم وتلبية مختلف احتياجاتهم بحسب عمر كل طفل وأزور مدارسهم لمعرفة مستواهم الدراسي.

وتبتسم الطفلة نجلاء ذات العشر سنوات أمام كاميرا سانا حين تتحدث عن تحضيراتها مع إخوتها لإقامة حفل عيد الأم لـ ماما هاجر وتجهيز الهدايا لها بينما صنعت الطفلة رشا بيديها وردة مميزة قدمتها لها قبل الحفل مع قبلة حملت كل معاني حب الطفل لامه والاعتراف بفضلها وجملة بصوتها الطفولي “كل عام وانت بألف خير ماما”.

ولا يختلف دور ناريمان اسمر عن هاجر فهي تربي 8 أطفال أيضا في بيت مجاور لبيت هاجر ضمن قرية الصبورة للأطفال واصفة عملها بأنه أرقى درجات العمل الإنساني لأنها مسؤولة عن رعاية الأطفال مثل أمهم تماما وتتعامل معهم بمشاعر الأم الحقيقية “هم أبنائي شعوري نحوهم شعور أي أم اتجاه فلذات اكبادها”.

وتعيش ناريمان مع أطفالها 5 ذكور و3 اناث أجواء الأسرة الطبيعية منذ عام ونصف العام معتبرة أن وجودهم عوضها عن مشاعر الأمومة فبكلمة ماما ينبض قلبها بمشاعر الحب والعطاء تجاه هؤلاء الأطفال فيما انهى الطفلان دياب وحسن رسم لوحة لتكون هديتهما لها بعيد الأم.

وحول آلية اختيار الأمهات البديلات للعمل في جمعية “قرى الأطفال اس او اس سورية” بين مساعد مدير قرية الصبورة عماد الشيخ اوغلي أن القرية افتتحت منذ عامين لتكون رديفا لقرية الجمعية بمنطقة قدسيا موضحا أن الأمهات البديلات يتم اختيارهن وفق معايير محددة بحيث لا يقل العمر عن 30 عاما وتحمل الشهادة الثانوية كحد أدنى إضافة إلى الخبرة بالتعامل مع الأطفال ولا سيما مع وجود عدد كبير في البيت الواحد ومن مختلف البيئات والاعمار ومتفرغة تماما للعمل ويسبق مرحلة عملها كأم بديلة فترة تدريبية كخالة مشاركة في البيت تساعد الأم البديلة وتحل مكانها خلال فترة إجازتها.

وفي زيارة فريق سانا لدار الرحمة التابع لجمعية الأنصار الخيرية بمنطقة ركن الدين والذي افتتح منذ عام 2007 تبين ان نحو 300 طفل وطفلة من مختلف الأعمار يتلقون الرعاية عبر أمهات بديلات حيث تضم الدار عددا من البيوت تقدم نظام الأسر البديلة بحسب مديرة الدار براءة الأيوبي التي أوضحت لـ سانا أنه نظرا لزيادة حالات الأطفال فاقدي الرعاية الأسرية بسبب ظروف الحرب على سورية ولتخفيف العبء عن الأمهات البديلات تم إحداث مطبخ خاص بالدار وقاعات دراسية تشرف عليها كوادر تعليمية تقدم دورات تقوية للاطفال من مختلف المراحل الدراسية بالإضافة إلى أنشطة ترفيهية وثقافية مختلفة.

وقالت الأيوبي إن عملها مع أطفال الدار والأمهات البديلات أو كما تحب تسميتهم الأمهات المربيات يمنحها سعادة لا تقدر بثمن وطاقة إيجابية كبيرة ولا سيما عند مناداتها “ماما براءة”.

واعتبرت رولا جمعة التي تعمل كأم بديلة في الدار منذ عشر سنوات أن عملها في تربية هؤلاء الأطفال والإشراف على رعايتهم عمل إنساني بالدرجة الأولى وسماع كلمة ماما منهم دليل على وصول الحب غير المشروط من الأمهات إلى هؤلاء الأطفال والذي تظهر نتائجه بنجاحهم وحسن تربيتهم.

ولفتت أمينة البقاعي التي تعمل كأم بديلة منذ عامين بالدار إلى أنها تبذل كل ما تستطيع من جهد لتوفير الجو العائلي الحقيقي للأطفال مشيرة إلى أنها تفخر بتفوقهم الدراسي وتفرح بشهادات التفوق التي يحصلون عليها اكثر من فرحهم فهي اثمن هدية تقدم لها.

وبجملة “كل عام وأنت بخير ماما رولا وماما أمينة” عبرت كل من الطفلتين اميرة وفرح وغيرهما من اطفال دار الرحمة عن شكرهم ومحبتهم للأمهات اللواتي يربينهم.

إن مقولة ” الأم هي التي تربي” التي طالما ترددت على لسان الآباء والأجداد جسدتها العديد من الفعاليات المجتمعية السورية سواء الأهلية أو الحكومية التي أخذت على عاتقها مهمة تأهيل أمهات بديلات لرعاية وتربية الأطفال ممن فقدوا أسرهم لأسباب مختلفة والتي تعتبر بشكل أو بآخر من أرقى المهمات الإنسانية.

إيناس سفان وبشرى برهوم