الشريط الإخباري

درعا تنتعش اقتصاديا مع عودة العلاقة الآمنة بين الريف والمدينة

درعا-سانا

على دوار البريد امتداد الشارع الرئيسي وسط مدينة درعا يجلس علي خلف طاولة صغيرة حيث تصطف عدة محال تجارية منشغلا بتسجيل طلبات زبائن أخذوا يتزايدون مع مضي ساعات الصباح من وجبات سريعة وسندويش فلافل شاورما وفطائر وعصائر .

في تشرين الأول عام 2018 وعقب إعادة الجيش العربي السوري الأمن والأمان إلى درعا مدينة وريفا وتحريرها من الإرهاب بشكل كامل وسع علي الوجبات التي يقدمها بعد أن كان يقتصر محله على تقديم سندويش الفلافل مستفيدا من الاستقرار وتوافد أهالي الريف إلى المدينة لمراجعة مؤسسات الدولة بعد انقطاع لعدة سنوات وهذا تطلب أيضا الاستعانة بعمال إضافيين.

ويقول الشاب الذي لم يغادر المدينة أثناء الحرب و بات اليوم يشغل عشرة عمال معه بينما كان يكتفي بعامل واحد أثناء الحرب: “كنا نفتح بلا شغل بسبب القذائف الصاروخية والهاون التي كان يطلقها الإرهابيون على الشارع أما بعد تحرير درعا فتوسع العمل وأضفت للفلافل البيض والبطاطا والشاورما والفطائر”.

ويشير علي إلى رتل سيارات مركونة على جانبي الطريق وأخرى تتدفق ماضية على اتجاهي الشارع ليقول: “قلة من السيارات كنا نشاهدها بهذا الشارع الذي يعد عصب المدينة لا أحد يركن سيارته لأنه في أي لحظة يمكن أن تسقط قذيفة” موضحا أن الإرهابيين كانوا يسرقون اسطوانات الغاز ويحولونها إلى قذائف يطلقونها على الأحياء السكنية.

أما عن المقارنة بين عمله حاليا و الفترة التي سبقت تحرير درعا فيقول علي: “لا يمكن ان نحصي الزبائن بالأرقام كنسبة فالعمل ازداد بمعدل 9 أضعاف.. كان عندي عامل واحد ومرات عدة اتصل به وارجعه وهو في الطريق للمحل أما اليوم فعندي عشرة عمال واحتاج إلى ثلاثة آخرين”.

ويعيد علي انتعاش العمل إلى القادمين من الريف الذين قطع الإرهابيون صلتهم بالمدينة لسنوات باستهداف الطرقات وعمليات الخطف والقتل القسم الأكبر من سكان الريف كان يخاف المجيء إلى درعا المدينة فقط قلة من الموظفين أما حاليا فصار هناك قدوم يومي و90 بالمئة ممن تشاهدونهم هنا من الريف الشرقي والغربي من كل المناطق.

وعلى مقربة ينشط محمد في تحضير المعجنات مهنته التي بدأها قبل سنوات وتنقل خلالها بين عدة قرى (النافعة و الشجرة و جاسم ) واستقر به الأمر في مدينة درعا حيث يقيم طيلة أيام الأسبوع بالمحل ويسافر إلى قريته يومي الخميس والجمعة موضحا “كنا نعمل أثناء الحرب بظل الخوف وانعدام متطلبات الشغل حاليا الوضع أفضل كل شيء متوفر والمردود جيد”.

وعلى خلاف كثيرين انضم أبو محمد قبل سبعة أشهر للعمل في المحل قادما من دمشق التي عمل بها بتحضير سندويش الفلافل ل 25 عاما إلا أنه قرر الاستقرار في درعا ويقول: “تزوجت قبل فترة امراة من درعا ووجدت عملا بهذا المحل ” مشيرا إلى وجود حركة نشطة وضغط بالعمل خاصة بين الساعة العاشرة صباحا وحتى الظهر.

وبالمقارنة بين العمل في دمشق ودرعا يقول أبو محمد: الأجور بالشام أفضل وهي مدينة كبيرة لكن الوضع بدرعا يتحسن تدريجيا.

وبعد فتح الطريق بين درعا وبلدة نوى بالريف الشمالي الغربي قرر الشاب محمد أبو حسيني في العشرين من العمر المجيء إلى المدينة وتحدث لسانا من أمام سيخ الشاورما مرتديا مئزرا أبيض قائلا: “كنا نعيش حالة من الفوضى والخوف.. مع عودة الامن والاستقرار ومؤسسات الدولة تغيرت المعيشة حتى الحالة النفسية” مشيرا إلى أن الحركة ممتازة على مدار 12 ساعة والطلبات تكاد لا تتوقف.

أمل وجدت أنه من المناسب بعد مراجعتها دائرة النفوس لإنجاز معاملة خاصة أن تاخذ قسطا من الراحة وتتناول وجبة خفيفة خاصة انها قدمت من قريتها سحم الجولان 27 كم جنوب غرب درعا وتقول: “مضى أكثر من أربع سنوات على اخر مرة زرت فيها درعا ..الحمد لله .. كل شيء تغير .. المواصلات متوفرة وأنجزت المعاملة وساعود إلى القرية بعد تناول سندويشة فلافل”.

حال شارع دوار البريد في مدينة درعا يعكس طبيعة الحياة في المدينة التي خلصها الجيش العربي السوري من الإرهاب والتي استعادت طبيعتها ونشاطها الاقتصادي ماسحة عن كاهلها سحابة سوداء أنهكت أهلها على مدى سبع سنوات.

شهيدي عجيب