تظن الولايات المتحدة أن الصيد في الماء العكر سيجلب لها المزيد من المكاسب، فذهبت بعيداً جداً في هذا الاتجاه، ولم تدخر أحداً في تطبيق منهجها هذا عليه، عدواً كان أم صديقاً، وفقاً للشعار الذي اتخذته لنفسها (أمريكا أولاً)، واستخدمت كل الأساليب والمسارات للوصول إلى غايتها المشبوهة بعيداً عن القواعد القانونية والأخلاقية، وأوجدت الذرائع لكي تبرر لنفسها أمام الرأي العام أن ما تنحو إليه (مسوغ ومشروع)، لكن في الحقيقة، أن كل ما تقوم به غير مبرر ولا يمتلك أي مشروعية مطلقاً، وأن تضليلها وأكاذيبها باتت مفضوحة، وأن انتهاكاتها وممارساتها التي تفرضها على العالم أصبحت مكشوفة وبعيدة كل البعد عن نطاق القانون وتجب المحاسبة عليها، ولكن من سيحاسبها على «بلطجيتها» المستمرة في فرضها على العالم؟!
الولايات المتحدة شنت حروبها العسكرية على الدول التي تدافع عن سيادتها وتحافظ على استقلالية قرارها وتعارض نهج واشنطن في فرض هيمنتها وتوجهها لإجراء انقلابات على الحكومات الشرعية التي تتعارض مع سياساتها بمختلف الوسائل حتى وصل الأمر بأمريكا إلى إيجاد تنظيمات إرهابية وتدريبها ودعمها سياسياً وعسكرياً واستخباراتياً وإعلامياً ومالياً لشن حربها بالوكالة على الدول المستقلة، وحركت أساطيلها العسكرية وشنت عدوانها السافر على سورية التي تحارب الإرهاب نيابة عن العالم بمزاعم أوجدتها واشنطن من دون أن تقدم أي دلائل عليها، وذلك من أجل تأمين الحماية لتنظيماتها الإرهابية من ضربات الجيش العربي السوري! لكن أكثر ما يثير الاستهجان أنها تسوق للعالم أن تحركها يأتي من أجل «محاربة» الإرهاب في الوقت الذي تقدم له كل أشكال الدعم!.
ولم تكتف الولايات المتحدة بما سبق ذكره وإنما فرضت أيضاً حربها الاقتصادية على دول العالم بمزاعم شتى لتغطية عجزها الذي تسببت به الإدارات الأمريكية وتحميله للدول والشعوب، وانسحبت من أغلب المنظمات والاتفاقات الدولية، وأدخلت المنظمة الأممية في مناخ من الفوضى، وبعد أن انسحبت من الاتفاق النووي الإيراني الذي وقعته مع الدول دائمة العضوية إضافة إلى ألمانيا، سعت إلى عزل إيران دولياً، إلا أن مساعيها أخفقت مع تأكيد الأطراف الأخرى الموقعة على التزامها بالاتفاق، فوجدت نفسها معزولة أكثر في انتهاكها خطة العمل المشتركة وقرار مجلس الأمن 2231.
لاشك في أن ما زرعته واشنطن ستحصد نتائجه عاجلاً أم آجلاً، وأن خيباتها بدأت بالتكاثر أكثر مما يمكن توقعه، فراحت تطلق اتهاماتها جزافاً بمختلف الاتجاهات، لكن أياً من تحركها وأفعالها لم تقدم لها سوى المزيد من العزلة والخسائر المتلاحقة بسبب ما اقترفته يداها.
بقلم وضاح عيسى