دمشق-سانا
تضمن العدد الجديد من مجلة الحياة التشكيلية الفصلية الصادرة عن مديرية الفنون الجميلة في وزارة الثقافة عددا من المقالات والدراسات النقدية التي تتناول جوانب متنوعة من الفن التشكيلي سوريا وعربيا واعلامه وطرائق التعامل معه نقديا وفنيا.
وكتب رئيس التحرير الدكتور “محمود شاهين” مقالا بعنوان “الفن التشكيلي العربي ..المعاصر والتكنولوجيا” بين فيه ان الفن التشكيلي المعاصر في الدول العربية يشكل إحدى السواقي المتفرعة عن نهر الفن التشكيلي الغربي ومن الطبيعي أن تتلون هذه الساقية بألوان النهر المغذي لها وما يستقبل من تحولات وإضافات لا تقف عند حد.
وتحت عنوان “الكتابة في تاريخ الفن العربي” كتب الدكتور “عفيف البهنسي” ابتدأ اهتمام الغرب بآثار العرب وتراثهم منذ أن استطاع الغرب الاحتكاك ببلادنا وخاصة في ظل الاحتلال العسكري أو الانتداب الذي بدأ منذ عام 1830 في الجزائر وتبعتها الدول العربية الأخرى ولم تكد تنجو منها واحدة من الاستعمار والتبعية علما ان القرن العشرين شهد في ربعه الثاني تحرر هذه الدول واستقلالها ونهضتها الثقافية موضحا أن اهتمام علماء الغرب المجرد بالتراث والفن العربي كان أقوى من اهتمام العرب أنفسهم بتراثهم وفنهم.
واحتوى العدد قراءة في فلسفة التحولات التعبيرية في وجوه مروان قصاب باشي المشهدية للدكتور عبد الكريم فرج مبينا فيها انه من الصعب أن نعرف الرسام المصور مروان قصاب باشي من وجهة نظر نقدية اعتيادية كالتي تبحث في الخط واللون والضوء والملمس والتكوين كما تبارت في وصفها المدارس الفنية التي عرفناها في تاريخ الفن.
وأوضح فرج ان الفنان قصاب باشي يمتلك مشهدية فنان بنبضات ووجدان ومشاعر تتحرك بإيقاعات نوعية تظهر في قطرات لونية تتحول إلى واحات وبحور وأنهار يغدق عليها الغيث بغيوم مثقلة بروح إنسان.
في حين أشار علي الراعي في مقاله بعنوان “وجوهه تصرخ بصمت ..الفنان التشكيلي طلال معلا” بين فيه أن معلا أمضى حياته تشكيليا وزعها بين الاشتغال بلوحاته وبين النقد الذي أغنى المكتبة العربية بأكثر من خمسة عشر كتابا في مختلف مظاهر الفن التشكيلي على الصعيد العربي إضافة لشغله الدائم بالمتاحف
والمعارض الفنية وبالكثير من الحقول التي ينبت فيها التشكيل بأجمل عمارته.
أما ما كتبه أديب مخزوم في دراسته “التأسيس وملامح الحداثة في التشكيل اللبناني” فبين فيه انه لم تكن استعادة التقنيات المختلفة بأساليب متنوعة في أعمال فناني رموز الحداثة التشكيلية اللبنانية إلا اعترافا بأهمية البحث والاختبار والتجريب الدائم في خطوات التفاعل مع الفنون العالمية الحديثة والمعاصرة.
وان التجارب الفردية في الفن اللبناني بحسب مخزوم عكست وحدتها في التعامل مع التراث رغم الفوارق والاختلاف في الهواجس أو في أساليب الحوار الدائم بين القديم والحديث وبين الشرق والغرب والصمت والتفجير.
واستوعبت دراسة مخزوم شريحة واسعة من الفنانين التشكيليين اللبنانيين المعروفين للتعرف إلى مسار الهاجس الاختباري الحيوي في التشكيل اللبناني المعاصر وفسحة لاستشفاف أجواء الثقافة التشكيلية التي عرفتها بيروت في مراحل تطور فنونها منذ نهاية القرن التاسع عشر وصولا إلى التجارب الراهنة.
وكتب الدكتور غازي النعيم قراءة في حياة النحاتة منى السعودي يرى فيها ان النحاتة والرسامة الأردنية منى السعودي واحدة من الفنانات القلائل اللاتي أثبتن موقعا حقيقيا على خارطة النحت العربي وشكلت حضورا مرموقا على الساحتين العربية والعالمية عبر أعمالها التي أنجزتها في مراحل مختلفة تذكرنا خلالها بفن بلاد ما بين النهرين وبالنحت المصري القديم والفن اليوناني الكلاسيكي وبكثير من الفنون العريقة.
وفي الصفحة ما قبل الأخيرة كتب الدكتور علي القيم مقالا عن الفنان التشكيلي “برصوم برصوما” جاء بعنوان “برصوم برصوما وإيقاعات اللون الأحمر” أوضح فيه ان هذا الفنان كان يقوم بترميم الآثار والخشبيات والتزيينات الكتابية التي تشتهر بها البيوت الدمشقية القديمة واستمرت تجربته في تطورها مبينا ان دراسته الأكاديمية بجامعة دمشق /كلية الفنون الجميلة/ صقلت التجربة والخبرة بالعلم والدراسة وكانت بداية لأعمال تجريبية عبر من خلالها في التجريد والزخرفة عن التراث الشعبي وبين فيها حضور الإنسان العربي في العمل الفني.
ورأى القيم ان وحدة التناقضات في لوحات الفنان برصوما تؤدي إلى وجود دراما تستمد قوتها وحيوتها ورشاقتها من وحي التراث والأساطير الشرقية القديمة ومن السمات الإنسانية لشخوصه الشعبية مبينا ان تجاربه ذات خصوصية مميزة في الفن التشكيلي السوري تاركة بصمة في عالم الفن التشكيلي الرحب الواسع المدى.
وزينت غلافي المجلة الداخليين لوحتان للفنانين زهير حسيب وسوسن الزعبي.
شذى حمود