الشريط الإخباري
عــاجــل وسائل إعلام فلسطينية: 5 شهداء وعدد من الجرحى جراء قصف الاحتلال الإسرائيلي منازل غرب مخيم النصيرات وسط قطاع غزة

“غوبلز العصر” نتنياهو يفشل في إقناع الرأي العام بأكاذيبه حول برنامج إيران النووي

دمشق-سانا

“اكذب اكذب ثم اكذب حتى يصدقك الناس” مقولة اتبعها جوزيف غوبلز وزير دعاية هتلر للترويج للنازية الألمانية وتسخير الإعلام لخدمتها ولخدمة “نظرة” هتلر للعالم لتصبح لاحقا نظرية تلقفها الكثيرون لتحقيق أهدافهم السياسية والاستعمارية.

مستندة إلى نظرية غوبلز احتلت الولايات المتحدة الأمريكية العراق بعد ادعاءات حول وجود أسلحة دمار شامل فيه تبين لاحقا أنها مجرد أكاذيب وتلفيقات وبكذبة مشابهة لحلف الناتو تم تدمير ليبيا وبالذرائع ذاتها جرى العدوان على سورية غير مرة آخرها العدوان الثلاثي الأمريكي البريطاني الفرنسي في الرابع عشر من نيسان الماضي والهدف إضعافها خدمة لكيان الاحتلال الإسرائيلي والأنظمة الرجعية العميلة في المنطقة.

آخر متلقفي نظرية الكذب كان رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي لم تفلح ادعاءاته التي ساقها ضد إيران حول ملفها النووي في تقديم أي أدلة تظهر أن إيران لا تلتزم بالاتفاق النووي بل جعلته يفشل ليس فقط في حشد موقف عدائي موحد ضد طهران إنما أيضا في تسويق روايته داخل كيانه وخارجه.

نتنياهو الذي حاول بأكاذيبه أولا إقناع “الداخل الإسرائيلي” بمسرحيته الاستعراضية تلقى صفعة من رئيس الموساد السابق داني ياتوم الذي أوضح أن المعلومات التي قدمها نتنياهو “قديمة ولا صلة لها بالواقع الآن ولا تثبت أن إيران أخلت بالاتفاق النووي”.

بدورها أوردت صحيفة هآرتس الإسرائيلية أن المواد التي عرضها نتنياهو وادعى أن الموساد أحضرها حديثا سبق وأن نشرتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية في تقاريرها مشيرة إلى أنه لا يوجد مؤشر واحد يؤكد أن طهران “تواصل المشروع” منذ توقيع الاتفاق النووي قبل ثلاث سنوات.. الفشل كان أيضا عنوانا لمحاولة نتنياهو إقناع الرأي العام الدولي بروايته المفبركة التي كان يهدف منها إلى دفع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للخروج من الاتفاق بل إن العديد من الدول أكدت أهمية الاتفاق المبرم بين إيران ومجموعة خمسة زائد واحد عام 2015.

الوكالة الدولية للطاقة الذرية أكدت في كل تقاريرها أن إيران تحترم التزاماتها المتعلقة ببرنامجها النووي وقالت “إن تقييماتها خلال السنوات الثلاث الماضية تظهر أنه لا يوجد أي مؤشر له مصداقية بأن إيران سعت إلى امتلاك سلاح نووي بعد العام 2009 كما رفضت الأمانة العامة للأمم المتحدة تغيير رأيها بشأن الاتفاق النووي بناء على المزاعم الإسرائيلية .

روسيا شددت على التمسك بالاتفاق النووي حيث أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في اتصال هاتفي مع نتنياهو موقف موسكو الثابت بضرورة التزام جميع الأطراف بخطة العمل الشاملة المشتركة بشأن البرنامج النووي الإيراني بينما اعتبرت مفوضة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني أن تصريحات نتنياهو لا تدفع إلى التشكيك باحترام طهران للاتفاق النووي وقالت إن “الاتفاق ليس مبنيا على فرضيات نوايا حسنة أو ثقة إنما هو مبني على التزامات ملموسة وآليات تحقق صارمة للوقائع تجريها الوكالة الدولية للطاقة الذرية التي تشير تقاريرها إلى أن إيران احترمت تماما التزاماتها”.

حلفاء كيان الاحتلال الإسرائيلي وعلى رأسهم فرنسا وبريطانيا لم يقتنعوا بدعاية نتنياهو وأكدوا أهمية الحفاظ على الاتفاق النووي مع إيران والتزامهم به بينما رحبت الولايات المتحدة وحيدة بتصريحات نتنياهو رغم أنها تسببت بإرباك للبيت الأبيض إذ قال بداية أنها “تظهر أن إيران لديها برنامج أسلحة نووي سري” إلا أنه غير رأيه لاحقا وقال “إن إيران كان لديها ذلك البرنامج”.

وكان ترامب توعد خلال حملته الانتخابية عام 2016 بـ “تمزيق الاتفاق النووي” في حال فوزه بالانتخابات ثم أعلن قبل أشهر عزمه التراجع عنه معتبرا أن “نواقص خطيرة” تخللت الاتفاق حيث أن تخفيف العقوبات على إيران وفق ترامب “لا يتناسب مع تنازلاتها وأن الاتفاق لم يكن في المصلحة الوطنية الأمريكية”.

من جهتها نشرت صحيفة غارديان البريطانية مقالا لمحرر الشؤون العالمية جوليان بورغر قال فيه “إن نتنياهو قدم عرضا مسرحيا سيستغله البيت الأبيض للانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران رغم المعارضة الأوروبية.

وشكك بورغر بطريقة ساخرة برواية نتنياهو بشأن الحصول على المعلومات وقال “لماذا لم يقدم نتنياهو ولو وثيقة جديدة واحدة صحيحة تثبت إخلال طهران بالاتفاق” مشيرا إلى أن كل ما قدم عبارة عن وثائق قديمة أعلنت عنها الوكالة الدولية للطاقة الذرية عام 2011.

أما صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية فوصفت ما قدمه نتنياهو بالعرض المسرحي موضحة أنه في ظل عدم تقديمه أي دليل على إخلال ايران بالاتفاق النووي منذ سريانه فإن هدفه التأثير على قرار ترامب المرتقب في الثاني عشر من الشهر الجاري بشأن الاتفاق.

إيران التي أوفت بكل التزاماتها حيال الاتفاق مع الدول الست أكدت على أكثر من مستوى أن اتهامات نتنياهو لا أساس لها من الصحة وأنه لن يجني شيئا من مسرحيته الجديدة حيث شدد رئيس لجنة الامن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى علاء الدين بروجردي على أن “نتنياهو يلعب اليوم دور وزير دعاية هتلر حيث يكرر الأكاذيب بامتلاكه وثائق بهدف تحويلها إلى قناعة لدى الرأي العام العالمي” فيما أشار وزير الخارجية محمد جواد ظريف إلى أن كل ما يقوم به ترامب مع نتنياهو هو مسرحيات استعراضية مثيرة للسخرية.

وأعلنت إيران مرارا رفضها تعديل الاتفاق النووي أو إضافة أي بند عليه محذرة من أن الاتفاق ليس اتفاقا ثنائيا كي ينهار بخروج أحد أطرافه وهو وثيقة دولية غير قابلة للتغيير كما أنه إنجاز نادر على صعيد الدبلوماسية العالمية مشيرة إلى أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية أكدت في جميع تقاريرها التزام طهران بالاتفاق كما أكدت الوكالة الدولية الطابع السلمي لبرنامج إيران النووي.

حفلة الكذب التي نظمها نتنياهو حول الملف النووي الإيراني وسط تهليل أمريكي يرى فيها البعض مجرد حفلة أكاذيب وتلفيقات في حين يرى آخرون فيها تصعيدا للحرب النفسية التي تسبق عادة تفجير المواجهة رغم مخاطر اتساعها وخاصة بعد الفشل الذريع الذي لحق بحلف العدوان في سورية لتمرير مشاريعه في المنطقة وهو ما أكده الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله من أن “الحرب تكاد تنتهي مع الوكلاء في سورية لكن لا نعرف ما إذا كانت قد تقع مع الأصلاء لأن الولايات المتحدة و”إسرائيل” والسعودية لن يسكتوا عن فشل مشروعهم في سورية والعراق ولبنان”.

مسرحية نتنياهو التي لم تعجب سوى المتفرج الأمريكي قد يجد فيها ترامب ذريعة للخروج من الاتفاق النووي الإيراني وما يعزز ذلك تعيينه جون بولتون “الصهيوني بامتياز” مستشارا للأمن القومي الأمريكي والذي يؤيد استخدام القوة على الساحة الدولية ويدعو إلى تقسيم دول المنطقة خدمة للهيمنة الإسرائيلية والأمريكية عليها.

لكن مخططات زمرة الحمقى ستفشل بفضل تمسك الشعوب بسيادة دولها واستقلالها وقرارها الوطني وهذه الشعوب لن تسمح بتنفيذ المشاريع المعدة لتفتيت المنطقة وتدميرها بأموال أنظمة خليجية وفي مقدمتها النظام السعودي الذي آثر ولي عهده محمد بن سلمان المضي في “صفقة القرن” الأمريكية على حساب حقوق الشعب الفلسطيني المحتل و”التحالف” مع كيان الاحتلال الإسرائيلي بذريعة “مواجهة إيران”.