سامر محمد اسماعيل: مهرجان سينما الشباب والأفلام القصيرة وقف بوجه السينما البديلة

دمشق-سانا
أرادت المؤسسة العامة للسينما من مهرجان سينما الشباب والأفلام القصيرة الذي اختتمت فعالياته أمس أن يكون متنفسا للمواهب والطاقات الشابة التي تجد في الشاشة الفضية منبرا تطرح عبره أفكارها ما يساعد على بناء جيل جديد من السينمائيين الذين منعتهم الظروف من دراسة الفن السابع أكاديميا.
وتشكل الدورة الأولى من المهرجان بحسب الكاتب والناقد سامر محمد اسماعيل عودة لإنقاذ الحساسية السينمائية من غول اسمه التلفزيون ولاسيما أن المؤسسة العامة للسينما هي الاستديو الوحيد في العالم العربي الذي لا يزال منتجاً للأفلام من ألفها إلى يائها وهذا ما يفسح المجال لتقدم نخب سينمائية في سورية إلى واجهة الفعل الثقافي بعد طغيان أفلام سينما الموءلف.
وأضاف اسماعيل خلال حوار مع سانا الثقافية ان سينما الهواة هي مختبر مهم من حيث قدرته على إنتاج تيارات واتجاهات سينمائية يعجز عنها المخضرمون في هذا الشأن.
ويأتي مهرجان سينما الشباب كما رأى اسماعيل ليعزز سينما وطنية لا تهدد بالحداثة ولا بقالب بصري منفلش بل لتراهن على توريات غاية في الأهمية والجرأة متحديةً نفسها باحثةً عن ذاتها بين خضم المهرجانات الدولية التي رسخت مهرجانات التشريفات ونجوم هوليوود و السجاد الأحمر.
وبين صاحب الفيلم السوري القصير توتر عالي الذي عرض في مهرجان سينما الشباب والأفلام القصيرة بدار الاوبرا إن هذا المهرجان يقف كسينما وطنية في وجه طغيان سينما هوليوود وسوق أفلامها السوداء مثلما يقف في وجه عادات المشاهدة في غرف الجلوس التي جعلها التلفزيون ومسلسلاته أفيوناً يومياً لتخريب
الذائقة البصرية للمتلقي العربي و في وجه ما يسمى السينما البديلة التيار الذي يتغذى من أموال القنصليات الأجنبية وسفارات الغرب وصناديق الدعم المتصهينة التي تعمل ليلا نهارا على إنتاج أفلام لشباب عربي يطلب منه دائماً اللعب على أجندات نشر الغسيل الوسخ.
فأفلام ما يعرف بـ/ السينما البديلة من وجهة نظر اسماعيل/ لا يقدم إلا أفلام جرائم الشرف وقصص الشذوذ الجنسي والاغتراب عن البلاد والانتماء إلى فضاء عولمي بلا شخصية ولا هوية مبينا ان السينما البديلة تعزز كل ما له علاقة بالأمراض الثقافية المزمنة التي تصوغها صناديق الدعم المشبوهة وفق تقسيمات
جغرافية سياسية على سبيل سينما الشرق الأوسط وشمال إفريقيا أو أفلام الجنوب وسواها من تلك الإنشاءات الرخيصة لافتا إلى ازدياد عدد الأفلام التي ينفذها فلسطينيون بتمويل من قبل التيارات المتأسرلة داخل الثقافة الفلسطينية التي تدعو في جلها إلى التطبيع مع العدو الصهيوني.
وحقق مهرجان سينما الشباب والأفلام القصيرة بحسب صاحب الفيلم الروائي سلم إلى دمشق الكثير من أهدافه في عامه الأول متخطياً الكثير من العقبات التي نشهدها بحكم الأزمة فاستعاد زمام المبادرة السينمائية من جديد من مهرجانات النفط التي قامت بفرض حصار جائر على الأفلام السورية ومخرجيها والوقوف في وجه مخرجين سينمائيين سوريين تخلوا عن بلادهم وعن موءسستهم وقت الأزمة شاهرين كل أسلحة الضغينة والجحود لها ولوطنهم.
وعن فيلمه توتر عالي أشار اسماعيل إلى أنه سيناريو كتبه عن الأزمة في سورية دون أن يكون هناك أي مباشرة حيث حرص أن يكون نص هذا الفيلم بمثابة موقف سينمائي من مسلسلات التلفزيون التي شوهت سكان العشوائيات وفكرتهم عن المدينة كمكان للجريمة والانحلال الأخلاقي ولهذا كان التعاون مع مخرج أكاديمي وموهوب هو المهند كلثوم الذي أسندت له موءسسة السينما مهمة تحقيقه كفيلم روائي قصير.
يحكي فيلم توتر عالي قصة حب بين شاب يعمل كتقني إضاءة في مسلسلات التلفزيون وفتاة تدرس التمثيل في المعهد العالي للفنون المسرحية حيث تدور لعبة طفولية بين هاتين الشخصيتين اللتين تسرفان في الحلم إلى أن يصطدما بجدران الواقع القاسية حيث تنتهي قصة الحب نهاية دراماتيكية تتداخل فيها المصائر الشخصية بالمصائر الموضوعية للبلاد.
وفي نهاية الفيلم نشهد على حدث استثنائي تبرمه الظروف ليتحول انقطاع التيار الكهربائي في غرفة هذين الشابين إلى تراجيديا من نوع خاص يكون فيها المشهد الختامي بمثابة وداعات متتالية لا تترك لنا مهلة لتفقد الأحبة إلا حين نشاهد اللقطة الأخيرة التي ستكون صادمة وقاسية لكنها واقعية بما لا يترك مجالاً لتصديق ما
حدث وكيف تتحول لعبة بريئة بين عاشقين على حافة الأمل إلى مأثرة معاصرة.
وعبر عن اعجابه بالروءية الإخراجية التي قدم بها المخرج المهند كلثوم السيناريو و سعادته بأن تنتجه موءسسة عريقة مثل الموءسسة العامة للسينما التي أنتجت عشرات الأفلام الروائية الطويلة والقصيرة ناهيك عن الأفلام الوثائقية التي غطت معظم جوانب الحياة السورية المعاصرة منوها باداء الممثلين في توتر
عالي حيث أدى كل من الفنانين علي صطوف وأديب قدورة ومي مرهج أدوارهم بأناقة عالية وصدق كبير.
وأوضح أن فيلمه توتر عالي ليس التعاون الوحيد له مع مؤسسة السينما فبعد إنجازه لسيناريو الفيلم الروائي الطويل / سلم إلى دمشق/ قدم للمؤسسة نصين طويلين هما سيناريو لفيلم روائي طويل بعنوان /ما ورد/ عن رواية / عندما يقرع الجرس/ للأديب محمود عبد الواحد الذي سيحققه الفنان باسل الخطيب للموءسسة قريباً اضافة الى سيناريو روائي طويل بعنوان / كل شيء يحدث في غيابكِ/ سيحققه الفنان أحمد إبراهيم الأحمد للموءسسة مطلع العام المقبل كما كتبت مؤخراً سيناريو لفيلم روائي قصير بعنوان / رقص شرقي/ سيحققه للمؤسسة المخرج عوض قدرو وكلها تتناول الأزمة في سورية من زاوية مختلفة فضلا عن الشروع بسيناريو لفيلم روائي طويل بعنوان/بين أسوار دمشق/.
يذكر أن سامر محمد إسماعيل مواليد دمشق 1977 خريج قسم الصحافة بجامعة دمشق وهو صحفي وكاتب في جريدة تشرين السورية /القسم الثقافي/ ويتولى الإشراف على صفحة دراما الأسبوعية وله زاوية اسبوعية تعنى بالشأن السينمائي والميديا والدراما في التلفزيون السوري ويعمل مراسلا ثقافيا لصحيفة السفير اللبنانية كما صدر له العديد من المؤلفات في الشعر والقصة والمسرح والنقد.
شذى حمود

انظر ايضاً

وفاة ثلاثة أشخاص جراء حادث على طريق دمشق – حمص قرب جسر القطيفة

ريف دمشق-سانا توفي 3 أشخاص من جراء اصطدام سيارة خاصة بشاحنة محمّلة بالبضائع على طريق …